رام الله 22 نوفمبر 2019 (شينخوا) تراوح جهود الاتفاق على إجراء أول انتخابات فلسطينية عامة منذ عام 2006 مكانها مع استمرار الخلافات على عدة قضايا تفصيلية.
ومضى نحو سبعة أسابيع على تكليف الرئيس الفلسطيني محمود عباس رئيس لجنة الانتخابات المركزية حنا ناصر ببدء التحضير لإجراء الانتخابات التشريعية والاتفاق على ذلك مع الفصائل.
ومنذ ذلك التاريخ، يجرى ناصر الذي يلعب دور الوسيط متنقلا بين رام الله وغزة مباحثات مستمرة للاتفاق بين الأطراف المعنية على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية لاحقا.
لكن بخلاف التصريحات الإيجابية بشأن الحرص على إجراء الانتخابات وعدم عرقلتها، لم يتم الإعلان عن تفاهمات معينة بشأن القضايا التفصيلية لملف الانتخابات أو الموعد المفترض لها حتى الآن.
وقدم ناصر قبل أسبوعين، ورقة مكتوبة من عباس للفصائل الفلسطينية جاء فيها أنه يريد إجراء انتخابات عامة في الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة، ومن ثم عقد حوار بين الفصائل يحدد موعده لاحقا بعد إصدار المرسوم الرئاسي الخاص بالانتخابات.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية خلال فعالية جرت بمدينة رام الله أمس "الخميس"، إن الرئيس محمود عباس دعا إلى إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية واستلم ردا من 14 فصيلا وافقوا على الانتخابات.
وأضاف اشتية بحضور قناصل وسفراء دول أوروبية بحسب بيان صدر عن مكتبه تلقت وكالة أنباء ((شينخوا)) نسخة منه "ننتظر ردا رسميا مكتوبا" من حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بالموافقة على الانتخابات.
وكادت أن تفجر خطوة إصدار عباس المرسوم الرئاسي لموعد إجراء الانتخابات قبل عقد حوار وطني شامل الأجواء منذ بدايتها، إلا أن الفصائل الفلسطينية بما فيها حماس تنازلت على مطلبها الخاص بذلك.
وتعلن حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ 12 عاما، بحسب تصريحات صدرت على لسان مسئولين فيها، أنها قدمت مرونة في ملف إجراء الانتخابات، لكنها تطالب بتوفير متطلبات لضمان نجاحها تتمثل "بالحريات العامة، والنزاهة، والشفافية، واحترام النتائج".
ويبرز مسئولون في فصائل فلسطينية أن "الشيطان يكمن في التفاصيل" أنه لم يتم الاتفاق بشكل نهائي على الإجراءات اللازمة لتنفيذ الانتخابات وإنجاحها، مثل عقبة ماهية القانون الذي سيتم الاستناد إليه في تنفيذ الانتخابات.
من جهتها أعلنت لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية، جاهزيتها الفنية وأنها بحاجة إلى مدة 90 إلى 100 يوما من تاريخ صدور المرسوم وحتى يوم إجراء الانتخابات.
وقالت اللجنة في بيان، إن هذه المدة القانونية التي ينص عليها القانون يتم فيها تسجيل الناخبين، وفتح باب الترشح، وتقديم الطعون في المحاكم، والدعاية الانتخابية، وهي الحد الأدنى الذي يلزمنا من أجل إجراء العملية الانتخابية.
وأكدت اللجنة، أن إجراء الانتخابات سيتم بوجود مراقبين محليين ودوليين لمتابعة سير العملية وفقا للمعايير الدولية وقانون الانتخابات الفلسطيني.
ومقابل الجهود المبذولة إلا أن الخطوات على الأرض تسير عكس ذلك، إذ اتهمت الحكومة الفلسطينية الأجهزة الأمنية التابعة لحماس باقتحام مكتب وزير لها في غزة والتحقيق مع الموظفين فيه.
وقال إبراهيم ملحم المتحدث باسم الحكومة في بيان له مساء أمس " الخميس"، إن الأجهزة الأمنية التابعة لحماس في غزة اقتحمت مكتب وزير الأشغال العامة والإسكان محمد زيارة وحققت مع موظفيه.
وانتقد ملحم ما أقدم عليه أمن حماس، معتبرا إياه "اعتداء لا ينسجم مع المساعي الجارية لخلق أجواء إيجابية لإنجاح عقد انتخابات عامة تشكل بوابة لإنهاء الانقسام وتوحيد مؤسساتنا وإعادة الأجواء الديمقراطية لمجتمعنا".
ولم يكن الوزير زيارة في مكتبه عند الاقتحام، فيما لم تعقب وزارة الداخلية التي تديرها حماس في غزة على الاتهام.
وينظر الفلسطينيون بأهمية بالغة لإعادة انتخاب مؤسساتهم وبينها المجلس التشريعي بعد تعطيل استمر طويلا، لكنهم قلقون من المصاعب التي تواجه عودتهم المحتملة لصناديق الاقتراع، فضلا عن المخاوف من تأثير الخطوة على انقسامهم الداخلي.
وتسبب الانقسام الفلسطيني الداخلي الذي بدأ منتصف عام 2007 إثر سيطرة حماس على قطاع غزة بالقوة بتعطيل أي مظاهر للديمقراطية وغياب الانتخابات العامة وسط خلافات حزبية مستمرة.
وأجريت أخر انتخابات عامة فلسطينية عام 2006 وفازت فيها حماس بأغلبية برلمانية، وسبق ذلك بعام فوز عباس بانتخابات رئاسية.
وتتعثر جهود المصالحة الفلسطينية رغم توقيع عدة اتفاقات سابقة برعاية عربية متعددة أهمها من مصر أخرها في أكتوبر 2017 لتسليم حكومة الوفاق الفلسطينية إدارة قطاع غزة.
وظلت حركتا التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وحماس تتبادلان اتهامات على مدار السنوات الماضية بشأن المسئولية عن تعطيل إجراء انتخابات جديدة.
وإلى جانب خلافاتهم الداخلية، يخشى الفلسطينيون من أن تمنع إسرائيل إجراء الانتخابات في الجزء الشرقي من مدينة القدس الذي يطالبون بأن يكون عاصمة لدولتهم العتيدة.
وبهذا الصدد طالب اشتية المجتمع الدولي بعد ما ينجز الاتفاق على عقد الانتخابات بالضغط على إسرائيل للسماح بعقدها في القدس إلى جانب الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأشار رئيس الوزراء الفلسطيني إلى أن "الاتفاقيات مع إسرائيل سمحت لنا بعقدها في القدس سابقا بعدة انتخابات".
ويريد الفلسطينيون إعلان القدس الشرقية التي تضم المسجد الأقصى عاصمة لدولتهم العتيدة فيما تصر إسرائيل على اعتبار القدس الموحدة عاصمة لها.