القاهرة 11 نوفمبر 2018 /بحث مسئولون ورجال أعمال عرب وصينيون مستقبل التعاون بين الجانبين في مجال الطاقة بصفة عامة، والطاقة المتجددة بصفة خاصة، وسبل تعزيز هذا التعاون.
وخلال الدورة السادسة لمؤتمر التعاون العربي - الصيني في مجال الطاقة، والذي عقد بالقاهرة أخيرا، برزت أهمية مشروعات الطاقة الحالية التي تنفذها شركات صينية في بعض الدول العربية، بالاضافة إلى فرص التعاون المستقبلي في هذا المجال.
وركز الجانبان في مناقشاتهما على مجال الطاقة المستدامة والمتجددة والنظيفة كأهم محاور التعاون في مجال الطاقة بين الجانبين.
"أصبحت الطاقة مسألة أمن قومي لكل دول العالم بما فيها الصين ومصر والدول العربية"، بحسب الدكتور محمد موسى عمران وكيل أول وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة بمصر للبحوث والتخطيط والتعاون الدولي، رئيس الجانب العربي في هذه الدورة.
وقال موسى، لوكالة أنباء ((شينخوا))، "إن الدول العربية يمكنها التعاون مع الصين في مجال الطاقة وهناك فرص كبيرة في الدول العربية لإنشاء محطات للطاقة المتجددة وتصنيع مهماتها محليا".
من جانبه، قال ليو باو هوا نائب مدير إدارة الطاقة الوطنية في الصين، والذي يرأس الوفد الصيني، إن التعاون العملي بين والعالم العربي في مجالات البترول والغاز الكهرباء والطاقة النووية والطاقة المتجددة يزداد عمقا، واصفا التعاون بين الجانبين بالقوي والمثمر.
المشروعات المشتركة
وتتولى شركات صينية كبرى مثل شركة الشبكة الوطنية الصينية للكهرباء و((دونغ فانغ)) و((شانغهاي إلكتريك)) و((سينوهيدرو)) تنفيذ عدة مشروعات للطاقة العملاقة في بعض الدول العربية، منها مصر والامارات والمغرب والأردن.
وتتضمن هذه المشروعات بناء مجمعات للطاقة الشمسية ومحطات لتوليد الكهرباء بالفحم وتطوير الشبكات الكهربائية ومد خطوط نقل الكهرباء.
ويقوم تحالف صيني يضم شركتي ((دونغ فانغ)) و((شانغهاي إلكتريك)) ببناء أول محطة لتوليد الكهرباء بالفحم في منطقة الحمراوين على ساحل البحر الأحمر، جنوب شرق القاهرة، بقدرة ستة آلاف ميجاوات.
وقال المسئول المصري "ونعمل أيضا مع شركة ((سينوهيدرو)) في بناء محطة الضخ والتخزين بجبل عتاقة بمحافظة السويس، شرق القاهرة، بسعة 2400 ميجاوات، إلى جانب مشروعات أخرى بالتعاون مع شركات صينية مثل شركة الشبكة الوطنية الصينية و هواوي".
وأشار موسى إلى تلقى مهندسين مصريين لدورات تدريبية كل عام بالصين للتعرف على أحدث التقنيات في مجال الطاقة.
فيما تقوم ((شاندونغ)) الصينية لإنشاءات الطاقة، التابعة لشركة ((باور تشاينا))، منذ العام 2015 بانشاء مجمع "نور" للطاقة الشمسية الحرارية بمدينة ورزازات جنوب شرق المغرب.
ويقول مسئولون مغاربة إن مجمع ((نور)) للطاقة الشمسية بسعة 580 ميجاوات سيكون خطوة كبيرة في خطة البلاد لانتاج 42 بالمائة من استهلاك الكهرباء من الطاقة المتجددة بحلول العام 2020، و52 بالمائة بحلول العام 2030.
ومن المقرر أن ينتج المجمع طاقة نظيفة لأكثر من مليون منزل في المغرب، كما سيوفر فائضا للتصدير.
وفي الإمارات، يقوم تحالف يضم شركتي ((هاربين)) الصينية و((أكوا باور)) السعودية ببناء محطة "الحسيان" في دبي لتوليد الطاقة الكهربائية النظيفة من الفحم.
وتتكون هذه المحطة من أربع وحدات، على أن تنتج كل وحدة 600 ميجاوات، باستخدام تكنولوجيا "الضغوط فوق الحرجة".
الآفاق المستقبلية
وقال موسى "إن الدول العربية تمثل سوقا واعدا للشركات الصينية، وتعتبر الصين مصدرا مهما لنقل التكنولوجيا والتدريب في مجال الطاقة بمصر والدول العربية".
ورغم أن البترول والغاز يتصدران مصادر الطاقة بالدول العربية نظرا لانخفاض سعرهما نسبيا وتمتع الدول العربية بوفورات كبيرة منهما، فإن الدول العربية تمر حاليا بمرحلة التحول إلى الطاقة المستدامة والمتجددة.
وتمتلك الصين، وهي ثاني أكبر شريك تجاري للعالم العربي، تقنيات متقدمة وخبرات كبيرة لمساعدة الدول العربية في التحول إلى الطاقة النظيفة عن طريق شراكة تقوم على مبدأ الكسب المشترك.
وقال ليو باو هوا نائب مدير إدارة الطاقة الوطنية في الصين، والذي يرأس الوفد الصيني، "لقد قامت الصين بتسريع عملية اعادة هيكلة الطاقة وبناء نظام طاقة نظيف ومنخفض الكربون وآمن وفعال، في الوقت الذي تسعى فيه الدول العربية سعيا حثيثا للتحول في مجال الطاقة وتغيير موقفها من الاعتماد على الطاقة الحفرية".
وشدد ليو على أن الصين والدول العربية لديها رؤية مشتركة في تطوير الطاقة والتي من شأنها أن تدفع بالتعاون بين الجانبين إلى أفق عال.
وأردف "ومن أجل تعزيز التعاون في مجال الطاقة النظيفة فقد قررت إدارة الطاقة الوطنية في الصين وجامعة الدول العربية انشاء مركز التدريب الصيني - العربي للطاقة النظيفة".
وبدوره، قال يانغ كاي رئيس فرع شركة ((هانيرجي)) الصينية بمصر، إن الشركة تخطط للاستثمار في بناء محطة طاقة كهروضوئية عالية الجودة في مصر بقدرة 300 ميجاوات باستثمار يبلغ أكثر من 450 مليون دولار، والتي سوف توفر حوالي ثلاثة ألاف فرصة عمل.
وأضاف يانغ لوكالة أنباء ((شينخوا))، "لدينا بالفعل شريك في هذا المشروع بمصر وبدأنا في دراسة الجدوى الخاصة بالمشروع".
وشدد محمود فتح الله الخبير الاقتصادي بجامعة الدول العربية على أهمية برامج التدريب الصينية لكوادر بالدول العربية في مجال الطاقة.
وقال فتح الله إن "التدريب يعتبر من أهم جوانب التعاون العربي - الصيني في مجال الطاقة، لاسيما أن الصين تتمتع بخبرة كبيرة في هذا المجال من شأنها أن تحدث فارقا في مستقبل الطاقة المتجددة في المنطقة العربية".