القاهرة 5 أغسطس 2018 /عقد وزير الخارجية الإيطالي إنزو ميلانيزي، اليوم (الأحد) سلسلة لقاءات في القاهرة، في أول زيارة لوزير خارجية إيطالي لمصر منذ 2015، وفي "رسالة واضحة بمتانة العلاقات"، بعد التوتر الذي شابها جراء مقتل الباحث جوليو ريجيني.
واستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، ميلانيزي حيث أكد حرص مصر على دفع العلاقات الثنائية والارتقاء بالتعاون المشترك في مختلف المجالات.
وصرح المتحدث الرئاسي بسام راضى، بأن اللقاء شهد استعراض عدد من الملفات الثنائية، حيث أكد السيسي اهتمام مصر بالكشف عن ملابسات مقتل ريجيني، ومواصلة التعاون الكامل مع إيطاليا بشفافية تامة من خلال السلطة القضائية ممثلة في النيابة العامة المصرية التي تقوم بالتنسيق مع نظيرتها الإيطالية، لمعرفة مرتكبي الجريمة وتقديمهم للعدالة.
وكانت العلاقات بين البلدين شهدت توترا إثر مقتل الإيطالي جوليو ريجيني (28 عاما) في القاهرة، وهو طالب دكتوراة بجامعة كامبريدج البريطانية كان يعد أطروحة حول الحركات العمالية في مصر.
واختفى ريجيني في 25 يناير من العام 2016 قبل أن يتم العثور على جثته بعد تسعة أيام وعليها آثار تعذيب.
وأدى التحقيق في هذه القضية إلى خلافات بين البلدين، سحبت على إثرها إيطاليا سفيرها من القاهرة في 10 إبريل 2016 للتشاور، قبل أن تعين سفيرا في سبتمبر الماضي بعد التحسن الذي طرأ على التعاون القضائي بين البلدين في القضية.
كما بحث السيسي والوزير الإيطالي الأزمة الليبية، حيث تم التأكيد على أهمية الاستمرار في دعم جهود التسوية السياسية وكسر الجمود الراهن في الأزمة، فضلاً عن دعم مساعي المبعوث الأممي في هذا الإطار، وأهمية الإعداد الجيد للانتخابات الليبية القادمة وإنجاحها بما يساهم في التعبير عن الإرادة الحقيقية للشعب الليبي واستعادة الاستقرار، حسب راضي.
وشملت المباحثات كذلك ملف الهجرة غير الشرعية، إذ أشار السيسي للتدابير الفعالة التي تبنتها مصر داخليا على المستويات التشريعية والاقتصادية، فضلاً عن تأمين الحدود والسواحل، والتي أسفرت عن وقف تدفقات الهجرة غير الشرعية من السواحل المصرية منذ سبتمبر 2016.
وأكد الجانبان أهمية التعامل مع الهجرة غير الشرعية من خلال تبني استراتيجية شاملة تعالج أسبابها الجذرية من مختلف الجوانب، والعمل على تسوية الأزمات القائمة بالمنطقة، والدفع بجهود التنمية وتحسين مستوى المعيشة لشعوبها.
من جانبه، اعتبر وزير الخارجية الإيطالي إنزو ميلانيزي زيارته "رسالة واضحة بمتانة العلاقات التاريخية" مع مصر، مؤكدا حرص الحكومة الإيطالية على دفع هذه العلاقات.
وأشاد بـ "التعاون الإيجابي والشفافية" بين مصر وإيطاليا فيما يخص مقتل ريجيني، وتمنى "إنهاء هذه القضية في أقرب فرصة ممكنة ومحاسبة المسئولين عنها".
كما أشاد بالجهود الحثيثة التي تبذلها مصر لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية، مؤكداً أهمية تلك الخطوة في تدعيم قدرات ليبيا ومؤسساتها الأمنية وعودة الأمن والاستقرار إلى أراضيها.
كما عقد وزير الخارجية المصري سامح شكري اجتماعا مع ميلانيزى.
وقال المتحدث باسم الخارجية أحمد أبو زيد، إن شكري أعرب عن تطلعه لأن تمثل تلك الزيارة "قوة دفع جديدة لتطوير العلاقات" بين البلدين.
واستعرض الوزيران أهم ملامح العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث تعد إيطاليا الشريك الثاني لمصر أوروبيا والرابع عالميا بحجم تبادل تجاري 4.75 مليار يورو، كما تعد أكبر مستورد من مصر بقيمة 1.8 مليار دولار، وخامس أكبر مستثمر أجنبي في مصر بقيمة 7 مليارات يورو.
وأشاد شكري بقرار إيطاليا افتتاح مكتب لوكالة ضمان الصادرات الإيطالية "SACE" في القاهرة، حيث تقدم الوكالة ضمانات حكومية للشركات الإيطالية الراغبة في الاستثمار بمصر.
وتطلع إلى تفعيل مجلس رجال الأعمال المشترك المتوقف منذ عام 2016، كما أثنى على الدور المحوري الذي تلعبه إيطاليا لمساندة مصر في التحول لمركز إقليمي لتداول الطاقة ونقلها لأوروبا، مشيراً إلى استمرار عمليات التنقيب التي تنفذها شركة (إيني) الإيطالية، والعقد الموقع مؤخراَ بين وزارة البترول المصرية وشركة (TECHNIP) الإيطالية لرفع القدرة التكريرية لمعمل ميدور بالإسكندرية بتكلفة تتجاوز 1.5 مليار دولار.
وأكد أن هناك اهتماما بالغا من الحكومة المصرية بمشروع إنشاء جامعة إيطالية في مصر.
وفيما يتعلق بالملفات الإقليمية، تناولت المباحثات الأزمة الليبية في ظل الاهتمام المشترك الذي يوليه الجانبان للشأن الليبي، حيث رحب شكري بالتعاون مع الجانب الإيطالي للتوصل إلى صيغة شاملة تحقق الاستقرار السياسي والأمني في ليبيا، وتواجه الإرهاب، وتعيد بناء مؤسسات الدولة الليبية، وتتيح إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في أقرب فرصة.
كما تطرقت المباحثات للقضية الفلسطينية والأوضاع فى القارة الأفريقية، خاصة منطقة القرن الإفريقى والصومال.
ووجه ميلانيزي الدعوة لشكرى للمشاركة فى منتدى "روما لحوار المتوسط" المقرر فى نوفمبر القادم.
وفي مؤتمر صحفي عقب اللقاء، قال شكر " نعمل بكل جهد على تجاوز التحدي الذي واجهته العلاقات"، وأشار إلى "توافق الجانب الإيطالي مع الإرادة المصرية للسير قدما في العمل المشترك".
وأضاف أنه " تم الاتفاق على إيجاد فرص جديدة للاستثمارات الإيطالية في مصر، وزيادة الصادرات المصرية إلى إيطاليا، ودعم جهود مصر في الإصلاح الاقتصادي".
ومساء اليوم، تفقد ميلانيزي ووزير الآثار المصري خالد العناني، معرضا في المتحف المصري بميدان التحرير، يضم نتائج أعمال البعثات الأثرية الإيطالية العاملة بمصر.
وقالت صباح عبدالرازق مدير عام المتحف، إن المعرض يضم 180 قطعة من أهم القطع الأثرية التي اكتشفتها البعثات الأثرية الإيطالية ومعظمها يعرض لأول مرة.
وتعمل في مصر أكثر من 20 بعثة إيطالية أثرية، بتمويل من وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإيطالية.
كما التقى الوزير الإيطالي أيضا بابا الأقباط تواضروس الثاني، وذلك في المقر البابوي بالكاتدرائية المرقسية في منطقة العباسية بالقاهرة.
ورأى الدكتور طارق فهمي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، أن العلاقات بين مصر وإيطاليا " في أفضل أحوالها حاليا".
وقال فهمي في تصريح لوكالة أنباء (شينخوا)، إن القاهرة وروما "تجاوزتا أزمة ريجيني منذ فترة طويلة، وهناك تجاوب مصري وإيطالي واضح في الملفات الثنائية والإقليمية، وربما استبقت القضايا الإقليمية وعلى رأسها الملف الليبي وأمن البحر المتوسط القضايا الثنائية خلال الزيارة".
وتابع " اعتقد أن هناك سعيا من جانب البلدين لتعزيز وتطوير العلاقات الثنائية بما يخدم الطرفين"، وتوقع المزيد من التفاهمات بشأن ليبيا حيث يقترب موقف إيطاليا كثيرا من نظيره المصري في هذه القضية.
كما توقع إقدام مصر وإيطاليا على تطوير التعاون المشترك، في ظل الحرص المتبادل على تعزيز العلاقات الثنائية.