الصفحة الرئيسية >> العالم

مقال رأي: الأزمة الأوكرانية تجارة مربحة للمجمع العسكري الصناعي الأمريكي

/مصدر: شينخوا/   2025:04:10.09:25

بكين 8 أبريل 2025 (شينخوا) تحول الصراع الذي طال أمده في أوكرانيا إلى فرصة ربحية لماكينة الحرب في واشنطن، حيث يحقق تجار الأسلحة وممولو وول ستريت وعمالقة الموارد في الولايات المتحدة أرباحا فاحشة من إراقة الدماء دون أي خجل.

وإن أحد الأسباب الرئيسية للأزمة التي لم تُحل بعد هو وجود ثالوث من الاستغلال يعمل بتناغم تام: تحالف تتغذى فيه شركات الأسلحة على تعاقدات عسكرية لا نهاية لها، ويستغل فيه المضاربون الماليون الأسواق غير المستقرة لتحقيق مكاسب غير متوقعة، وتعمل فيه احتكارات الموارد بهدوء على إحكام قبضتها على الأصول الإستراتيجية لأوكرانيا.

وبعيدا عن كونها صدفة، تكشف هذه العملية التي تعزز نفسها بنفسها، حيث تعمل الحرب على تغذية الربح ويعمل الربح على تغذية الحرب، عن نظام مُدبَّر عن قصد لإدامة الصراع، مما يحول المأساة الأوكرانية إلى محرك ربح دائم للنخبة الأمريكية.

وكما أشار دانيال كوفاليك، وهو محام وناشط سياسي أمريكي في مجال حقوق الإنسان وحقوق العمال، فإن المجمع الصناعي العسكري الأمريكي دفع "الحروب لتحقيق أغراض ربحية خاصة به"، دون أن يبالي بعواقب الحروب طالما أن الشركات المصنعة للأسلحة تبيع الأسلحة. وقال "إنهم سعداء بذلك".

وتمتد مكاسب المجمع إلى ما هو أبعد من مبيعات الأسلحة التقليدية. فمع استمرار الصراع، تُسارع شركات الدفاع الأمريكية إلى تطوير واختبار أنظمة الأسلحة من الجيل التالي، وتتعامل مع أوكرانيا باعتبارها "ساحة لاختبار الأسلحة" بالنسبة لشركات تصنيع الأسلحة الأمريكية.

والمساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا هي في الأساس حالة من انتقال الأموال من جيب إلى آخر.

وكان وزير الخارجية الأمريكي السابق أنتوني بلينكن قد علق، في حديثه بمجلس العلاقات الخارجية في ديسمبر، على ما يقرب من 100 مليار دولار أمريكي أنفقتها الولايات المتحدة لدعم دفاع أوكرانيا، قائلا "تم إنفاق معظم ذلك هنا في الولايات المتحدة في قاعدتنا الصناعية الدفاعية الخاصة، حيث تم تصنيع وبناء ما يحتاجه الأوكرانيون للدفاع عن أنفسهم".

وفي سياق مماثل، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أجرتها معه شبكة ((سي بي إس نيوز)) العام الماضي إنه ما لا يقل عن 75 في المائة من عشرات المليارات من المساعدات الأمريكية التي خصصها الكونغرس والإدارة، تبقى في الولايات المتحدة.

وأضاف زيلينسكي أن "هذه الذخيرة تأتي إلينا، ولكن الإنتاج يتم هناك، والأموال تبقى في الولايات المتحدة، والضرائب تبقى في الولايات المتحدة".

وبينما حقق تجار الأسلحة أرباحا مباشرة من بيع الأسلحة، جنت المؤسسات المالية في وول ستريت أيضا مكاسب هائلة من الأزمة من خلال آليات مالية أكثر سرية وتعقيدا.

في المراحل الأولى من الصراع، رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بشكل حاد، مما ساهم في تدفق كبير لرؤوس الأموال العالمية إلى الولايات المتحدة بينما سعى المستثمرون إلى التخفيف من المخاطر في ظل تزايد حالة عدم اليقين.

وبالإضافة إلى ذلك، أصبح تقلبات السوق الناتجة عن ذلك بمثابة منجم ذهب لوول ستريت. فقد تسببت الاضطرابات الناجمة عن الصراع في تقلبات حادة في أسعار السلع الأساسية العالمية، الأمر الذي خلق فرص تداول مربحة للبنوك الاستثمارية الأمريكية وصناديق التحوط.

بعد تصاعد الأزمة الأوكرانية، أدت العقوبات الشاملة التي فرضتها الولايات المتحدة وأوروبا على روسيا إلى زيادة حادة في أسعار الطاقة الأوروبية. واستغلت الولايات المتحدة هذا الوضع، فقامت بتعزيز صادراتها من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، واستفادت استفادة كبيرة من اتساع فجوة الأسعار.

علاوة على ذلك، فإنه بينما تعاني أوروبا من تداعيات أزمة الطاقة وارتفاع التضخم، أصدر الكونغرس الأمريكي قوانين مثل قانون خفض التضخم، الذي قدم إعانات سخية لجذب الصناعات الأوروبية المتطورة إلى الولايات المتحدة. ولم تقتصر هذه الموجة من إعادة التوطين الصناعي على جلب الاستثمارات المباشرة والوظائف إلى الولايات المتحدة، بل ساعدت الولايات المتحدة أيضا على تعزيز هيمنتها في مجال التكنولوجيات البالغة الأهمية والحفاظ على هيمنتها المالية على المدى الطويل.

وبالإضافة إلى أرباح الأسلحة والفوائد المالية، أصبحت الموارد المعدنية الغنية في أوكرانيا هدفا آخر لمجموعات المصالح الغربية التي تقودها الولايات المتحدة.

تمتلك أوكرانيا رواسب من حوالي نصف المعادن الخمسين التي اعتبرتها هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية أساسية بالنسبة لمجالي التنمية الاقتصادية والدفاع في أمريكا، بما في ذلك التيتانيوم والليثيوم والمعادن النادرة. ومن خلال إستراتيجية مخططة بعناية لتقديم المساعدات في مقابل الموارد، تسعى الولايات المتحدة تدريجيا إلى السيطرة على الموارد الإستراتيجية في أوكرانيا.

لا يمكن لأولئك الذين يروجون للتصعيد التظاهر بأنهم مهندسو السلام. فخلف الخطاب المصقول حول "الأمن" و"التضامن"، تتكشف الحقيقة بوضوح، ألا وهي أن: ولاء ماكينة الحرب الأمريكية ليس للدبلوماسية أو الإنسانية، بل لدوامة الربح المستمرة.

صور ساخنة