القاهرة 26 ديسمبر 2018 / شهدت العلاقات بين الصين ومصر خلال عام 2018 دفعة قوية غير مسبوقة نحو تعزيز الشراكة الاستراتيجية الثنائية، بفضل التفاهم والتناغم بين قيادتي البلدين، وتعدد الزيارات المتبادلة.
وقام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في مطلع سبتمبر الماضي، بزيارة إلى الصين لحضور قمة منتدى التعاون الصيني-الأفريقي 2018 في بكين.
وقبيل انطلاق فعاليات المنتدى، عقد الرئيس شي جين بينغ، محادثات مع الرئيس المصري، اتفقا خلالها على الدفع المشترك للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين من أجل تنمية أكبر في العصر الجديد.
وقال شي إن الصين تقدّر بشكل كبير تطوير الشراكة الاستراتيجية الشاملة مع مصر، متعهدا بمواصلة دعم مصر في جهودها للحفاظ على الاستقرار وتنمية الاقتصاد وتحسين مستوى معيشة الشعب، فضلا عن دعمها للعب دور أكبر فيما يتعلق بالشؤون الدولية والإقليمية.
والتقى السيسي، خلال الزيارة أيضا رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ، وممثلي كبريات الشركات الصينية، وزار الأكاديمية المركزية للحزب الشيوعي الصيني.
ورحب السيسي بتطور العلاقات الثنائية بين مصر والصين، مشيرا إلى التقدم الكبير الذي شهده التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، ومشيدا بالمشاركة الصينية في دعم تنمية مصر.
وأكد دعم مصر لمبادرة "الحزام والطريق"، واعتبر بلاده شريكا حضاريا وتاريخيا للصين في تلك المبادرة.
وشهد السيسي خلال الزيارة التوقيع على عدد من الاتفاقيات مع شركات صينية لتنفيذ مشروعات في مصر بقيمة استثمارية تبلغ حوالي 18.3 مليار دولار.
وشملت هذه المشروعات، إنشاء المرحلة الثانية للأعمال المركزية في العاصمة الإدارية الجديدة، ومحطة توليد الكهرباء بالضخ والتخزين في جبل عتاقة، وأخرى بمنطقة الحمراوين، ومعمل تكرير ومجمع البتروكيماويات بمحور قناة السويس، ومشروع منطقة مجموعة "شاوندونج روي" للمنسوجات، ومشروع "تاي شان" للألواح الجبسية، ومشروع "شيامن يان جيانج" لتصنيع المواد الجديدة.
وكانت هذه الزيارة، الخامسة للرئيس المصري إلى الصين منذ توليه الحكم في مصر في عام 2014، هي "الأطول زمنا، والأغزر ثمارا ونتائج إيجابية لصالح مصر سياسيا واقتصاديا واستراتيجيا"، حسب الهيئة العامة للاستعلامات المصرية.
وفي أكتوبر الماضي، زار نائب الرئيس وانغ تشي شان، القاهرة، استجابة لدعوة من رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي.
والتقى وانغ خلال الزيارة كل من الرئيس عبدالفتاح السيسي ومدبولي، حيث تم الاتفاق على زيادة تعزيز التعاون التنموي بين البلدين.
وشهد وانغ ومدبولي التوقيع على وثائق تعاون في مجالات مثل الزراعة والتعليم والثقافة.
بينما زار رئيس الوزراء المصري، الصين في مطلع نوفمبر الماضي، حيث حضر مراسم افتتاح معرض الصين الدولي الأول للواردات، والذي كانت مصر واحدة من ضيوف الشرف به.
وأكد مدبولي أن حرص بكين على مشاركة مصر في المعرض "يعكس مدى حرص الجانب الصيني على تعزيز أطر العلاقات التجارية والاقتصادية المشتركة بين البلدين".
وأوضح أن ما يقرب من 1080 شركة صينية تعمل في مصر في العديد من المجالات الاستثمارية المتنوعة، ومن أبرزها قطاعات الصناعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وتطوير المناطق الاقتصادية والتمويل والمقاولات.
وشدد على اهتمام الحكومة المصرية بدعم التعاون الاقتصادي مع الصين، وتقديم كافة الدعم للشركات الصينية والعمل بكل قوة على تذليل أي عقبات قد تواجه حركة التجارة والاستثمار بين البلدين.
وشاركت مصر في المعرض بجناح يضم ممثلين عن الجهات الرسمية و37 شركة.
ولم تقتصر الزيارات المتبادلة خلال العام الحالي على ذلك فقط، حيث زار وفد من الحزب الشيوعي الصيني القاهرة في يونيو الماضي، والتقى الرئيس المصري ووزير الخارجية سامح شكري، ومسؤولين بالأحزاب السياسية الكبرى.
وعلى مستوى التبادل التجاري، أظهرت بيانات المصلحة العامة للجمارك الصينية أن حجم التجارة الثنائية بين الصين ومصر نما بنسبة 26.7% على أساس سنوي في فترة يناير - أغسطس الماضيين، ليصل إلى 8.83 مليار دولار.
وبلغت الصادرات الصينية لمصر 7.61 مليار دولار في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2018، بزيادة 24.8%، في حين وصلت واردات الصين من مصر إلى 1.22 مليار دولار، بزيادة 40.2% على أساس سنوي.
وشاركت الشركات الصينية بقوة في المعارض المصرية، مثل معرض القاهرة الدولي للكتاب، والمعرض الدولي الأول للصناعات العسكرية (إيديكس 2018)، ومعرض القاهرة الدولي للسيارات "أوتوميك فورميولا"، ومعرض التجارة والاستثمار المصري - الصيني.
وتعددت الاتفاقيات التي أبرمتها مصر مع الشركات الصينية خلال عام 2018، حيث وقعت مصر في مارس الفائت مذكرة تفاهم مع الشركة (الصينية العامة للهندسة الإنشائية المحدودة) لتصميم وإنشاء ثلاث صالات رياضية مغلقة في شرم الشيخ والغردقة والأقصر، في إطار استعداداتها لاستضافة بطولة كأس العالم لليد، المقررة في العام 2021.
كما وقعت مصر في مايو المنصرم مذكرة تفاهم مع مجموعة (سي جي سي أو سي) الصينية، لإنشاء أول منطقة صناعية في مدينة العلمين الجديدة، شمال غرب القاهرة.
بينما أعلن رئيس الهيئة العربية للتصنيع في مصر عبد المنعم التراس، في ديسمبر الجاري الاتفاق مع شركة (CR20G) الصينية علي "إقامة قاعدة صناعية للصناعات الواعدة في مجال القطار السريع والمونوريل".
كما وقعت الهيئة العربية مذكرة تفاهم مع شركة (افيك إنتل) الصينية للتعاون في مجال التصنيع المشترك في مجال صناعات السكة الحديدية والبنية التحتية.
في حين وقع قائد القوات الجوية المصرية الفريق محمد عباس، اتفاقية لتدبير طائرات موجهة بدون طيار، مع المدير التنفيذى لشركة (كاتيك) الصينية، وذلك في ختام معرض "إيديكس 2018"، الذي عقد للمرة الأولى في مصر، في الفترة 3 إلى 5 ديسمبر الجاري.
فيما أطلقت شركة (تشاينا هاربر) الصينية في أغسطس المنصرم إشارة البدء في تنفيذ مشروع إنشاء حوض ثان للحاويات في ميناء السخنة بمحافظة السويس، شرق القاهرة.
بينما وقع البنك الأهلي المصري في سبتمبر الماضي مع بنك التنمية الصيني، على عقد قرض بمبلغ 600 مليون دولار أمريكي.
وامتد التعاون بين مصر والصين إلى المجال الثقافي، حيث بدأت في نوفمبر الماضي بعثة أثرية صينية مهمة إحياء معبد مونتو بالأقصر، وهي أول بعثة صينية تعمل في مصر.
كما احتفل التلفزيون المصري في الشهر ذاته ببث المسلسل الصيني المدبلج باللغة العربية "أنشودة السعادة".
ورأى سفير مصر الأسبق في بكين محمود علام، أن العلاقات المصرية الصينية شهدت خلال العام الحالي "دفعة قوية في بناء الشراكة الاستراتيجية".
وأوضح علام في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن تبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين خلال 2018 "يرسخ حرص القيادة السياسية في مصر والصين على التواصل على جميع المستويات، وبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك".
وأشاد بقوة تواجد الصينيين في المشروعات التنموية في مصر، وبتنوع الاستثمارات الصينية في البلاد.
وأشار علام إلى أن مصر تشهد حاليا انطلاقة اقتصادية، والصين لديها تجربة جاهزة وموارد يمكن للقاهرة الاستفادة منها.