واشنطن 20 يونيو 2018 /وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب،الذي يواجه ردود فعل محلية ودولية عنيفة، أمرا تنفيذيا يوم الأربعاء يقضى بوقف العمل بالممارسة المثيرة للجدل التي انتهجتها الإدارة والمتعلقة بفصل أبناء المهاجرين عن آبائهم الذين يعبرون الحدود الأمريكية بصورة غير قانونية.
تأتي هذه الخطوة في وقت أثارت فيه هذه الممارسة، الناتجة عن سياسة "عدم التهاون التام" التي تتبعها إدارة ترامب ضد الهجرة غير الشرعية ، غضبا ونقدا حادا من داخل البلاد وخارجها في الأيام الأخيرة، وتم التنديد بها بوصفها قاسية وغير إنسانية.
-- إنهاء فصل الأسر ولا لسياسة (عدم التهاون التام)
يوجه الأمر الصادر عن ترامب، والذي صاغته وزيرة الأمن الداخلي كيرشتين نيلسن، يوجه وزارتها بالإبقاء على الأسر بعضها مع بعض عقب احتجازها بتهمة عبور الحدود بصورة غير قانونية.
وقال ترامب، في كلمة له من المكتب البيضاوي في البيت الأبيض ، "لم أشعر بالارتياح لمرأى" الأسر وقد فصل أفرادها عن بعضهم البعض.
وسوف يعمل أمره التنفيذي على الإبقاء على معظم الأسر بعضها مع بعض خلال عملية المقاضاة والترحيل على الحدود، فيما عدا في الحالات التي قد يشكل فيها شخص بالغ تهديدا لطفل. كما سيتم إعطاء الأولوية للأسر في عملية إصدار الأحكام .
كما يوجه الأمر وكالات أخرى، من بينها البنتاغون ، باتخاذ خطوات لتوفير أماكن لإيواء الوحدات العائلية. وقد ألمح وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس إلى أن وزارته سوف "تستجيب إذا طلب منها" إيواء مهاجرين محتجزين.
لكن الرئيس أكد على استمرارية سياسة "عدم التهاون التام" التي يتم بموجبها احتجاز ومحاكمة كل شخص بالغ يعبر الحدود بصورة غير قانونية.
وقال ترامب "نحن نوقع أمرا تنفيذيا. إنني اعتبره أمرا تنفيذيا هاما جدا. فالأمر يتعلق ببقاء الأسر بعضها مع بعض، وفي الوقت نفسه التأكد من أن لدينا حدودا قوية للغاية ومنيعة للغاية".
-- تغيير الموقف في ظل الضغوط
لقد أدت مشاهد ينفطر لها القلب لصور وعويل الأطفال الذين فصلوا عن ذويهم إلى عاصفة من المعارضة لحملة إدارة ترامب ضد الهجرة غير الشرعية.
كما تزايدت الضغوط مساء الثلاثاء بعدما أفادت تقارير بأن مسؤولين بإدارة ترامب يرسلون الأطفال الرضع وغيرهم من الأطفال الصغار الذين تم فصلهم قسرا عن آبائهم على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك إلى ثلاثة على الأقل من ملاجئ "الطفولة المبكرة" جنوبي تكساس.
وتشير الأرقام الحكومية إلى أن أكثر من 2300 قاصر تم فصلهم عن أسرهم عقب عبورهم الحدود الجنوبية للولايات المتحدة مع المكسيك بصورة غير قانونية في الفترة من 5 مايو حتى 9 يونيو.
وذكر الرئيس أن أزمة فصل الأسر لا يمكن حلها بأمر تنفيذي وأصر على أن الإدارات السابقة والديمقراطيين والكونغرس هم المسؤولون عن هذا الوضع.
وقال الديمقراطيون إن هذا الوضع ناتج عن خطأ ترامب واتهموه باستخدام الأبناء كوسيلة لإرغامهم على التفاوض بشأن الهجرة والجدار الحدودي الذي وعده الرئيس بإقامته منذ فترة طويلة.
وقد أدانت المنظمات الدولية والجماعات العاملة في مجال حقوق الإنسان وعدة دول ممارسة فصل الأسر. كما انضم بعض الجمهوريين إلى الديمقراطيين في التعبير عن مخاوفهم حيال ذلك.
وذكر مسؤول بالبيت الأبيض أن السيدة الأمريكية الأولى ميلانيا ترامب "عبرت عن رأيها "لزوجها بأنه بحاجة إلى بذل كل ما في وسعه للإبقاء على أسر المهاجرين بعضها مع بعض.
ويقول الخبراء إنه رغم سعي ترامب إلى تدعيم القاعدة التي يرتكز عليها من خلال تطبيق قوانين صارمة في مسألة الهجرة، إلا أن خطوات مثل دفع تنفيذ عمليات فصل الأسر قد تؤدى إلى نتائج عكسية وتضر بفرص المرشحين الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي المقرر إجراؤها في نوفمبر المقبل.
وقال داريل ويست، الزميل الأقدم بمؤسسة "بروكينغز إنستيتيوشن" البحثية، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "فصل الأمهات عن الأطفال الصغار ليس قضية رابحة بالنسبة له".
-- التزام التشدد تجاه الهجرة وممارسة ضغوط على الكونغرس
أعلن ترامب عزمه توقيع المرسوم في البيت الأبيض في وقت سابق من اليوم، ولكنه أكد مجددا على موقفه المتشدد إزاء الهجرة وأمن الحدود.
وذكر ترامب "إننا نبقى على الأسر بعضها مع البعض ولكن علينا الحفاظ على حدودنا قوية"، مضيفا بقوله "لا يزال يتعين علينا الحفاظ على الصرامة وإلا سيجتاح بلادنا أناس، وجرائم، وكل الأشياء لا نطيقها والتي لا نريدها".
"فالحدود مسألة صعبة للغاية"، هكذا قال ترامب وهو يوقع الأمر التنفيذي.
وأشارت منظمة (المركز القانوني الجنوبي للقضاء على الفقر) إلى أن الأمر الذي وقعه ترامب لوقف العمل بسياسة فصل الأسر لا يكفي.
وقال رئيس المنظمة ريتشارد كوهين في بيان إن الإنفاذ العشوائي "يحطم" المجتمعات في أنحاء البلاد.
وذكر ترامب يوم الأربعاء أنه سوف "يقوم بشئ وقائي إلى حد ما، ولكن سيقابله تشريع في نهاية المطاف"، حيث يسعى المشرعون جاهدين إلى إيجاد أرضية بشأن الحلول التشريعية لمسألة فصل الأسر.
وكان الرئيس قد اجتمع مع الجمهوريين بمجلس النواب يوم الثلاثاء لمناقشة تشريعات الهجرة، حيث كانت سياسة فصل الأسر موضوعا محوريا فيها.
وفي خطوة مفاجئة، ذكر ترامب أنه سيؤجل نزهة كان من المقرر أن يقوم بها المشرعون الأمريكيون وأسرهم إلى البيت الأبيض يوم الخميس في الوقت الذي يتناولون فيه قضية الهجرة.
وذكر ترامب "نريد أن نرى ما إذا كان بإمكاننا حلها، لذلك نقوم بإلغاء أو تأجيل نزهة أعضاء الكونغرس غدا".
وقال رئيس مجلس النواب بول ريان يوم الأربعاء إن المجلس سيعقد جلسة للتصويت على قانون حول الهجرة يوم الخميس من شأنه أن ينهي عملية فصل الأسر، ولكن فرص تمريره غير واضحة.