بكين 6 أكتوبر 2019 (شينخوا) وسط أجواء احتفالية كبيرة بمناسبة حلول العيد الوطني الصيني الذي تحتفل فيه الصين هذا العام بالذكرى الـ70 لتأسيسها ويحمل مذاقا خاصا بفضل الإنجازات العظيمة التي حققتها خلال مسيرة عملها الدؤوب طوال العقود السبعة الماضية، يقف التعاون بين الصين والدول العربية أمام آفاق واعدة مع توجه الجانبين للعمل يدا بيد نحو خلق مستقبل أفضل للعلاقات الصينية العربية وتطلعهما دوما إلى تعاون يطرح ثمارا أوفر لهما وللعالم أجمع.
فالآن، صارت المنتجات الزراعية العربية متواجدة بكثرة في بيوت الصينيين وعلى موائدهم وخاصة في مواسم الأعياد بدءا بالبرتقال والتمر ودبس الرمان وعسل النحل وزيت الزيتون وصولا إلى التوابل والسمسم والأعشاب والصمغ والقطن، كلها تتميز بكونها منتجات عضوية وطبيعية خالصة، وهذا ما يتطلع إليه الصينيون حيث يرون أن جودة المنتج تمثل عنصرا أساسيا عند شرائهم له كي يستخدمونه وهم مطمئنين.
-- تمر وزيت زيتون: على المائدة الصينية
ترتبط المنتجات الزراعية ارتباطا وثيقا بالطبيعة الجغرافية والمناخية للمنطقة العربية، فالنخلة هي شجرة اهتم بها العرب كثيرا كونها تتميز بالقدرة على النمو والإنتاج في البيئات الصحراوية وعرفوها منذ القدم وورد الحديث عنها في تراثهم وكتبهم وأشعارهم وارتبطت بها عادات وتقاليد وحرف تراثية ولعبت دورا في مكافحة زحف الصحراء لما تتمتع به من قدرة على التأقلم مع البيئات العربية.
ولطالما كان التمر بأصنافه المتنوعة الغذاء الرئيسي للبدو والتجار العرب عبر التاريخ عند السفر والترحال كونه يحتوي على كميات كبيرة من الفيتامينات فضلا عن البروتين والمعادن ويتناولوه طوال العام بأنواعه المختلفة طعما وشكلا واسما وبات عنوانهم في الضيافة والكرم.
ويرى أحمد مرعي مدير شركة (جرين واي) المصرية والذي سيشارك في معرض الصين الدولي للاستيراد في دورته الثانية بشانغهاي (إكسبو شانغهاي) في الفترة من 5 إلى 10 نوفمبر المقبل، أنه سيكون هناك إقبال على التمر المصري من قبل الشركات الصينية خلال المعرض، التي يقول إنها "دائما ما تبحث عن منتجات عالية الجودة، حتى إذا كانت مرتفعة الثمن".
ومع دخول التمر العربي السوق الصينية، لوحظ إقبال الصينيين على شرائه في عيد قوارب التنين لاستخدامه في حشو طعام صيني تقليدي يسمى "تسونغتسي" بدلا من السكر واللحم.
وشأنها شأن النخلة، حظيت شجرة الزيتون بأهمية كبيرة ومكانة رفيعة في حضارات عديدة ومنها حضارة العرب ومن ثم فقد عرفها الإنسان منذ القدم وانتشرت زراعتها في بلاد الشام وبلاد المغرب العربي، فثمرتها الخضراء تزين الأرض ويعطى زيتها نهكة خاصة للطعام، وهي شجرة معمرة يصل عمرها في بعض الأحيان إلى مئات السنين. وتغنى بها الشعراء والكتاب وصارت أغصانها رمزا للسلام والمحبة بين الشعوب. ويصفها العرب "بالذهب الأخضر" كناية عن أهميتها وإنتاجها.
وسيظهر زيت الزيتون السوري من إنتاج شركة (سيرجيلا) في الدورة الثانية من إكسبو شانغهاي بعدما جذب المستهلك الصيني في العام الماضي، فقد قال السوري ياسين دياب إن شركة سيرجيلا التي ستشارك مرة أخرى في المعرض سميت على اسم مدينة سيرجيلا التي شُيد بها أول مصنع لاستخراج زيت الزيتون فى العالم وإنه منبهر بحجم المعرض وبشدة المنافسه فيه. ويرى أن "المميزات الخاصة لمنتجاته هي القادرة على جذب العملاء وسط هذه التنافسية الكبيرة".
وفي الواقع، يقبل الصينيون بشدة في السنوات الأخيرة على استخدام زيت الزيتون نظرا لقيمته الغذائية والعلاجية حيث يحتوي على نسبة عالية من الفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة، ليقدم الآن هو والتمر على مائدة الصينيين.
-- صمغ وقطن: إقبال وحماسة من الصينيين
شهد جناح السودان في الدورة الأولى من إكسبو شانغهاي إقبالا كبيرا من الزائرين بما يضمه من منتجات مثل الفول السوداني وبذور السمسم والكركديه، وكذا الصمغ العربي الذي كان المنتج الأكثر جاذبية حيث شرح أحد موظفي الجناح للزائرين مدى أهميته كونه يدخل في العديد من الصناعات الغذائية، ويحتوي على مواد دوائية ومنها علاج أمراض الكلى".
يعتبر السودان من أكبر الدول المنتجة للصمغ العربي في العالم ويستخرج الصمغ العربي من أغصان وجذوع أشجار الهشاب المنتشرة في ربوعه، وله لون أبيض مائل إلى البني ويتكسر على شكل قطع من الزجاج. وتعيش أشجار الصمغ لسنوات عديدة كونها من الأشجار القوية التي تتحمل الجفاف.
وعن منتج زراعي آخر يطلق عليه المصريون "الذهب الأبيض" وصار مقصد الصينيين عن شرائهم للملابس والمفروشات، قال سعيد المسؤول بشركة مصرية متخصصة في تصدير المنسوجات القطنية خلال مشاركته في الدورة الأولى من إكسبو شانغهاي إنه يثق بأن منتجات شركته سيكون لها مكان في السوق الصينية الضخمة. وترتكز ثقة سعيد هذه على أساس صلب خاصة أن القطن المصري، المعروف بأنه طويل التيلة، يشهد العالم بأكمله بأنه أجود أنواع القطن.
وأوضح سعيد أنهم كانوا يفتقرون في الماضي إلى فهم السوق الصينية. لذلك كانت مبيعات منتجاتهم تتوجه بشكل أساسي إلى أوروبا والولايات المتحدة. وأن المعرض فرصة لفتح نافذة جديدة لأنه في الدورة الأولى منه لم يستشعر فقط حماسة الصينيين للمنتجات القطنية المصرية، وإنما أيضا إمكانات التصدير الضخمة للسلع المصرية إلى السوق الصينية.
-- وردة وبرتقال: جسر إلى السوق الصينية
ارتباطا بالمنتجات الزراعية، ستشارك أيضا في دورة هذا العام من إكسبو شانغهاي شركة (بيوشام) السورية المتخصصة في استخراج زيت الوردة الشامية والتي تقول صاحبتها رولا علي أديب إن هذه الوردة تمثل جسرا بينها وبين السوق الصينية الهائلة.
وستشارك رولا في الدورة الثانية من المعرض بمنتجات شركتها التي أسستها في عام 2000، ومن أهم منتجاتها زيت الوردة الدمشقية وزيت الخزامى والصابون وإكليل الجبل والبابونج وغيرها من المنتجات الطبيعية.
وقالت رولا إن "سوق الصين من الممكن أن تستقبل جزءا كبيرا من أعمالنا، وثمة مؤشرات على أنها يمكن أيضا أن تستهلك 50 في المائة من إنتاج معملنا، لذلك نركز على هذه السوق".
ونظرا لعشق الصينيين لتناول الأعشاب ذات الفوائد الصحية والطبية في حياتهم اليومية، فهم يقبلون على هذه المنتجات الطبيعية السورية مع إمكانية شرائها بسهولة من على مواقع التسوق الصينية مثال (جيندونغ) و(تاوباو).
أما عن البرتقال المصري، فأرجع أحد المدونين على موقع (سوهو) الصيني عشق الصينيين له إلى "كونه رقيق القشرة وكثير العصير ولذيذ الطعم". كما يقول رئيس شركة (النيل للتجارة الدولية) المصرية أشرف العدوي إن "مصر من أولى الدول في العالم في تصدير البرتقال بأنواعه المتعددة حيث تزرع مساحات كبيرة بهذا المحصول، فضلا عن امتلاكها خبرات كبيرة في مجال زراعته".
ويعتبر العدوي السوق الصينية مميزة بالنسبة له، مؤكدا أن التصدير للصين أثر إيجابا على شركته، خاصة أن حجم البرتقال الذي يصدره للسوق الصينية يمثل أكثر من 25% من إجمالي الكميات التي تصدرها شركته إلى الخارج.
وعلاوة على ذلك، ستستقبل الدورة الثانية من إكسبو شانغهاي منتجات عربية أخرى من الإمارات وتونس والمغرب وغيرها لتثري رحلة التعاون الصيني العربي المشترك وليفتح المعرض بذلك نافذة للشركات والمؤسسات من جميع الدول العربية لعرض منتجاتها واستكشاف قنوات جديدة لدخول السوق الصينية.
فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية 126.7 مليار دولار أمريكي في النصف الأول من العام الجاري 2019، بزيادة 12 في المائة على أساس سنوي، حسبما ذكرت وزارة التجارة الصينية على موقعها الرسمي على الإنترنت في سبتمبر الماضي. وبصفتها دولة كبيرة ومسؤولة، تثبت الصين من خلال إكسبو شانغهاي تمسكها بمبدأ الانفتاح والمنفعة المتبادلة والفوز المشترك والدعوة إلى بناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية لدفع الرخاء العالمي وإتاحة المزيد من الفرص للتنمية لجميع دول العالم.