بيروت/القدس 23 سبتمبر 2024 (شينخوا) قتل 492 شخصا وأصيب 1645 بجروح اليوم (الإثنين) في غارات إسرائيلية هي "الأكثر كثافة"، بحسب وصف اليونيفيل، على لبنان منذ بدء تبادل القصف بين حزب الله والجيش الإسرائيلي قبل نحو عام على خلفية الحرب في قطاع غزة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل.
فعلى مدار اليوم صباحا ومساء شنت إسرائيل غارات جوية عنيفة استهدفت مناطق واسعة في جنوب لبنان، قبل أن تمتد لتشمل البقاع الشمالي بعمق شرق البلاد.
ومن بين الغارات اليوم استهدفت واحدة ضاحية بيروت الجنوبية للمرة الرابعة هذا العام بهدف القضاء على أحد قياديي حزب الله.
-- الأكثر كثافة
وأعلن الجيش الإسرائيلي اليوم مهاجمة 1300 هدف لحزب الله في أنحاء لبنان.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي أفيخاي أدرعي على منصة ((إكس)) "هاجمنا اليوم 1300 هدف إرهابي تابع لحزب الله في أنحاء لبنان، ضربنا قدرات استراتيجية امتلكها حزب الله وضعها في قلب القرى وفي منازل مدنية كان ينوي إطلاقها منها لاستهداف مواطني دولة إسرائيل".
وأضاف أنه جرى في إطار الغارات "مهاجمة مبان وسيارات وبنى تحتية وجدت بداخلها قذائف صاروخية وصواريخ، وقاذفات صواريخ وطائرات مسيرة شكلت تهديدا وكانت مصممة لاستخدامها ضد دولة إسرائيل".
وشلمت سلسلة الغارات الجوية الإسرائيلية مناطق في البقاع الغربي وبعلبك والهرمل شرق لبنان، وفق مصادر عسكرية لبنانية.
وإثر هذه الغارات، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية في بيان مساء اليوم تحديثا جديدا "لحصيلة غارات العدو الإسرائيلي المتمادية على البلدات والقرى في جنوب لبنان والبقاع وبعلبك اليوم".
وذكرت أن الغارات أدت إلى مقتل 492 شخصا، من بينهم 35 طفلا و58 سيدة وإصابة 1645 آخرين بجروح.
وقالت مصادر عسكرية لبنانية لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن سلسلة الغارات الجوية الإسرائيلية على مناطق في البقاع الغربي وبعلبك والهرمل شرق لبنان أدت إلى "مقتل 100 شخص وإصابة حوالي 250 آخرين بجروح".
وتابعت المصادر أن الغارات أسفرت أيضا عن "تدمير حوالي 195 منزلا وأضرار بأكثر من 190 منزلا".
ووفق المصادر العسكرية، شن الطيران المسير والحربي الإسرائيلي اليوم 140 غارة على 65 بلدة في مناطق البقاع الغربي والهرمل وبعلبك شرق لبنان.
وذكرت أن الغارات الإسرائيلية على مناطق شرق لبنان توسعت في الساعات الأخيرة من هذه الليلة لتشمل بلدات جديدة في منطقة الهرمل وأخرى إلى الشرق من بلدة بعلبك والدلافة وقليا ويحمر وزلايا في البقاع الغربي.
ومساء أعلن الجيش الإسرائيلي شن غارة "بشكل موجه ومحدد" في بيروت.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي أفيخاي أدرعي في بيان مقتضب على منصة ((إكس)) "إن جيش الدفاع أغار قبل دقائق بشكل موجه ومحدد في منطقة بيروت".
وتحدثت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية اللبنانية عن "استهداف معاد لمنطقة حي ماضي في الضاحية الجنوبية بستة صواريخ".
فيما أفادت وسائل إعلام محلية إسرائيلية أن الغارة استهدفت قائد الجبهة الجنوبية في حزب الله علي كركي، دون مزيد من التفاصيل.
ونفى حزب الله في بيان اغتيال القيادي علي كركي، وقال إنه "بخير" و"انتقل إلى مكان آمن".
وتعتبر الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت هي الرابعة منذ أكتوبر الماضي، وتأتي بعد ثلاثة أيام من غارة مماثلة أسفرت عن مقتل القياديين البارزين في حزب الله إبراهيم عقيل وأحمد وهبي مع 14 من عناصر الحزب اللبناني.
وبلغت حصيلة قتلى الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مبنى سكنيا في ضاحية بيروت الجنوبية يوم الجمعة الماضي 54 شخصا، وفق ما أعلن الدفاع المدني اللبناني.
وفي 30 يوليو الماضي استهدفت غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية القائد العسكري في حزب الله فؤاد شكر، فيما أودت غارة في مطلع العام الجاري بحياة القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) صالح العاروري.
ووسط حملة القصف الإسرائيلي "الأكثر كثافة" منذ أكتوبر الماضي، أعربت اليونيفيل في بيان اليوم "عن قلقها البالغ على سلامة المدنيين في جنوب لبنان".
وحذرت قوات الأمم المتحدة العاملة بجنوب لبنان من "أن أي تصعيد إضافي لهذا الوضع الخطير يمكن أن يكون له عواقب بعيدة المدى ومدمرة، ليس فقط على أولئك الذين يعيشون على جانبي الخط الأزرق، ولكن أيضًا على المنطقة ككل".
ورغم هذه التحذيرات، يبدو أن العملية العسكرية الإسرائيلية ضد حزب الله ستتواصل.
فقد تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "بتغيير موازين القوى" على الحدود الشمالية مع لبنان.
-- تغيير موازين القوى
وقال نتنياهو في بيان مصور من داخل مقر سلاح الجو المحصن في وزارة الدفاع في تل أبيب "لقد وعدت بأننا سنغير ميزان القوى في الشمال، وهذا بالضبط ما نقوم به".
وأضاف "نحن لا ننتظر التهديد، بل نتوقعه في أي مكان، في أي ساحة، في أي وقت ونحن نقضي على كبار المسؤولين وعلى الإرهابيين، وندمر الصواريخ".
وتابع "نحن ندمر آلاف الصواريخ والقذائف التي تستهدف المدن الإسرائيلية والمواطنين الإسرائيليين".
وحذر نتنياهو من أن إسرائيل أمام "أيام معقدة"، مطالبا المواطنين الإسرائيليين "بالانصياع لتعليمات القيادة الجنوبية والوقوف في صف واحد بعزم ومسؤولية وصبر".
ومساء اليوم، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن قائد أركان الجيش الجنرال هيرتسي هاليفي أطلق اسم "سهام الشمال" على العملية العسكرية ضد حزب الله في لبنان.
وقبيل ذلك، دعا الجيش الإسرائيلي سكان قرى منطقة البقاع في لبنان إلى إخلاء منازلهم خلال ساعتين لمسافة لا تقل عن 1000 متر مع تواصل القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان.
وكتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي في بيان عبر منصة ((إكس)) "تحذير عاجل لسكان قرى منطقة البقاع في لبنان، عمليات حزب الله تجبر الجيش الإسرائيلي للعمل ضد البنى التحتية الإرهابية في قراكم".
وأضاف البيان أن "الجيش الإسرائيلي غير معني بالمساس بكم، فإذا تواجدتم داخل أو بالقرب من منزل يحتوي على أسلحة لحزب الله عليكم الخروج منه والابتعاد عنه خلال ساعتين لمسافة لا تقل عن 1000 متر خارج القرية، وعدم العودة حتى إشعار آخر".
وعلق نتنياهو على هذا الأمر، داعيا اللبنانيين إلى أخذ تحذيرات الجيش الإسرائيلي على محمل الجد.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي في كلمة مصورة "هذا الصباح بدأ الجيش بتحذيركم بمغادرة المناطق الخطرة، وأناشدكم أن تأخذوا هذه التحذيرات على محمل الجد .. أخرجوا من المناطق الخطرة الأن، يمكنكم العودة لبيوتكم بأمان بعد انتهاء العملية العسكرية".
وخاطب نتنياهو اللبنانيين قائلا "لدى رسالة للشعب اللبناني، حرب إسرائيل ليست موجهة ضد اللبنانيين وإنما ضد حزب الله".
وتصاعدت حدة المواجهات بين حزب الله وإسرائيل خلال الأيام الأخيرة بعد موجتي تفجيرات طالت أجهزة اتصالات لاسلكية يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين في مناطق عدة في لبنان، وأسفرت عن مقتل 39 شخصا وإصابة قرابة ثلاثة آلاف بجروح، بحسب وزارة الصحة اللبنانية.
-- قصف من حزب الله
وردا على الغارات الإسرائيلية على الجنوب والبقاع، أعلن حزب الله في بيانات أنه قصف "مقر الكتيبة الصاروخية والمدفعية في ثكنة يوآف" و"المخازن الرئيسية التابعة للمنطقة الشمالية في قاعدة نيمرا بعشرات الصواريخ".
كما شملت الهجمات، وفق حزب الله، "قاعدة ومطار رامات ديفيد ومجمعات الصناعات العسكرية لشركة رفائيل في منطقة زوفولون وقاعدة عين زيتيم".
وقالت مصادر عسكرية لبنانية لـ((شينخوا)) إن مواقع الجيش اللبناني رصدت عصر اليوم "إطلاق عدة صليات من صواريخ أرض /أرض وقذائف مدفعية من لبنان إلى شمالي إسرائيل."
ودوت صافرات الإنذار في جنوب مدينة حيفا الشمالية للمرة الأولى منذ تبادل الضربات بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية (كان) إن صافرات الإنذار دوت في جنوب مدينة حيفا شمال إسرائيل بعد قصف صاروخي من حزب الله.
وأضافت هيئة البث أن هذه هي المرة الأولى التي تدوي فيها صافرات الإنذار في المدينة الساحلية منذ بدء القصف المتبادل بين إسرائيل وحزب الله في الثامن من أكتوبر 2023.
وقالت شرطة إسرائيل في بيان إنها تتعامل مع عدة حوادث لسقوط شظايا نتيجة إطلاق صواريخ من لبنان أدت لاندلاع عدد من الحرائق تتعامل معها سلطة الإطفاء.
كما دوت صافرات الإنذار في شمال شرق مدينة تل أبيب وسط إسرائيل ومستوطنات شمال الضفة الغربية نتيجة إطلاق حزب الله صواريخ على إسرائيل، وفق وسائل إعلام إسرائيلية.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن حزب الله أطلق أكثر من 200 قذيفة وصاروخ باتجاه إسرائيل، من ضمنها صواريخ ثقيلة وذات مدى كبير وصلت عمق إسرائيل، وطالت مدينة حيفا، إضافة لمستوطنات في الضفة الغربية للمرة الأولى.
وبحسب الجيش الإسرائيلي، نجحت القبة الفولاذية بالتصدي لمعظم تلك القذائف في وقت سقط بعضها في مناطق مفتوحة، وتسبب بعضها بأضرار، فيما لم يسجل وقوع أي ضحايا.
وأثار التصعيد الحالي إدانات عربية وقلقا ودعوات للتهدئة بين الجانبين.
-- إدانات ودعوات لخفض التصعيد
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش عن قلقه البالغ إزاء تصعيد الوضع على طول الخط الأزرق، وفقا لما ذكر المتحدث باسمه اليوم.
وأكد جوتيريش مجددا الحاجة الملحة إلى خفض التصعيد الفوري وضرورة تكريس كل الجهود للتوصل إلى حل دبلوماسي، ودعوته جميع الأطراف إلى حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية وضمان عدم تعريضهم للأذى، وفقا للبيان.
فيما أجرى رئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام الجنرال أرولدو لازارو، اتصالات مع الطرفين اللبناني والإسرائيلي، مؤكدا على الحاجة الملحة لخفض التصعيد، وفق بيان.
وجددت اليونيفيل دعوتها القوية للتوصل إلى حل دبلوماسي، وحثت جميع الأطراف على إعطاء الأولوية لحياة المدنيين وضمان عدم تعريضهم للأذى.
فيما أدان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط في بيان بأشد العبارات الغارات الإسرائيلية الموسعة ضد لبنان.
وقال الأمين العام إن العالم، وخاصة القوى الكبرى ذات التأثير، عليها تحمل مسؤولياتها نحو وقف "هذا الانزلاق الكارثي نحو الحرب الإقليمية" الذي تدفع إليه القيادات الإسرائيلية لأهداف ذاتية وغايات سياسية.
فيما أدانت تركيا الهجمات الإسرائيلية على لبنان، محذرة من أنها تغرق "المنطقة بأكملها في الفوضى".
وكذلك أدان وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي ونظيره اللبناني عبد الله بو حبيب اليوم إلى "العدوان" الإسرائيلي على لبنان، ودعوا إلى وقفه.
فيما اعتبرت سوريا أن "الهجوم الوحشي" الإسرائيلي على لبنان يحدث "بتواطؤ ومظلة حماية" من الولايات المتحدة الأمريكية، وفق الإعلام الرسمي السوري.
بدورها، أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية "العدوان" الإسرائيلي المتواصل على لبنان، معتبرة أنه "محاولة لتوسيع دائرة الحرب لتفجير المنطقة برمتها".
ويتبادل حزب الله والجيش الإسرائيلي القصف عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية منذ الثامن من أكتوبر الماضي على خلفية الحرب الدائرة بين حركة حماس وإسرائيل في قطاع غزة، وسط مخاوف دولية من تصاعد المواجهات إلى حرب واسعة.