الصفحة الرئيسية >> العالم العربي

آلاف الفلسطينيين ينتظرون بفارغ الصبر العودة إلى منازلهم شمال قطاع غزة (4)

/مصدر: شينخوا/   2025:01:27.09:09
آلاف الفلسطينيين ينتظرون بفارغ الصبر العودة إلى منازلهم شمال قطاع غزة
في الصورة الملتقطة يوم 26 يناير 2025، فلسطينيون نازحون يرغبون في العودة إلى منازلهم في شمال غزة، لدى انتظارهم في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة.

غزة 26 يناير 2025 (شينخوا) على طول شارع صلاح الدين الرئيسي، الذي يشق قطاع غزة من جنوبه إلى شماله، ينتظر آلاف الفلسطينيين بفارغ الصبر إشارة تفتح لهم طريق العودة إلى بيوتهم في شمال قطاع غزة، في مشهد يعكس مأساة نادرة حتى في تاريخ القطاع المحاصر منذ أعوام.

ويترقب هؤلاء، ومن بينهم نساء وأطفال وشيوخ، في صمت يملأه القهر أن تفتح قوات الجيش الإسرائيلي محور نتساريم للعودة إلى بيوتهم في شمال غزة، التي يتساءل كثيرون عما إذا كانت لا تزال قائمة بعد 15 شهرًا من الحرب.

وكان مقررا عودة سكان غزة من الجنوب إلى الشمال السبت، وهو اليوم السابع من الاتفاق بعد تسليم الدفعة الثانية من الأسرى، وفق الاتفاق الذي توسطت فيه قطر ومصر والولايات المتحدة بين إسرائيل وحماس.

وخلال ساعات الليل الباردة افترشت العائلات الأرض، واحتضنت أطفالها لتدفئتهم من برد يناير القارس، فيما توقفت المركبات والشاحنات المكتظة بالفرش والبطانيات وأواني الطبخ على طول الطريق وجنباته.

وكانت بعض العائلات محظوظة بامتلاكها مركبة تقيها برودة الأرض، فيما اختار البعض الآخر نصب خيام مؤقتة للاحتماء من الرياح.

ويقول الفلسطيني محمود الشرفا (43 عاما) وهو أب لخمسة أطفال، بنبرة متعبة، "زهقنا (مللنا).. انظر حولك بحر من الناس ينتظرون إشارة العودة".

وتابع الشرفا، وهو يقف قرب شاحنته التي أصيبت بأضرار من شظايا القصف الإسرائيلي وقد امتلأت ببعض الفرش والأغطية والأغراض البسيطة "الناس بدها (تريد) ترجع، حتى لو كانت بيوتنا مدمرة، بدنا نرجع وننصب خيمة جنب الركام".

وعلى الطريق الساحلي المعروف باسم "شارع الرشيد" وقف أمجد أبو حمدة (28 عاما)، وهو يراقب طفليه النائمين تحت غطاء خفيف على الأرض.

ويقول أبو حمدة بصوت مرهق : "ننتظر بفارغ الصبر موعد فتح الطريق، كل اللي بدنا إياه نحس إننا في بيتنا حتى لو مجرد أرض فاضية".

ووفق مراسل وكالة أنباء ((شينخوا)) فإن المشهد غير مسبوق في ظل تعثر السماح بعودة النازحين من جنوب القطاع إلى شماله وفق اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس.

ووفقًا للاتفاق الذي رعته قطر ومصر بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية كان من المفترض أن تفتح نقاط تفتيش في محور نتساريم وسط القطاع بعد انتهاء الدفعة الثانية من تبادل الأسرى يوم السبت الماضي. لكن إسرائيل أوقفت تنفيذ هذا البند، متهمة حماس بخرق الاتفاق بعدم الإفراج عن المحتجزة الإسرائيلية أربيل يهود.

فيما حملت حماس، إسرائيل مسؤولية التأخير، واصفةً قراراتها بـ"المماطلة المتعمدة"، وطالبت بضمانات من الوسطاء لتنفيذ الاتفاق دون شروط إضافية.

في هذه الأثناء، أعلنت حركة الجهاد الإسلامي أنها توافق على الإفراج عن الرهينة الإسرائيلية أربيل يهود قبل يوم السبت المقبل مقابل إطلاق سراح 30 أسيرا فلسطينيا.

وقال نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي محمد الهندي لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الحركة أبلغت الوسطاء الدوليين بأن الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود لا تزال على قيد الحياة.

وأضاف أنه "من أجل إزالة الذريعة التي يمكن أن يستخدمها الاحتلال الإسرائيلي وافقت الحركة على الشروط التي سيتم التوصل إليها عبر الوسطاء، بما في ذلك الإفراج عن أربيل يهود قبل يوم السبت المقبل مقابل إطلاق سراح 30 أسيرا فلسطينيا".

وأكد نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي أن القضية في طريقها إلى الحل، مشيرا إلى أن الحركة تنتظر من الوسطاء تقديم رد عملي بشأن السماح بعودة النازحين إلى شمال قطاع غزة.

من جهتها، قالت الإذاعة العبرية العامة إن إسرائيل تستعد لاحتمالية الإفراج عن يهود في دفعة خاصة قبل دفعة يوم السبت المقبل.

وأضافت أن الاستعدادات قد بدأت لذلك بالفعل بما يتضمن اجتماعات تنسيقية لوجستية واتصالات تحضيرية، ولا تزال المحادثات بين إسرائيل والوسطاء مستمرة بشأن هذه القضية.

ومع مرور الساعات دون أي تقدم في فتح نقاط التفتيش، تتفاقم معاناة العالقين على الطرقات.

ويقول فلسطينيون آخرون "لا أحد يهتم لأمرنا حتى المياه والطعام لا تتوفر معنا إلا القليل والاحتياجات تفوق القدرات".

وقال الفلسطيني سمير أبو ريالة، الذي يعمل بمؤسسة حكومية في غزة "يوجد نساء وأطفال مرضى ينتظرون منذ صباح السبت بعد أن فكّكوا خيامهم وأمتعتهم من مناطق النزوح وأصبحوا الآن مكشوفين للبرد".

وأضاف: "حتى لو رجعوا، ما في ضمانة إنهم يلاقوا شيئا اسمه بيت".

ويأتي تصميم النازحين على العودة إلى منازلهم تزامنا مع تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الليلة الماضية اقترح فيها مسألة نقل سكان من غزة إلى دول مجاورة.

وقال ترامب، بحسب ما نشرت الإذاعة العبرية العامة، إنه ناقش مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الأمر، قائلا "تحدثت مع الملك عبد الله بشأن نقل سكان من غزة إلى دول مجاورة، طلبت منه استقبال المزيد من الأشخاص لأن الوضع في غزة فوضوي للغاية، وأريد أيضًا أن تستقبل مصر أشخاصًا، وسأتحدث مع الرئيس عبد الفتاح السيسي".

وقوبلت تصريحات ترامب برفض من الرئاسة الفلسطينية، معتبرة أن المشاريع الهادفة لتهجير سكان غزة تشكل تجاوزا للخطوط الحمراء.

وقالت الرئاسة في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) إن الشعب الفلسطيني "لن يتخلى عن أرضه ومقدساته، لن نسمح بتكرار النكبات التي حلت بشعبنا في الأعوام 1948 و1967، وشعبنا لن يرحل".

وأشار البيان إلى أن الرئيس محمود عباس يقوم بإجراء اتصالات عاجلة مع قادة الدول العربية والأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية بهذا الخصوص، لخطورة تداعياته على فلسطين والأمن القومي لدى دول المنطقة.

فيما قالت حركة حماس في بيان إن الشعب الفلسطيني الذي وقف "صامداً أمام أبشع عمليات الإبادة التي مارسها جيش الاحتلال ضده ورفض الاستسلام لجرائم التهجير القسري يرفض بشكل قطعي أي مخططات لترحيله وتهجيره عن أرضه".

ودعا البيان الإدارة الأمريكية إلى التوقف عن هذه الأطروحات التي تتماهى مع المخططات الإسرائيلية وتتصادم مع حقوق الشعب الفلسطيني وإرادته الحرة.

وبالنسبة لمعظم العائلات في غزة، فإن العودة إلى الشمال ليست خيارا بل حاجة ملحة حتى لو كان ذلك يعني العيش بجوار أنقاض منازلهم.

ويقول خليل أبو شقرة بينما يجلس مع زوجته وأولاده وعدد من الأصدقاء حول موقد للنار أوشك على أن يصبح رمادا "غزة والشمال بيتنا، ونريد العودة إليه، مش راح (لن) نغادر وطننا طول العمر".

ويضيف أبو شقرة "نرجع للشمال حتى لو كان خرابا… على الأقل نكون بمسقط رأسنا".

صور ساخنة