رام الله 22 يوليو 2019 (شينخوا) ندد الفلسطينيون بشدة بهدم إسرائيل اليوم (الاثنين)، بنايات سكنية فلسطينية في شرق القدس.
واستهدفت عمليات الهدم 12 بناية سكنية (واحدة منها فقط مأهولة بالسكان) في منطقة وادي الحمص في بلدة صور باهر شرق القدس، فيما قالت إسرائيل إن المباني أقيمت بدون تراخيص وقرب الجدار الفاصل مما يجعلها خطرا أمنيا.
وأفاد شهود عيان مراسل وكالة أنباء ((شينخوا))، أن مئات الجنود وعناصر الشرطة الإسرائيلية انتشروا منذ ساعات الصباح في حي وادي الحمص وبدأوا بإجلاء العائلات من بيوتها والنشطاء الذين يتضامنون معهم ويعارضون الهدم.
وذكر الشهود، أن البنايات جرى هدمها عبر جرافات كبيرة أو بالتفجير على مدار 10 ساعات متواصلة للقوات الإسرائيلية التي فرضت حصارا شاملا على المنطقة منذ أمس بعد انتهاء مهلتها لأصحاب المباني بهدمها ذاتيا الخميس الماضي.
وأوردت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) أن أكثر من عشرة فلسطينيين من سكان حي وادي الحمص أصيبوا خلال احتجاجات أثناء عمليات الهدم للمباني السكنية.
وأوضحت الوكالة أن الفلسطينيين أصيبوا ب"اعتداء" عناصر الشرطة الإسرائيلية عليهم بالضرب وبرشهم بالغاز الحارق على الوجه خلال عمليات الهدم المتواصلة في المنطقة.
وأعلن الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة أن القيادة الفلسطينية ستعقد خلال الأيام المقبلة سلسلة اجتماعات مهمة "ردا على عمليات الهدم التي نفذتها السلطة القائمة بالاحتلال إسـرائيل في القدس والخروقات المتواصلة في الأرض الفلسطينية".
وذكر أبو ردينة في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، أن "القيادة ستتخذ خلال هذه الاجتماعات قرارات مصيرية بشأن العلاقة مع إسرائيل والاتفاقات الموقعة معها".
وأشار إلى أن الرئيس محمود عباس "حذر مرارا وتكرارا من أن الجانب الفلسطيني لا يمكنه الاستمرار بالالتزام بالاتفاقيات الموقعة مع اسرائيل إذا بقيت مصرة على عدم الالتزام بها".
وفي السياق أعلن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات عقب اجتماع طارئ عقدته اللجنة في رام الله، أن القيادة الفلسطينية قررت الشروع بوضع آليات لإلغاء كل الاتفاقيات مع إسرائيل.
وقال عريقات خلال مؤتمر صحفي إن "القيادة الفلسطينية طلبت عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لبحث إجراءات إسرائيل في شرق القدس، وفي حال اعترضت الإدارة الأمريكية على ذلك سيتم التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة".
وأضاف أن "ما ارتكبته إسرائيل اليوم في شرق القدس جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية بموجب القوانين الدولية، ونحن نحمل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن تبعات هذه الجرائم المرتكبة ".
بدوره قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، إن هدم المنازل "استمرارا للتهجير القسري للمقدسيين من بيوتهم ومناطقهم"، معتبرا ذلك "جريمة حرب وجريمة ضد الانسانية حسب ما نص على ذلك القانون الإنساني الدولي".
وذكر اشتية لدى ترؤسه اجتماع الحكومة الأسبوعي، أن "هدم إسرائيل المباني يعني إلغاء تصنيفات المناطق وبالتالي من جانبنا لن نتعامل مع هذه التقسيمات الإسرائيلية لمناطقنا الفلسطينية بعد فرض واقع مخالفا للقانون الدولي والاتفاقات الموقعة بشكل أحادي".
وأشار اشتية إلى أن "الرئيس عباس أصدر تعليماته لوزير الخارجية رياض المالكي بإضافة هذا الاعتداء الاجرامي إلى ملف محكمة الجنائية الدولية الذي كنا قد تقدمنا به في الماضي".
وحي وادي الحمص يقع على أطراف قرية صور باهر الواقعة جنوب شرق القدس، وهو يتبع سيادة السلطة الفلسطينية حيث يقع جزء كبير من الحي في المناطق المصنفة (أ)، بحسب اتفاقية أوسلو ،التي تعني السيطرة الامنية والمدنية الفلسطينية الكاملة عليها.
وحملت اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) التي يتزعمها عباس "الإدارة الأمريكية المسؤولية عن جريمة هدم المباني السكنية بنفس القدر الذي تتحمله حكومة الاحتلال".
وقالت اللجنة في بيان صحفي إن "هذه الجريمة تأتي في ظل الدعم الأمريكي المطلقِ للمشاريع الاستيطانية الإسرائيلية، وهي نتيجة طبيعية للقرار اللاشرعي بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال".
ودعت اللجنة إلى "وقفة عربية صلبة والتخلي عن أوهام الحلولِ الأمريكية الداعية إلى التطبيع مع دولة الاحتلال على حساب حقوق الشعب الفلسطيني ومصالح الأمة العربية".
فيما قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في بيان إن "الجريمة الإسرائيلية تستوجب إطلاق يد المقاومة في الضفة الغربية وردًا فلسطينيًا حاسمًا ببرنامج وطني شامل، يحفظ لمدينة القدس هيبتها وهويتها في وجه مخطط الإجرام الذي تقوم به حكومة الاحتلال بتهويدها".
أما الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فاعتبرت في بيان لها، أن هدم البنايات السكنية "جريمة حرب وعملية تطهير عرقيّ ممنهجة، تأتي في سياق سياسات التهويد الجارية على قدمٍ وساق في المدينة المقدسة، ومحاولات فرض طوق استيطاني عليها من جميع الجهات".
كما دعت حركة الجهاد الإسلامي في بيان، إلى "مواجهة العدوان الإسرائيلي وتصعيد الانتفاضة والمواجهة الشاملة"، محذرة من أن "جريمة هدم المنازل لن تمر دون رد".
في حين طالبت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية بتوفير الحماية الدولية الفورية للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، والمباشرة فورا باتخاذ إجراءات جدية من قبل الأمم المتحدة لإنفاذ قراراتها المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
وأطلق نشطاء فلسطينيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملات تضامن مع أصحاب البنايات التي تم هدمها، فيما وقف أصحاب الشقق السكنية قبالة البنايات يصيبهم الحزن والصدمة جراء هدم منازلهم ومنع السلطات الإسرائيلية لهم من الاقتراب منها.
وقال أكرم زواهرة صاحب بناية هدمت ل(شينخوا)، إن ما جرى "مجزرة إسرائيلية في وضح النهار تجاه الفلسطينيين"، متهما إسرائيل ب"هدم أحلام الشعب الفلسطيني أمام أعينه ولكننا صابرون صامدون ولن ينالوا من عزيمتنا".
وأضاف زواهرة أن "هدم إسرائيل المباني لن يدفعنا للرحيل عن أرضنا وسيتم إعادة بنائها مرة أخرى لأننا نملك كافة التراخيص لإقامتها".
وسبق أن زار دبلوماسيون من دول أوروبية لدى السلطة الفلسطينية منطقة الهدم الأسبوع الماضي ودعوا إسرائيل إلى عدم هدم البنايات كونها تقع في مناطق تخضع للسلطة الفلسطينية وباعتبارها مخالفة للقانون الدولي.
في المقابل قال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي غلعاد اردان إن "عملية الهدم تنفذ عملا بقرار محكمة العدل العليا التي ردت التماسات السكان"، مضيفا أن المحكمة شددت على أن المباني المستهدفة بالهدم تشكل خطرا على قوات الامن والمدنيين على حد سواء، لتشييدها قرب السياج الأمني الفاصل".
وفند رئيس هيئة الجدار والاستيطان في السلطة الفلسطينية وليد عساف في تصريح ل(شينخوا)، تبرير إسرائيل بوجود هدف أمني، معتبرا أن هدم البنايات السكنية "سياسي بحت لتفريغ المنطقة في محيط الجدار في جهتين بعمق نص كيلو متر في كل اتجاه".
وقال عساف إن أصحاب البنايات يملكون تراخيص رسمية لإقامتها في وقت ترفض فيه إسرائيل إعطاء الفلسطينيين في القدس الشرقية ومناطق من الضفة الغربية تلك التراخيص للبناء، منتقدا "الصمت" العربي والدولي تجاه ممارسات إسرائيل المخالفة لكافة القوانين والأعراف والاتفاقات.
وتبلغ مساحة أراضي حي صور باهر نحو ثلاثة آلاف دونم، ويقول الفلسطينيون إن الجيش الإسرائيلي حرم السكان فيه من البناء على نصف المساحة تقريبا بحجة قربها من الجدار العازل الذي يفصل الحي عن عدة قرى تتبع مدينة بيت لحم في الضفة الغربية./نهاية الخبر/