شانغهاي 19 أبريل 2019 /خلقت مبادرة الحزام والطريق، التي طرحتها الصين على مدى أكثر من 5 سنوات منذ عام 2013، فرصا عديدة للتعاون الصيني واللبناني في مجالات لم تقتصر على الاقتصاد والتجارة فحسب، بل امتدت لتشمل البنية التحتية والثقافة والتقنية وغيرها.
ونظرا لموقعه الجغرافي الاستراتيجي القريب من الدول الخليجية والإفريقية والأوروبية، كان ولا يزال لبنان بوابة مركزية لخط طريق الحرير منذ عهد الفينيقيين، لاعبا دورا لا غنى عنه في الربط بين الشرق والغرب.
ومن جانبه، قال الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان إن مبادرة الحزام والطريق تهدف إلى إنشاء شبكة تربط بين السياسات الاستراتيجية والتنموية والاقتصادية لكل البلدان الواقعة على طول الحزام والطريق، من أجل السعي لتحقيق التنمية والازدهار المشتركين.
وصرح سليمان بذلك أثناء مشاركته في أعمال المنتدى الصيني العربي الثاني للإصلاح والتنمية الذي انعقد خلال يومي 15 و16 من الشهر الجاري ببلدية شانغهاي، تلبية لدعوة من وزارة الخارجية الصينية.
وتابع سليمان أن لبنان يعتبر الصين أحد أكبر شركائه التجاريين، باعتبارها ثاني أكبر اقتصادات العالم، مشددا على أن التعاون والتشارك معها في بناء الحزام والطريق يصب في مصلحة الجميع في كل من لبنان والصين وكذلك العالم العربي.
وأظهرت أرقام نشرت على الموقع الإلكتروني لوزارة التجارة الصينية أن حجم التجارة بين لبنان والصين في الأشهر العشرة الأولى من عام 2018 بلغ حوالي 1.74 مليار دولار أمريكي، بزيادة 9.3 بالمائة على أساس سنوي، في حين سجلت واردات لبنان من الصين خلال نفس الوقت نحو 1.72 مليار دولار أمريكي، بزيادة 9.1 بالمائة على أساس سنوي، ما جعل الصين أكبر شريك تجاري ومصدر للواردات للبنان.
ونظرا لأهمية مبادرة الحزام والطريق للبنان، وبغية جذب وتبادل الاستثمارات الصينية اللبنانية، بدأ لبنان إتباع خريطة الطريق التالية:
- توقيع اتفاقية للبدء في تشييد معهد عالٍ للموسيقى في شمال بيروت بهبة من بكين بقيمة 31.9 مليون دولار أمريكي.
- تأهيل مرفأ طرابلس وعقد اتفاقات تجارية في البقاع وعلى الحدود الشرقية المتاخمة لسورية من قبل شركات صينية.
- إنشاء مركز التحكيم العربي الصيني في بيروت وتوقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الصناعة اللبنانية ووفد المجلس الوطني الصيني لتعزيز التجارة الدولية برئاسة السيدة غاو يان.
- تنظيم منتدى الاستثمار الصيني اللبناني في بيروت مطلع هذا الشهر بالتعاون بين مجموعة فرانس بنك واتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة.
- تحسين وتطوير العلاقات بين البلدين في المجالات الاجتماعية والتجارية والثقافية كافة.
كما أشاد سليمان بمعادلة التعاون المتمثلة في 1+2+3 بين الجانبين الصيني العربي، التي اقترحتها الصين في يونيو 2014 ويتضمن محتواها الرئيسي التعاون في مجالات الطاقة والاستثمار والبنية التحتية والفضاء، مشيرا إلى ضرورة تطبيقها في سبيل جعل العالم العربي يلعب دورا بناء وتحقيق المنفعة المتبادلة والتنمية المشتركة داخل مجتمعات دول المنطقة.
من جهته، أوضح وائل خليل ياسين رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والتنمية، وهو لبناني حضر المنتدى أيضا، أوضح أن المشاريع التعاونية الصينية واللبنانية ليست بغرض تسويق الصينيين لبضائعها في لبنان، بل لتحويل لبنان إلى بلد منتج صناعي ومصدر عبر الاستثمار المشترك وإقامة مناطق صناعية مشتركة، ما يسهم في ترسيخ شراكة حقيقية بين البلدين وتأهيل السوق اللبنانية لتكون شبيهة بسوق دبي.
وأشار ياسين إلى أن المشاريع تعتمد على الأيدي العاملة اللبنانية ليحارب لبنان بها البطالة، متوقعا أن تخلق المشاريع ما يزيد عن 2000 فرصة عمل كبداية، واحتمال أن إلى 10 آلاف فرصة عمل على الأقل مع تدشين المدن الصناعية واكتمال المشاريع.
وكشف ياسين أن المركز يعمل على حث الشركات الصينية على الاستثمار في البنية التحتية من أجل تطوير ميناء طرابلس، وتطوير مطار القليعات، وتطوير معرض رشيد كرامي ليكون معرضا دوليا للبضائع الصينية واللبنانية، فضلا عن إنشاء العديد من المصانع في منطقة الشمال عبر شركات لبنانية وصينية.
ولفت ياسين إلى أن الجانب الصيني منفتح على الكثير من الاقتراحات، مضيفا أن على لبنان النظر إلى المشاريع كمشروعات نهضوية كبيرة يستفيد منها الجميع.
أما على المستوى الإقليمي، فأشار سليمان إلى أن الصين لطالما كانت دولة صديقة للعالم العربي وأن التعاون الثنائي بات يحتل أهمية قصوى، مؤكدا أن الفرصة متاحة من أجل توطيد الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية، وبالتالي استفادة الدول العربية من قدرات الصين في شؤون الإصلاح والتنمية العادلة للشعوب كافة وخلق فرص العمل لليد العاملة العربية.