ترجمة وتحرير: د. فايزة كاب
20 سبتمبر 2019/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ يصادف هذا العام الذكرى الـ70 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، وبهذه المناسبة أجرى مراسلا صحيفة الشعب اليومية في مصر خوانغ بي جاو وتشي شيانغ يو لقاءا صحفيا خاصا مع لياو لي تشيانغ سفير الصين بمصر وممثل معتمد للصين لدى جامعة الدول العربية لاستعراض العلاقات التاريخية والآفاق المستقبلية الواعدة لتطوير العلاقات الصينية ـ المصرية. وفيما يلي فحوى اللقاء: ـ
الحديث عن العلاقات الصينية ـ المصرية: التعاون العملي حقق قفزة كبيرة إلى الأمام
قال لياو لي تشيانغ سفير الصين بمصر إن وصوله الى مصر في منتصف يونيو هذا العام الذي يصادف الذكرى السبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية جعله يشعر بالمزيد من المجد وأكثر وعياً بالمسؤولية. حيث أن أكثر ما يفكر فيه حاليا هو كيفية استخدام دبلوماسية شي جين بينغ كدليل في العصر الجديد والوضع الجديد والمتطلبات الجديدة، وفي إطار تطوير الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر.
وأشار لياو إلى أن ثلاثة أشهر منذ وصوله على رأس عمله في مصر جعلته يدرك أن الآفاق المستقبلية لتطوير العلاقات الصينية ـ المصرية واسعة، حيث كانت التبادلات رفيعة المستوى بين البلدين خلال هذه الفترة القصيرة كثيفة جدا، التقى الرئيس شي جين بينغ بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في اجتماع القادة الصينيين -الأفريقيين الذي عقد خلال قمة أوساكا لمجموعة العشرين، وهذا هو الاجتماع التاسع بين رئيسي الدولتين. وزار رئيس البرلمان المصري علي عبد العال الصين في يونيو، والتي تعتبر ثاني زيارة يقوم بها رئيس برلمان مصري الى الصين بعد 12 عاما. واستعرض لياو لي تشيانغ أهم الاعمال التي قام بها خلال ثلاثة أشهر من وصوله مصر والانطباع الذي خرج به قائلا:" خلال ثلاثة أشهر، شاركت في استقبال 21 وفدا صينيا زاروا مصر، يغطي الدبلوماسية والتجارة والعلوم والتكنولوجيا والزراعة والعدل والجيش والأمن ومراكز الفكر وعلم الآثار والتبادلات المحلية وغيرها من المجالات، وزرت شخصيا أكثر من 20 مسؤولا مصريا على مستوى وزير ونائب وزير. وإن الانطباع الذي أخرج به خلال هذه الفترة، هو أن مصر ترغب في تطوير العلاقات والتعاون مع الصين في مختلف المجالات، وتتطلع الى تعلم التجربة الصينية الناجحة في التنمية." وحول أهم النتائج التي حققها التعاون العملي بين الصين ومصر، قال:" يواصل البلدان إحراز تقدم جديد في مجالات التعاون المختلفة، ووقعا منحة مشروع توريد المعدات التعليمية للكلية المصرية الصينية للتكنولوجيا التطبيقية بجامعة قناة السويس، وأقامتا حفل إطلاق مشروع القمر الصناعي "مصر سات 2". وقام معمل مصري صيني مشترك للطاقة المتجددة بإنتاج منتجات مصرية الصنع، أول لوحة للطاقة الشمسية الضوئية، وأجرت قوات بحرية البلدين تدريبات مشتركة، وقد تحصل 364 طالبًا مصريًا على منحة الحكومة الصينية للعام الدراسي 2019/2020. وساهمت التبادلات الفنية والتعليم الصيني والحوار الحضاري في تعميق الصداقة بين الشعبين الصيني والمصري."
الحديث عن نفوذ الصين: مصر تعترف بالمسار الصيني في التنمية
قال لياو لي تشيانغ إن جمهورية الصين الشعبية عملت بجد وحققت إنجازات إنمائية هائلة منذ تأسيسها وخاصة منذ تنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح، حيث أصبحت الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، محققة قفزة كبيرة من النهوض والثراء والتنمية، وأصبحت أكثر الثقة بالنفس، وتقترب أكثر فأكثر من مركز المسرح العالمي، ما يوفر دعما قويا للصين للقيام بعمل دبلوماسي. مشيرا الى أنه خلال فترة عمله القصيرة في مصر، شعر بأن تحسين التأثير الدولي للصين ينعكس بشكل أساسي في ستة جوانب في مصر:
أولاً، نية مصر تعزيز التبادلات مع الصين. زار الرئيس عبد الفتاح السيسي الصين مرة كل عام لمدة ست سنوات، والتقى بالرئيس شي جين بينغ تسع مرات، وهو نشط للغاية في تعزيز التبادلات بين البلدين في مختلف المجالات.
ثانيا، اعتراف مصر بمسار التنمية في الصين. تواصل مصر حاليًا تعميق الإصلاحات وتطوير مناطق اقتصادية خاصة وزيادة الاستثمار الأجنبي، ما يشبه بكثير الإصلاح والانفتاح في الصين. وقال المسؤولون المصريون إن العديد من المشكلات التي تواجهها مصر حاليا تشبه التحديات التي واجهتها الصين قبل 20 أو 30 عامًا، وإن مصر على استعداد للتعلم من تجربة التنمية في الصين.
ثالثًا، استعداد مصر لالتحام استراتيجيتها التنموية مع "الحزام والطريق". صرح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأن مصر هي واحدة من أوائل الدول التي دعمت مبادرة "الحزام والطريق"، وشريك طبيعي في بناء "الحزام والطريق". ويعتبر هذا الخيار الاستراتيجي لمصر لتحقيق التنمية المستقرة والسعي لإحياء البلاد بعد مواجهة الاضطرابات الشاملة في غرب آسيا وشمال أفريقيا في عام 2011.
رابعا، استعداد مصر لتوسيع التعاون مع الصين. تعتبر مصر الدولة الوحيدة التي تمت دعوتها لتصبح "ضيفًا مزدوجًا" لأول معرض الاستيراد الدولي الصيني وأول معرض اقتصادي وتجاري بين الصين وأفريقيا. وتعد الصين أكبر شريك تجاري لمصر وأسرع بلد للاستثمار في مصر، خاصة في التصنيع، حيث يشمل مواد البناء والمعدات الكهربائية والإلكترونية والمعدات البترولية وآلات تصنيع الأغذية وتصنيع الأجهزة المنزلية والخدمات اللوجستية والحدائق والمنسوجات والصلب، وغيرها. كما أن الصين أول من أدخلت بعض التقنيات والمنتجات والمشاريع إلى مصر. وفي الوقت الحالي، هناك أكثر من 1600 مؤسسة بتمويل صيني في مصر، باستثمارات إجمالية تبلغ حوالي 7 مليارات دولار، مما يوفر حوالي 30 ألف وظيفة لمصر. وأنشأت شركة جوتشي مصنعًا في مصر، مما جعل مصر أول وأكبر منتج للألياف في إفريقيا. كما تمكنت هواوي من التغلب على العديد من الصعوبات وتركيب مرافق اتصالات عالية الجودة في القرى المصرية في المناطق الصحراوية النائية والجزر المصرية في أعماق البحر الأحمر لمساعدة السكان المحليين على التخلص من العزلة الطبيعية ودخول مجتمع المعلومات. وتشارك الشركات الصينية الأخرى بنشاط في بناء الاستراتيجيات الوطنية الرئيسية في مصر، بما في ذلك تطوير منطقة قناة السويس الاقتصادية، وبناء العاصمة المصرية الجديدة، ومشروع شبكة الكهرباء الوطنية، ومشاريع النقل الرئيسية. كما سيتم إنشاء أطول برج في أفريقيا بمنطقة الأعمال المركزية في العاصمة الجديدة، والذي يبلغ ارتفاعه ضعف برج القاهرة، وهو أعلى برج في مصر حاليا. واجتذبت المرحلة الأولى لمنطقة تايدا للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين وأفريقيا أكثر من 60 شركة، وبعد الانتهاء من منطقة التوسع، تخطط لجذب 150 شركة من بينها الصلب والزجاج والدراجات النارية. ولقد استفادت مصر من تعاونها مع الصين، كما حولت اهتمامها إلى التعاون في مجالات التكنولوجيا المتقدمة مثل الأقمار الصناعية والاتصالات لتحقيق تنمية أكبر. وحقق التعاون المالي بين الصين ومصر تقدما كبيرا. وفي الوقت الحاضر، وقعت المؤسسات المالية الصينية أكثر من 7 مليارات دولار أمريكي في مختلف عقود الائتمان والقروض، وتدويل الرنمينبي يسير بخطى سلسة.
خامساً، توقع مصر أن يسمع صوت الصين القضايا الساخنة. تتوقع مصر أن تلعب الصين دورًا بناءً أكبر في الشؤون الإقليمية، حيث أخذ الكثير من المسؤولين زمام المبادرة لفهم وجهات نظر الصين ومقترحاتها بشأن بعض القضايا الساخنة، ولقد جمع الجانبان الكثير من التوافق، يمكن زيادة تعزيز التعاون في الشؤون الإقليمية والدولية.
سادساً، حماسة الطلاب المصريين في تعلم اللغة الصينية والتعرف على الثقافة الصينية. تشهد مصر ارتفاعا كبيرا في عدد الطلبة الملتحقين بأقسام اللغة والثقافة الصينية، حيث يوجد حالياً اقسام اللغة الصينية أو دورات في اللغة الصينية في 16 جامعة في مصر، وهناك معهدا كونفوشيوس وفصلا كونفوشيوس مستقلان يدرس فيها أكثر من 2000 طالب مصري. كما تشهد دورات اللغة الصينية التي يقدمها المركز الثقافي الصيني إقبالا واسعا من قبل السكان المحليين.
الحديث عن قبول الأفكار الدبلوماسية الصينية: مصر ستصبح رائدة في بناء مجتمع المصير البشري المشترك
نوه لياو لي تشيانغ إلى أن العالم يمر حاليا بفترة من التطور الكبير والتغيير الكبير، حيث يتسارع تغيير نظام الحوكمة العالمي وإصلاح النظام الدولي، ويتزايد ترابط البلدان واعتمادها على بعضها البعض. كما لم تعد لعبة الصفر تتفق مع منطق العصر في مواجهة التعددية القطبية والعولمة الاقتصادية والتنوع الثقافي والتنمية المتعمقة للمعلومات الاجتماعية، فقد أصبح السلام والتنمية والتعاون والفوز المشترك الصوت المشترك في جميع البلدان. وبات مفهوم "بناء مجتمع المصير البشري المشترك "الذي طرحه الرئيس شي جين بينغ يتماشى مع اتجاه العصر، ما وضع مخططًا جديدًا للتنمية المشتركة والاستقرار طويل الأجل للمجتمع البشري، وهو موضع ترحيب واسع النطاق من قبل معظم دول العالم بما فيها مصر.
وأشار لياو إلى أن تعزيز التنمية المستقرة، وتسريع عملية الإصلاح واستعادة مكانة مصر الدولية كقوى إقليمية تمر بمرحلة حرجة، وهي حريصة على الحفاظ على بيئة دولية متناغمة ومستقرة. وأن مفهوم "التعاون والفوز المشترك" و"التفاوض المشترك، البناء المشترك، التقاسم المشترك" الذي تدعو إليه مبادرة "الحزام والطريق" في الصين يتماشى مع احتياجات مصر التنموية، ما جعلها تتلقى استجابة إيجابية من مصر. وفي إبريل من هذا العام، ذهب الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الصين لحضور القمة الثانية لمبادرة "الحزام والطريق" للتعاون الدولي، وشدد على ضرورة الإسراع في الالتحام بين استراتيجية "رؤية 2030" و " قناة السويس" في مصر مع مبادرة " الحزام والطريق"، وإطلاق العنان لإمكانات التعاون الهائلة بين مصر والصين. وفي الوقت نفسه، تقدر مصر تقديراً عالياً مفهوم الصين للتعاون مع أفريقيا، وباعتبارها الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي هذا العام، تشجع مع الجانب الصيني بنشاط تنفيذ "الإجراءات الثمانية الرئيسية" للتعاون الصيني الإفريقي في مصر وافريقيا. وأن الاعتراف بمفهوم الصين للتعاون الدولي لم يأت من عبث، ولكن من خلال تعاون ملموس طويل الأجل وتبادل المشاعر الصادقة، لا سيما في الوضع الدولي الحالي المتمثل في الأحادية والحمائية، من المؤكد أن تكون فلسفة الدبلوماسية الصينية ومفهوم الحكم العالمي قد اكتسبت فهمًا واعترافًا أعمق من مصر.
ويعتقد لياو لي تشيانغ أن مصر كقوة إقليمية تلعب دورا قياديا مهما في العالم العربي والافريقي، ومع الأساس المتين للتعاون العملي بين الصين ومصر، فإن الاخيرة ستصبح رائدة في بناء مجتمع المصير المشترك الصين-العالم العربي والصين-أفريقيا وحتى البشرية بأكملها.
الحديث عن التحدي الدبلوماسي الصيني: تتشابك وتتداخل بين الفرص التاريخية النادرة والمخاطر الكبرى
أشار لياو لي تشيانغ إلى أن الصين حاليا تعيش فترة متداخلة بين الفرص التاريخية النادرة والمخاطر الكبرى، حيث تشبه فترة تحقيق هدف "المائتي عام" والفترة الانتقالية للانتقال العالمي السفينة التي بلغت وسط التيار قوي وخطير، أو المتسلق بلغ عند منتصف الجبل النقطة التي يصعب عندها التقدم والتراجع، ولمواجهة هذه الصعوبات واختطاف هذه الفرص التاريخية النادرة، لا بد أن تواجه سلسلة من اختبارات المخاطر الرئيسية، يتجلى بشكل رئيسي في عدم الاستقرار الذي يواجه العالم، وارتفاع الأحادية والحمائية، وتآكل الثقة المتبادلة والتعاون بين البلدان، وتعطيل الأنظمة والقواعد الدولية، وتراجع النمو الاقتصادي العالمي، وإضعاف حق الصين في التنمية في جميع جوانب مثل الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا والابتكار، إلخ، وقيام القوى الخارجية بالتدخل واستفزاز الصين في قضايا تايوان وهونغ كونغ وماكاو وشينجيانغ والتبت والقضايا البحرية؛ وعدم توقف ظهور القضايا الإقليمية واستمرار التهديدات الأمنية غير التقليدية مثل انتشار الإرهاب الأمن الالكتروني، خاصةً الاضطرابات الطويلة الأجل في الشرق الأوسط، والتي أثرت على تنمية التعاون بين الصين وبلدان المنطقة.
ويعتقد لياو لي تشيانغ أن مواجهة الصين الوضع الدولي الحالي بالحاجة الى أخذ الفكر الدبلوماسي لشي جين بينغ كدليل، ومواصلة روح الكفاح والنضال، وتحسين روح النضال، وتحسين التفكير الاستراتيجي، والتفكير الأساسي، وتأييد التعددية الحازمة ونظام التجارة الحرة، وضد كل أنواع الأحادية، والبلطجة والتدخل في الشؤون الداخلية، للمحافظة على السيادة الوطنية والأمن والتنمية. وفي الوقت نفسه، يجب الاستمرار في توسيع "دائرة الأصدقاء" في الساحة الدولية، وتحسين العلاقات مع الأصدقاء القدامى، والتعرف على المزيد من الأصدقاء الجدد، لتصبح مجالات التعاون أوسع. ويجب التمسك بمبدأ "الدبلوماسية من أجل الشعب"، ليس لخدمة المواطنين الصينيين بشكل جيد فقط، ولكن لخدمة شعوب دول العالم ولتعزيز مشاعر الناس الودية للصين في جميع البلدان ايضا. كما يمكن للصين التعامل بشكل صحيح مع الصعوبات والتحديات طالما حصلت على المزيد من التفاهم والدعم من المجتمع الدولي.
الحديث عن دبلوماسية القوى الكبرى ذات الخصائص الصينية: العمل بشكل ايجابي واستباقي
يرى لياو لي تشيانغ أن الفكر الدبلوماسي لشي جين بينغ باعتباره الأساس ذو أهمية كبرى في تعزيز دبلوماسية القوى الكبرى ذات الخصائص الصينية في الوضع الجديد، وأنه يجب التمسك بـ بـ "الثقات الأربعة" لدى الحزب الشيوعي الصيني: الثقة في الطريق، الثقة في النظرية، الثقة في النظام، الثقة في الثقافة، واستخدام النظرة الصحيحة للتاريخ والوضع العام والدور الصيني لفهم مكانة الأخيرة والوضع الدولي الحالي لإيجاد الطرق الصحيحة لمواجهة التحديات والمخاطر المختلفة. كما بات من الضروري تعميق التخطيط الاستراتيجي الدبلوماسي بشكل شامل، والتوسع المستمر في الانفتاح على العالم الخارجي، وتعزيز بناء علاقات دولية جديدة، وتطوير التعاون الودي مع البلدان الأخرى.
وبالنسبة للعمل مع مصر، يرى لياو لي تشيانغ أنه من الضروري تنفيذ التوافق الذي توصل اليه الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بطريقة متقاربة، والالتزام بالمفهوم الصحيح للعدالة والمصالح، وتعزيز التطوير المستمر للتعاون بين الصين ومصر في مختلف المجالات، وتطوير التعاون في مجال معيشة الناس بشكل مستمر في إطار "الحزام والطريق"، والدفع بالتعاون الصيني ـ العربي، والتعاون الشامل للبلدان الأفريقية، وتوحيد البلدان النامية، للعمل معًا لدفع إصلاح نظام الحوكمة العالمي نحو اتجاه أكثر ملاءمة لتنمية البلدان النامية. وفي الوقت نفسه، يجب أن نولي الاهتمام لرواية قصة الصين وقصة الحزب الشيوعي الصيني في التبادلات الخارجية، والعمل الجيد في الانتشار الدولي للحضارة الصينية والطريق الصيني، لاجتذاب المزيد من الأصدقاء الأجانب تعلم اللغة الصينية، وجعل العالم يعرف أكثر الصين، بما في ذلك مصر، ورفع قوة التأثير الدولية والقوة الناعمة الصينية اعتمادا على قوة الحضارة الثقافية.
كما دعا لياو لي تشيانغ إلى إزالة الخوف والقلق، والعمل بشكل إيجابي ودائم على فتح وضع دبلوماسي جديد وبذل جهود حثيثة لتحقيق الحلم الصيني المتمثل في إحياء الأمة الصينية.
الحديث عن الأهمية التاريخية لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين ومصر: العلاقة بين البلدين نموذج العلاقات الصينية ـ الافريقية والعربية
استعرض لياو لي تشيانغ تاريخ العلاقات الصينية ـ المصرية قائلا: "تعتبر الحضارتان الصينية والمصرية من أقدم الحضارات في العالم، والتبادلات الودية بين الشعبين ليست وليدة اليوم وإنما تعود الى فترة طويلة. ومنذ أكثر من ألفي عام، أرسلت أسرة هان الصينية رسلًا إلى الإسكندرية، وأصبح طريق الحرير القديم رابطًا مهمًا بين الجانبين. وفي العصر الحديث، استجاب الشعبان الصيني والمصري بنفس الطريقة للصراعات المناهضة للاستعمار والهيمنة. وبفضل ورؤية الجيل الأقدم من قادة البلدين ماو تسي دونغ وجمال عبد الناصر، أقام البلدان علاقات دبلوماسية عام 1956. وهذه حتمية تاريخية."
مضيفا: " تعتبر مصر دولة عربية وإفريقية ذات نفوذ كبيرة، وقد أدت إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين إلى قيام عدد كبير من الدول العربية والإفريقية بإقامة علاقات دبلوماسية مع الصين الجديدة، مما كسر العزلة والحصار اللذين فرضتهما الولايات المتحدة والغرب على الصين الجديدة وفتح وضعا جديدا من أجل التحرر الوطني والاستقلال الوطني. وفي هذه الحالة، لدى الصين الجديدة أصدقاء أكثر في العالم. ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية قبل 63 عامًا، تمتعت الصين ومصر بالاحترام المتبادل والثقة المتبادلة والدعم المتبادل، وصمدت أمام اختبار التغيرات الدولية والإقليمية. وفي نوفمبر 1956، نظم شعب بكين مظاهرة في ميدان تيانانمن لدعم مصر في الحفاظ على السيادة الوطنية وتأميم قناة السويس. وفي عام 1971، دعمت مصر استعادة الصين لمقعدها الشرعي في الأمم المتحدة ودأبت على تقديم دعم قوي في جميع القضايا ذات الصلة بمصالح الصين الجوهرية واهتماماتها الرئيسية. وباعتبارها مقرًا لجامعة الدول العربية، تلعب مصر أيضًا دورًا رائدًا مهمًا في تعزيز التعاون الصيني ـ العربي. وقال الرئيس شي جين بينغ ذات مرة إن العلاقات بين الصين ومصر نموذج للعلاقات الصينية العربية والتعاون بين الجنوب والجنوب."
ويعتبر لياو لي تشيانغ العلاقات الصينية ـ المصرية نموذجا للعلاقات بين الصين والعالم العربي والقارة السمراء. معتقدا أن مستقبل التعاون بين الصين ومصر سيكون مشرقا، وأن الصداقة بين البلدين ستتدفق بالتأكيد إلى الأمام مثل نهر النيل، وتساهم في بناء مجتمع المصير المشترك الصيني-العربي والصيني-الافريقي حتى مجتمع المصير المشترك البشري.
الحديث عن تبادل الخبرات في الحكم: توافق استراتيجية التنمية ومصالح الجانبين بشكل كبير
تعزز الإنجازات التنموية الهائلة التي حققتها الصين بشكل طبيعي سحر الطرق الصينية وجاذبية التجربة الصينية. كما أشار تقرير المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني، إلى أن التطور المستمر لطريق الاشتراكية ذات الخصائص والنظريات والأنظمة والثقافات الصينية، يوسع الطريق أمام البلدان النامية لتحديثها، وإعطاء تلك البلدان التي ترغب في تسريع التنمية والأمل في الحفاظ على استقلالها خيارًا جديدًا.
اشار لياو لي تشيانغ إلى ظهور حالات غير متألقة في بعض الدول العربية التي استنسخت نموذج التنمية الغربية بعد الاضطرابات العامة التي شهدتها منطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا في عام 2011. ويقول المثل العربي:" أظافرك تعرف مكان الحكة". مضيفا:" لقد بذلت البلدان التي شهدت الاضطرابات بما فيها مصر جهودا مضنية لاستكشاف مسار التنمية الذي يناسب ظروفهم الوطنية. وقد وفر التطوير المستقل للطريق الصيني نموذجًا ناجحًا للرجوع إليه. وأصبح "حديث شي جين بينغ حول الحكم والإدارة" الكتاب الأكثر شعبية في حفلات الاستقبال التي استضافتها السفارة الصينية في مصر. وأن مصر ودول أخرى أكثر استعدادا لربط استراتيجيات التنمية مع مبادرة " الحزام والطريق"."
وقد أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال الزيارات المتكررة للصين منذ توليه منصبه نجاح التنمية الصينية والتطلع إلى تعلم من تجربة الصين الناجحة، وتبادل الخبرات مع العديد من القادة الصينيين، بمن فيهم الرئيس شي جين بينغ، في حكم البلاد. وقام الرئيس السيسي أثناء زيارته للصين لحضور قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي لعام 2018 بزيارة خاصة إلى مدرسة الحزب الشيوعي الصيني المركزية وألقى خطابًا، معربًا عن إعجابه بإنجازات التنمية الشاملة للصين، وهو على استعداد لمعرفة المزيد من تجربة الإصلاح والتنمية في الصين.
وعندما زار الرئيس شي جين بينغ مقر جامعة الدول العربية في يناير 2016، أعلن عن انشاء الصين لمركز أبحاث الإصلاح والتنمية الصيني ـ العربي بهدف تعزيز تبادل الخبرات بين الصين والعرب في إدارة البلاد والتنمية الاقتصادية. وتشهد الآليات المختلفة لمركز أبحاث الإصلاح والتنمية الصيني –العربي تحسنا يومًا بعد يوم، حيث تزود الصين والدول العربية بمنصة تفاعلية شاملة ذات أهمية كبيرة للجانبين للتعلم من بعضهما البعض، وتحسين مستوى الحكم، وتعزيز الإصلاح والتنمية لكل منهما.
وفي الوقت الحالي، تتحمل الصين والدول العربية، بما في ذلك مصر، مهام تنموية مهمة ومهام تاريخية جديدة، وتتوافق استراتيجيات التنمية ومصالح الجانبين بشكل كبير، وتعترف الدول العربية بشكل متزايد بطريقة التنمية الصينية وتجربتها. ويعتقد لياو لي تشيانغ أن التنمية المشتركة بين الصين ومصر ستدخل بالتأكيد في آفاق أوسع للتعاون ومستقبل مشرق بفضل الجهود المشتركة للجانبين.
الحديث عن تعزيز الدبلوماسية متعددة المستويات: التركيز على تبادل العلوم الإنسانية
أصبحت العلاقات الصينية المصرية بتوجيه مشترك من الرئيس شي جين بينغ والرئيس السيسي، أكثر تاريخية وشمولية واستراتيجية ومثالية وقيادية، كما دخل التعاون بين البلدين في مختلف المجالات في فترة من التطور السريع. ويعتقد لياو لي تشيانغ أنه على الصين ومصر العمل على مواصلة تعزيز لعلاقات الثنائية في اتجاه شامل متعدد المستويات وثلاثي الأبعاد، وتعميق التبادلات السياسية والتعاون العملي بين البلدين، وضرورة التركيز على التبادلات الإنسانية.
أشار الرئيس شي جين بينغ في مؤتمر حوار الحضارة الآسيوي إلى أن التنوع أساس التبادل بين الحضارات، والتعلم المتبادل من خلال التبادلات المتبادلة، والتنمية بفضل التعلم المتبادل، ويجب علينا تعزيز التبادلات والتفاهم المتبادل بين مختلف البلدان والقوميات المختلفة والثقافات المختلفة في العالم، وتعزيز بناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية. وحول التبادلات الإنسانية بين الصين ومصر، قال لياو لي تشيانغ، أن الصين ومصر باعتبارهما من أقدم الحضارات في العالم، فإن التبادلات الإنسانية مميزة للغاية، حيث يلعب الفن دورا مهما لتقريب قلوب الشعبين في التبادلات المتكررة بين المجموعات الثقافية والفنية في البلدين. وبمناسبة السنة القمرية الصينية الجديدة هذا العام، تمت إضاءة أهم علامة تاريخية في مصر، والتي يرجع تاريخها إلى ألف عام بلون "الاحمر الصيني "، وهذه هي المرة الاولى منذ سنوات التي تضيء فيها مصر ألوانًا محددة لدولة أخرى في الأهرامات. كما اجتاحت "حمى اللغة الصينية" في مصر، حيث يوجد ما يقرب من 10 آلاف طالب في قاعات كونفوشيوس واقسام دراسة اللغة الصينية والثقافة الصينية، ويعمل الكثير من الخريجين المصريين باختصاص اللغة الصينية في المؤسسات تمولها الصين. كما تحظى المسلسلات الصينية المدبلجة الى العربية بترحيب حارا من قبل الشعب المصري. وفي عام 2018، بلغ عدد المواطنين الصينيين الذين ذهبوا إلى مصر 500 ألف. ومنذ عام 2016، وفرت الصين التدريب بنجاح لأكثر من 2000 من المسؤولين الحكوميين والفنيين المصريين، كما قدمت منحًا دراسية لبرامج شهادات المنح الأجنبية لـ 19 عالمًا مصريًا. وقد عزز هذا التفاهم المتبادل الصداقة بين الشعبين.
يعتقد لياو لي تشيانغ أن الحوار بين الثقافات هو المدخل إلى التواصل الحضاري الذي هو الأساس في بناء التفاهم الإنساني بين الشعوب، وهذا أيضا خطوة عمل الصين في المرحلة المقبلة، حيث تستمر في تعزيز التعليم الصيني في مصر وتشجيع إدراج اللغة الصينية كلغة أجنبية ثانية في مناهج التعليم القومي المصري؛ وسوف تقوم بتدريب المزيد من المواهب في مصر، بالإضافة إلى توفير المنح الحكومية الصينية للطلاب المصريين، والإسراع أيضًا في إنشاء "ورشة لوبان" للتدريب على المهارات المهنية للشباب المصري؛ وتوسيع قناة التبادلات، بما في ذلك منصات وسائل الإعلام الجديدة مثل حساب Facebook الذي فتحته السفارة منذ وقت ليس ببعيد، لرواية القصة الصينية لجميع مناحي الحياة في مصر، ليسمع الشعب المصري المزيد عن الصين، وفهم أعمق للسياسات والأفكار والطرق والثقافة الصينية. واضاف لياو لي تشيانغ قائلا:"تعد التبادلات المحلية جزءًا مهمًا من العلاقات الصينية ـ المصرية، حيث تعمل على إثراء موارد وقنوات التعاون بين البلدين وتقدم مساهمات إيجابية في التطوير المستمر والعميق للتعاون الشامل بين البلدين. وفي الوقت الحاضر، تشكل 17 زوجًا من المقاطعات والمدن الصديقة بين الصين ومصر، وقد أسفر التعاون المحلي عن نتائج مثمرة، وتم تنفيذها واقعيا في مصر. وفي الوقت نفسه، لا تزال هناك إمكانات هائلة للتعاون، كما تشهد التبادلات غير الحكومية بين البلدين نشاطا متزايدا. وطالما تشكل التبادلات المركزية والمحلية والشعبية بين البلدين تفاعلًا إيجابيًا، سيكون أساس الشعب أكثر صلابة، ويمكن للعلاقة الصينية المصرية أن تكون حقًا مستقرة وبعيدة المدى."