بكين 9 أبريل 2025 (شينخوا) عادت واشنطن مرة أخرى إلى أسلوبها القسري المعتاد بإصدار إنذارات نهائية وتصعيد حدة التوترات التجارية يوم الاثنين من خلال مطالبة الصين بالتراجع عن إجراءاتها المضادة المشروعة أو مواجهة جولة جديدة من الزيادات في التعريفات الجمركية.
وتوقيت هذا التهديد الأخير - الذي سبقه بأيام فقط، أي يوم الأربعاء الماضي، فرض موجة جديدة من التعريفات الجمركية "المتبادلة" المفصلة خصيصا لكل بلد على العشرات من شركائها التجاريين - يشي بيأس لا يمكن إخفاؤه.
وإذا كانت واشنطن تعتقد أن تكثيف الضغوط قد يجبر بكين على الركون لمطالبها، فهي بذلك غارقة في الأوهام. فالصين ثابتة في موقفها، وترفض الانصياع لإنذار واشنطن النهائي، وتتعهد بالرد بالمثل، وتؤكد على مواصلة المواجهة حتى النهاية.
وفي وقت تسعى فيه الإدارة الأمريكية في عهد دونالد ترامب إلى إعادة تشكيل مفهوم التجارة الحرة العالمية وفق لعبة ذات محصلة صفرية، يجدر بها أن تتذكر حقيقة ثابتة: الحروب التجارية لا رابح فيها. فالولايات المتحدة ليست بمنأى عن الأضرار الاقتصادية الناجمة عن الحرب التجارية التي أشعلتها، إذ تشعر الأسواق الأمريكية بالفعل بالضغوط، وتواجه الشركات شكوكا متزايدة، وخطر الركود يتفاقم.
خلال فترة ولاية ترامب الأولى، ألحقت حربه التجارية أضرارا كبيرة بالاقتصاد الأمريكي - مما أدى إلى ارتفاع أسعار المستهلكين وضغوط مالية على المزارعين الأمريكيين وتباطؤ التصنيع حيث عانت الشركات من ارتفاع تكاليف المواد المستوردة.
وذكر بحث حديث صادر عن المكتب الوطني الأمريكي للبحوث الاقتصادية أن "الحرب التجارية لم تسفر حتى الآن عن مساعدة اقتصادية لقلب الولايات المتحدة: فالتعريفات الجمركية على الواردات على السلع الأجنبية لم ترفع أو تخفض مستويات التوظيف الأمريكية في القطاعات المحمية حديثا؛ فيما كانت للتعريفات الانتقامية آثار سلبية واضحة على التوظيف، خاصة في قطاع الزراعة".
وبالنظر إلى اتساع نطاق الحرب التجارية الأخيرة لواشنطن، فمن المرجح أن تكون العواقب أسوأ بكثير هذه المرة. فالتعريفات الجمركية لن تحمي الصناعات الأمريكية؛ بدلا من ذلك، سترفع التكاليف على الشركات المصنعة، وتربك سلاسل الإمداد العالمية، وتثقل كاهل المستهلكين الذين يعانون أصلا من التضخم.
قرار واشنطن بتصعيد التعريفات الجمركية على الصين وشركاء تجاريين آخرين يعد خطأ فادحا لا بد من تصحيحه.
في اقتصاد عالمي مترابط، فإن اللجوء إلى الحمائية ليس دليل قوة -- بل مؤشر على قصر النظر والغطرسة. وإذا كانت واشنطن جادة فعلا في سعيها لبناء مستقبل أفضل، فعليها التخلي عن وهم السيطرة الأحادية، والعودة إلى مبادئ الاحترام والمساواة والتعاون. وأي شيء دون ذلك يخاطر بتسريع وتيرة التدهور الاقتصادي للولايات المتحدة.