كيف نعلق على التجارب الصينية في احتواء انتشار الوباء؟ وكيف نواجه التعليقات حول نظرية المؤامرة عن مصدر الوباء ونظرية المسؤولية؟ أجرى باي يان سونغ مراسل لمجموعة الصين للإعلام يوم الجمعة مقابلة خاصة مع ريتشارد تشارلز هورتون، رئيس تحرير مجلة ((ذا لانسيت)) الطبية البريطانية الشهيرة حيث أجاب هورتون على بعض الأسئلة الساخنة.
إلقاء اللوم على الصين لتفشي كوفيد-19 "غير مفيد وغير حقيقي"
أشار هورتون إلى أن قرار الحكومة الصينية بإغلق مدينة ووهان لمواجهة حالة الطوارئ كان حاسما للغاية. فقد وفرت للعالم وقتا أكثر لمواجهة الوباء، ولم يكن ذلك قرارا صحيحا فحسب، بل أن الصين أظهرت للدول الأخرى كيفية مواجهة مثل هذا الوباء. "لذلك، أعتقد أنه علينا شكر الصين على جهودها في مكافحة الوباء في مدينة ووهان".
وحيال اتهام بعض الناس في العالم للصين بأنها مصدر انتشار فيروس كورونا الجديد دون تقديم أدلة دامغة، قال هورتون إن هذا الاتهام غير مفيد وغير حقيقي. يجب علينا أن نتعاون مع الحكومة الصينية لمعرفة الوباء ونبذل أقصى الجهود لتجنب انتشاره مرة أخرى. فالصين لا ترغب في تفشي الوباء ولا يجب أن تكون مسؤولة عنه. وأضاف هورتون أنه بحسب ما يعرفه، فقد ساهم الأطباء والعلماء الصينيون مساهمة فائقة في مكافحة الوباء، وقدموا اقتراحات قيمة للحكومة عالجوا المرضى وحموا صحة المواطنين وسلامتهم. "لذلك في رأيي، على الصين أن تفخر بمجموعتها الفائقة للبحوث العلمية والطب والتمريض. إن انتقاد بعض السياسيين للصين وتعليقاتهم غير عادلة وخاطئة في الحقيقة، علينا شكر الأطباء والعلماء الصينيين على جهودهم في مكافحة الوباء".
التجارب الصينية تستحق التعلم منها
أشار هورتون إلى أن الكثير من التجارب الصينية في مكافحة هذا الوباء تستحق التعلم والاستفادة منها. على سبيل المثال، تعتبر إقامة مستشفيات مؤقتة خاصة بمرضى كورونا إجراء مبتكرا. فالمصابون بأعراض خفيفة سيدخلون إلى المستشفيات المؤقتة ويخضعون للعلاج اللازم، فإذا تعكرت حالتهم فينتقلون إلى المستشفيات المتخصصة، وهذه الفكرة مفيدة للغاية، لأنها لا تجمع المزيد من المرضى المصابين بالفيروس في نفس المكان فحسب، بل أنها تساهم في تطبيق الحجر الصحي بفعالية. هذا عامل مهم لنجاح الصين في السيطرة على الوباء، وهي تجربة جديرة بالتعلم منها بالنسبة للدول الأخرى.
أوضح هورتون أن الصين أصبحت دولة قوية في المجال العلمي الآن، وهي أيضا واحدة من أكبر المساهمين في الأبحاث العلمية لمجلة "ذا لانسيت"، إن التطور العلمي في الصين هو بالفعل في مستوى رائد في العالم، وذلك بفضل استثمارات الحكومة الصينية في هذا المجال في السنوات الـ20 الماضية. لكن للأسف فالصين لم تعتبر دولة قوية في مجال الطب والعلوم الطبية. "بعد هذا الوباء، أرجو من المزيد من دول العالم أن تعترف بالمساهمات الصينية في مكافحة هذا الوباء، وأرجو من المزيد من العلماء الطبيين والرواد في مجال الطب أن يلعبوا دورا مهما في الساحة العالمية".
خطورة "جائحة المعلومات المزيفة" تتساوى معها لجائحة "كوفيد-19"
قال هورتون حول الشائعات مثل نظرية المؤامرة، إن عددا من هذه التعليقات مضحك جدا، "ولكن علينا الاهتمام بهذه الظاهرة. أما نظرية المؤامرة عن الوباء فهي غير مفيدة لمكافحة الوباء، علينا معرفة مصدر الفيروس والبحث عنه بشكل علمي، ولا يمكننا أن نتأثر في نظرية المؤامرة هذه، لأن التأثيرات السلبية لنظرية المؤامرة خطيرة للغاية. كما قال تيدروس أدهانوم غيبريسوس، مدير عام منظمة الصحة العالمية، "إننا نكافح جائحتين في الأشهر الماضية، إحداهما جائحة "كوفيد-19"، والأخرى "جائحة المعلومات المزيفة". في بعض الأحيان، ستؤدي المعلومات المزيفة إلى تأثيرات سلبية خطيرة. إن الشائعات تنتشر مثل الفيروس وتؤثر على الناس، وتؤدي إلى الأضرار. لذلك، من اللازم القضاء على الشائعات مع مكافحة الفيروس والسيطرة عليه في آن واحد".
البحث عن المريض رقم صفر غير مفيد
أشار هورتون إلى أن البحث عن المريض رقم صفر ليس له أهمية تذكر. بذل الناس جهودا للعثور على المريض رقم صفر للإيدز أثناء تفشي المرض في الثمانينيات. في ذلك الوقت يظن الناس أنه تم العثور عليه، وقد أثار هذا الشخص المناقشة على نطاق واسع بعد أن كشفت عنه وسائل الإعلام، ولكن تبين بعد سنوات أن هذا الشخص لم يكن المريض رقم صفر. ربما يسبب العثور على المريض رقم صفر وصمة عار وتمييز، ولا يلعب أي دور وليس عندها أساس علمي أيضا. من جهة أخرى، من الضروري معرفة مصدر الفيروس وطريقة انتشاره، مما يخفض مخاطر انتشاره إلى الناس.
تعليقات بعض السياسيين الأمريكيين مخيبة للآمال
قال هورتون إنه يقدر مستوى التطور العلمي في الولايات المتحدة، وقد نصب الأطباء والعلماء نموذجا مثاليا في الاستجابة للوباء، مثل أنتوني فاوتشي، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، والدكتورة ديبورا بركس، كلهم باحثون متميزون في الولايات المتحدة. وخيب السياسيون الأمريكيون أمل هورتون، لأنهم دعوا إلى نظريات المؤامرة ودعموا بعض مناهج العلاح بدون دليل مؤكد وانتقدوا الدول والمنظمات الأخرى علنا. كل هذه التصرفات غير مفيدة. "علينا تعزيز التعاون لمواجهة التحديات، ولا يمكننا أن نكافح هذا التهديد بفعالية عن طريق التمييز بين مختلف البلدان والشعوب".
الآلاف من الوفيات بـ"كوفيد-19" في بعض الدول يمكن التجنب منه
أوضح هورتون أن منظمة الصحة العالمية ذكرت في يوم 30 يناير أن تفشي مرض (كوفيد-19) يمثل حالة طوارئ للصحة العامة، هذا تحذير للعالم بالاهتمام بالوباء، وقد أشار تيدروس إلى انتشار هذا الفيروس حتى يكون الجميع جاهزين. تعتبر منظمة الصحة العالمية أهم منظمة دولية في مجال الصحة العالمية، "ويتعين علينا الانتباه بتحذيرات المنظمة الصحة العالمية. لسوء الحظ، لم تول العديد من البلدان اهتماما للتحذير المبكر، مما تسبب في عشرات الآلاف من الوفيات، وكان من الممكن التجنب من هذا الوضع".
متى سينتهى الوباء في العالم؟
قال هورتون إنه بحسب الوضع في مدينة ووهان، فيستمر "إغلاق المدينة" من يوم 23 يناير إلى أوائل إبريل، أي لمدة حوالي 10 أسابيع، وتم السيطرة على الوباء بشكل أساسي، ما يدل على أن الفترة الأولى من الوباء ستنتهي بعد الحصار لمدة 10 أسابيع.
وقال هورتون إنه علينا الحفاظ على التدابير الوقائية الشخصية، مثل الاحتفاظ بالتباعد بين الناس وغسل اليدين والطريقة الصحيحة للسعال.. "لا يمكن تجنب انتشار الفيروس مرة أخرى إلا بفعل بذلك". ومن الممكن العثور على لقاح في الأشهر الستة إلى الـ12 شهرا القادمة، وسنتمكن من حقن هذا النوع من اللقاح من أجل حماية أنفسنا بشكل فعال".