دمشق 19 أغسطس 2018 / تشعر بالدهشة والفرحة حقا وانت تشاهد في نفق كان قبل عدة اشهر من الآن نفقا يستخدمه المسلحون في قصف العاصمة دمشق والأحياء السكنية بالقذائف الصاروخية والهاون ، وليتحول بفعل اصرار الفنانين السوريين من نفق للموت والإرهاب إلى تحفة فنية رائعة تضم عشرات المنحوتات على جدرانها الترابية تجسد تراث سوريا وتاريخها المعاصر وتضحيات الجيش في حربه ضد الارهاب .
وحي جوبر الدمشقي ( شرق العاصمة ) شهد طيلة السنوات السبع الماضية من عمر الحرب السورية اعتداءات كثيرة ، ومن يرى الأنقاض الموجودة فيه يستطيع أن يقرأ شدة المعارك التي كانت تدور هناك قبل أن يصبح تحت سيطرة الجيش السوري ، فهذا الحي كان محط اهتمام وسائل الاعلام الغربية والعربية أبان الحرب والسلم .
والمنحوتات التي تم تجسيدها على جدران النفق الذي حفره المسلحون من تحت مدرسة في حي جوبر بريف الغوطة الشرقية بدمشق ، كانت تمجد الجيش السوري إلى حد كبير وتضمنت بعض التماثيل للأطفال ولوحات تعبر عن السلام .
ورسم أحد النحاتين على قطعة من جدار النفق جندي يرفع العلم السوري بينما كان رفيقه يواجه قذيفة هاون بجسده ، كعرض للتضحية من أجل البلد.
وجسد فنان آخر أم تعانق طفلها بشعرها الذي يغطيه بالزهور والحمام.
والشيء اللافت حقا أن هذا الأفكار يمكن أن تولد في خضم الحرب ، ويبدو أن هذه الأفكار أصبحت حقيقة وتحت الضوء الآن لأن الوضع في سوريا يعطي شعوراً بأن الحرب تقترب من نهايتها.
وفكرة تحويل جدران أنفاق الحرب إلى المنحوتات أول ما توصل إليها الجندي السوري ، مهند معلا ، الذي كان جنديا في الجيش السوري ، وهو بالأصل نحاتًا عندما قام بعمل أول منحوتة فنية على جدار في نفق بينما كانت الحرب لا تزال مشتعلة في الغوطة الشرقية بريف دمشق .
والآن بعد أن استعادت القوات الحكومة السورية الغوطة الشرقية بكاملها مع كل مدنها ومناطقها في وقت سابق من هذا العام ، انضم المزيد من الفنانين إلى الفنان معلا وأنشأوا مجموعة جميلة من المنحوتات في هذا النفق الذي يقع في حي جوبر.
بالطبع ، هناك رسالة وراء هذا العمل الفني الجميل أن سوريا سوف تعود مرة أخرى للحياة من بين الأنقاض ، وهي رسالة بأن سوريا بدأت تتعافى .
وقال الفنان معلا لوكالة انباء (( شينخوا)) "لقد بذلنا قصارى جهدنا لنقول للرأي العام إن سوريا من المستحيل أن تموت حتى لو تضررت كثيرا من الحرب ".
وأضاف معلا إن الفكرة ولدت عندما أراد أن يوثق مشاعره حول تضحيات الجنود في طريقه ، مما يجعله يجسد منحوتة على الجدران لتكون البداية .
وتابع يقول "حاولنا سرد قصة تضحيات الجيش السوري ، عن أم الشهداء ، وعن رموز هذا الوطن وإلقاء الضوء على إنسانية الجيش السوري حول الأمل في نهاية الحرب في سوريا تقريباً سوريا القديمة ".
وشارك 18 فنانا سوريا في نحت المنحوتات داخل النفق ، والذي وصفه الدمشقيون سابقا بأنه نفق الموت حيث استخدمه المسلحون المتطرفون لنقل الأسلحة وإطلاق قذائف الهاون التي كانت تطلق باتجاه المناطق السكنية في دمشق بشكل عشوائي وقتل الناس .
واستغرق العمل في هذا النفق قرابة الشهر تقريبا لإنهاء 20 منحوتة على جدران النفق الذي يبلغ عمقه تسعة أمتار تحت الأرض.
وقام الرئيس السوري بشار الأسد مؤخراً بزيارة النفق مع زوجته أسماء ، وأشاد بجهود الفنانين الذين قال إن "الظلام والدمار والموت هي ثقافتهم (الثوار) بينما البناء والنور والفن والحياة هي ثقافتنا ".
وقال أنس قطرامز ، رئيس فريق آرام ، الذي يجمع بين الفنانين الذين أنجزوا الأعمال الفنية في النفق ، إن الفنانين ينتمون إلى العديد من المناطق السورية ويجتمعون من خلال حبهم للفن وقاموا بالعمل بروح فريق واحد .
ومن جانبها قالت أمينة الناعم ، إحدى الفنانات المشاركات بلوحة فنية إن " فكرة العمل الفني هي تحويل النفق من مكان لتهديد الناس إلى مكان يشع منه الحضارة و يعرض أعمال الجمال والمحبة وثقافة السلام " .