صنعاء 26 سبتمبر 2024 (شينخوا) عشر سنوات هي الأقسى في تاريخ اليمنيين، حيث شهدت البلاد خلالها حربا دامية خلفت عشرات الآلاف من الضحايا وانزلق فيها الملايين إلى أتون الجوع وتدهورت معها الأوضاع الاقتصادية والصحية، وانسدت معها آفاق الحل السلمي.
ويرى محللون أنه وبعد مرور عقد من الزمن على الحرب اليمنية ما تزال خيارات السلام بعيدة المنال، فيما يرى آخرون أن باب السلام ما زال مفتوحا وممكنا.
وذكرت الرئاسة اليمنية أن خيارات السلام في البلاد مثلها مثل خيارات المعركة بحاجة إلى الجدية.
وقال رئيس المجلس الرئاسي اليمني رشاد العليمي، عشية العيد الثاني والستين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر الذي يصادف اليوم الخميس 26 سبتمبر، إن "الحوثيين اختاروا الفوضى حين ساد الاستقرار، واقترفوا جريمة الانقلاب حين توافق اليمنيون على الشراكة وسيادة الشعب، وفرضوا الحرب يوم جنح الجميع إلى السلام".
وأكد العليمي في خطاب متلفز وجهه إلى الشعب اليمني "أن خيارات السلام مثلها مثل خيارات المعركة تكون ممكنة فقط بالجدية، والاستعداد، والثقة بحلفائنا الاوفياء، وبذل كل الجهد لاستثمارها، وانجاحها دون أن نقع في حبال الاوهام التي تتقن صناعة الخيبات، والضحايا، ونسج نظريات المؤامرة".
وأشار العليمي إلى المساعي الحميدة التي تبذلها كلا من المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان "من أجل إحلال السلام وإنهاء معاناة شعبنا، وما يتطلبه ذلك من الجهد والعمل، والحكمة".
وتقود السعودية وعمان منذ سنوات جهودا كبيرة للحل السلمي في اليمن، وتوجت هذه الجهود بإعلان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرج في نهاية العام الفائت عن توصل الأطراف اليمنية إلى خارطة طريق تشمل وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، ودفع جميع رواتب القطاع العام، واستئناف صادرات النفط، وفتح الطرق في تعز وأجزاء أخرى من اليمن، ومواصلة تخفيف القيود المفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة والانخراط في استعدادات لاستئناف عملية سياسية يمنية جامعة تحت رعاية الأمم المتحدة.
كما رعت الأمم المتحدة سلسلة من جولات المشاورات بين الحكومة والحوثيين خلال عقد من سنوات الحرب في كلا من سويسرا والكويت والسويد، ولم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي للحل السلمي في البلاد.
ويرى محلل سياسي يمني أن السلام في اليمن بعيد المنال بالنظر إلى المعطيات الراهنة.
وقال الصحفي والمحلل السياسي اليمني رشاد الشرعبي لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن ما يحدث على الأرض من استعدادات عسكرية للحوثيين وما يتحدث به قيادات الجماعة وإعلامهم يؤكد استحالة حدوث سلام في اليمن.
ولفت الشرعبي إلى أن "جماعة الحوثي لا يمكن أن ترضخ لصوت العقل واحلال السلام، لأنها غير حريصة على حياة اليمنيين".
وواصل قائلا "الحوثيون استولوا على السلطة منذ عشر سنوات بقوة السلاح وعقلية الجماعة وفلسفتها وعقيدتها قائمة على العنف والحرب ولن تذهب سطوتها وجبروتها إلا بنفس الطريقة التي وصلت بها"، على حد قوله.
وأردف "الحوثيون يستخدمون الحديث عن السلام للاستهلاك، لكن أفعالهم تؤكد أن ذلك غير وارد تماما وليس في مجال تفكيرهم من الأساس"، على حد تعبيره.
وأشار المحلل السياسي اليمني الشرعبي إلى أن الضغوط الدولية وقرارات المجتمع الدولي أثبتت فشلها طوال عشر سنوات من الحرب التي تقودها جماعة الحوثي، حيث لم تفلح تلك الضغوط أو القرارات في إيقاف نزيف الدم اليمني.
بدوره، يرى إعلامي مقرب من الحوثيين أن خيارات السلام قائمة ومتاحة لم يغلق باب السلام بشكل نهائي.
وقال عبدالحافظ معجب وهو عضو الوفد الإعلامي للحوثيين في المشاورات لـ((شينخوا)) إن خيارات السلام متاحة وقائمة حاليا وتجري على مسارين أحدهما بين الحوثيين والسعودية، وآخر بين الأطراف الداخلية اليمنية.
ولفت إلى أن التطورات في غزة والعمليات العسكرية في البحر الأحمر المساندة لغزة، أعاقت مسار السلام بين صنعاء والرياض والذي بذلت فيه الجهود الكبيرة ووصلت إلى مرحلة ما يشبه خارطة طريق تتضمن ترتيبات كثيرة في الملف اليمني.
وتابع "في المسار الثاني المتمثل بخيارات السلام بين الأطراف الداخلية اليمنية، هناك تواصل بين هذه الأطراف عبر قنوات خلفية، وهناك رسائل متبادلة، خاصة بعد وصول جميع الأطراف إلى قناعة بأنه لا يمكن لأي طرف الانتصار على الآخر، وأن الحل النهائي هو السلام والشراكة بين الجميع".
وأشار الإعلامي معجب والذي يدير قناة ((الساحات)) التلفزيونية التابعة للجماعة إلى أن خيارات السلام قائمة ومتاحة ولم يغلق باب السلام بشكل نهائي، وأن ما ستؤول إليه الأوضاع في غزة ولبنان ستنعكس بشكل مباشر على الملف اليمني.
بدوره، يرى السياسي اليمني أنور خالد شعب لـ((شينخوا)) أن طول أمد الصراع ودخول اليمن في أزمة إنسانية هي واحدة من أسوأ الأزمات في العالم، يمثل تعقيدا كبيرا في مسار السلام لكنه مسار ما يزال ممكن.
وأضاف شعب، وهو سياسي ينشط في الوساطة المحلية والمصالحة الوطنية، أن إدراك المجتمع الدولي حجم المعاناة الإنسانية في اليمن، بالإضافة إلى دعمه ودعواته المتكررة لوقف إطلاق النار والتوصل لحل سياسي شامل، يمثل إشارة مهمة بأن خيار السلام ما يزال ممكن ويحظى بدعم دولي.
ولفت إلى أن الضغوط الشعبية الكبيرة في الداخل اليمني تدفع جميع الأطراف باتجاه وقف الحرب وتحقيق السلام، باعتبار السلام العادل والشامل هو في مصلحة جميع اليمنيين وليس في مصلحة طرف بعينه.
وأوضح أن جهود الوساطة المحلية في ملفات متعددة مثل فتح الطرقات وإعادة التيار الكهربائي لبعض المناطق وتبادل الأسرى وغيرها من الملفات، ساهم في حلحلة كثير من العقد ويدفع باتجاه حلحلة باقي الملفات العالقة في طريق تحقيق سلام شامل في اليمن.
وأشار السياسي اليمني شعب إلى أن إمكانية تحقيق السلام يتطلب بالدرجة الأولى إرادة سياسية قوية من جميع الأطراف تضع نصب عينيها مصلحة اليمنيين فوق كل الاعتبارات.
ويعاني اليمن من نزاع دموي بين جماعة الحوثي والحكومة اليمنية منذ أواخر العام 2014، تسبب في "أسوأ أزمة انسانية في العالم" وفقا لتقديرات الأمم المتحدة.