تحرير وترجمة/ د. فايزة سعيد كاب
أبلغ وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، نظيره التركي، مولود تشاووش أوغلو خلال اتصال هاتفي في يوم 18 أغسطس الجاري، بأن بكين تدعم الجانب التركي في حماية أمنه واستقراره وجهوده في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأن الصين مستعدة للعمل مع تركيا لحماية الدول النامية خاصة الحقوق والمصالح المشروعة للاقتصادات الناشئة. ومن جانبه، أعرب مولود تشاووش أوغلو عن استعداده لتعزيز التواصل الاستراتيجي مع الصين، آملا في زيادة تعميق التعاون المتبادل المنفعة مع الصين.
يعتقد بعض المحللين أن الاحتكاكات بين تركيا والولايات المتحدة ستشهد تصاعدا، وأنه من الصعب ترميم الشقوق على كلا الجانبين. وأن دبلوماسية الدول الكبرى ستصبح اتجاه الدبلوماسية التركية المستقبلية.
وترى صحيفة غلوبال تايمز في تعليق لها نشرته يوم 19 أغسطس الجاري، أن التعديل الاستراتيجي في الدبلوماسية التركية باعتبارها قوة مؤثرة في الشرق الاوسط سيخلق قوة عالمية دافعة. ويبين فحوى الاتصال الهاتفي الذي اجراه وزير الخارجية الصيني مع نظيره التركي، أن بكين استجابت بشكل ايجابي لرغبة انقرة في تعزيز الاتصال الاستراتيجي فيما بينها، وتوسيع التعاون الودي بين البلدين، وبالأخص دفع بناء المشترك من الجانبين الصيني والتركي لـ" الحزام والطريق".
ومع ذلك، لوحظ عدم مواكبة الراي العام الصيني التغيرات في الوضع في الشرق الاوسط بشكل كامل، ولا يزال البعض يفهم تركيا والعلاقات الصينية ـ التركية في إطار الماضي، ويدعون الى اليقظة وتعديل العلاقات بين البلدين على اساس التغيير، وضرورة عدم التسرع في الاستجابة لنية توسيع التعاون الصيني ـ التركي. ويعود سبب ذلك الى أن تركيا البلد الشرق اوسطي الذي خلق أكبر المشاكل للصين في نصف القرن الماضي، وأن انقرة لم ترسل " لواء تركي " للقتال جنبا الى جنب مع الجيش الأمريكي اثناء الحرب الكورية فحسب، وإنما صنع عقبات في طريق حاملة الطائرات الصينية لعبور مضيق البوسفور قبل بضعة سنوات، بالإضافة الى احتيال تركيا على الصين في قضية شراء تركيا لصواريخ العلم الأحمر- 9 ارض / جو صينية. ويعتبر تسخين تركيا لقضية شينجيانغ من وقت لآخر، والعمل على تشجيع بعض القوى المحلية لتوجه نحو إيديولوجية «شرق تركستان»، ومساعدة مجموعة صغيرة من الراديكاليين في شينجيانغ على الدخول الى الشرق الأوسط بشكل غير قانوني خلال السنوات القليلة الماضية سلوك غير مقبول ولا ينبغي التغاضي عنه اطلاقا. كما ادلت تركيا بتصريحات غير مسؤولة عن سياسة الأقليات العرقية الصينية في شينجيانغ.
شهدت العلاقات الصينية ـ التركية مسارا معقدا في الماضي، ومع ذلك لم تتشكل اسباب كافية لإعاقة توسع دائرة التعاون الصيني التركي في مجال الاتصال الاستراتيجي. كما لا تواجه الصين وتركيا تناقضا يصعب حله، وقد ازدادت حماسة تركيا لتطور العلاقات مع الصين بشكل كبير بعد زيارة اردوغان للصين في عام 2015. وطغت الطاقة الايجابية على الخلافات في توسيع التعاون بين البلدين، وشهدت العلاقات الصينية ـ التركية تغيرات ايجابية.
كما لا ينبغي أن يكون تقييم العلاقات التركية ـ الصينية بسيطا، وإنما بحاجة الى أن يكون متماشيا مع الواقع، وأن تكون الرؤية متطابقة مع مهمة ورسالة وقوة الصين الحقيقية. وتركيا تتمتع بآثار إيجابية وسلبية على حد سواء في تحقيق المصالح الوطنية للصين، والاخيرة بحاجة الى اجراء تقييم ومقارنة موضوعيين، وتنفيذ سياسات ايجابية وتجنب الضرر.
يتوقع أن تصبح تركيا واحدة من شركاء الصين الاستراتيجيين، وربما قد تستمر ايضا في اللعب دورا سلبيا في قضية شينجيانغ في المستقبل، لكن النقطة الاكثر اهمية في هذا الصدد هي القدرة على الحد من التدخل التركي في شؤون شينجيانغ خلال مسار تشكيلها كشريك استراتيجي للصين. وأن سياسة ضرب عصفورين بحجر واحد التي تنتهجها الصين تجاه تركيا سيحقق المنفعة المتبادلة والربح للجانبين.
لا يوجد تضارب مهم في المصالح الصينية التركية، وايديولوجية تركيا العظيمة في تركيا تم تحطيمها من قبل الواقع القوي لعالم اليوم، وباتت بعض التحديات التي تواجهها تركيا حاليا تواجهها الصين ايضا. وأن تحول الصين وتركيا الى شريكين يستحق اهتمام الصين، وبغض النظر عن اي وجهة نظر، جميعها خيارات جيدة وغير ضارة للصين.
تطوير الصين لعلاقاتها مع تركيا مفيد للطرفين في الظل الاستراتيجي والاقتصادي. وأن امتلاك تركيا اقوى اقتصاد في الشرق الاوسط، وتركيز التجارة التركية على أوروبا في الماضي سيخلق فضاءا واسعا أمام الصين وتركيا لتعزيز التعاون الاقتصادي.
إن فهم المجتمع الصيني للعلاقات الصينية ـ التركية بوضوح سيخلق بيئة مواتاة للتفاعل بمرونة مع تركيا، وتصدي معوقات التعاون التنموي بين البلدين، ودفع السفينة نحو الرياح التي تساعد على رفع الشراع.