الصفحة الرئيسية >> العالم العربي

مقالة: موسم جز الصوف عيد تقليدي يحاول رعاة العراق الحافظ عليه

/مصدر: شينخوا/   2025:04:11.09:17
مقالة: موسم جز الصوف عيد تقليدي يحاول رعاة العراق الحافظ عليه
في الصورة الملتقطة يوم 8 أبريل 2025، صاحب ماشية يجز صوف أغنامه استعدادا لفصل الصيف في محافظة صلاح الدين في العراق. (شينخوا)

بغداد 10 أبريل 2025 (شينخوا) يصر مربي الأغنام علي محمد عود على جز صوف غنمه بالطريقة التقليدية للحفاظ على التقاليد والعادات الإجتماعية وروح التعاون التي توارثها من أبيه وجده.

ويبدأ موسم جز صوف الغنم، أو ما يسمى محليا "موسم الكصاص" بداية شهر أبريل ويستمر لمدة 15 يوما، وهو تقليد قديم يتبعه الرعاة ومربو الأغنام منذ القدم للحفاظ على صحة أغنامهم خلال فصل الصيف الحار لأن بقاء الصوف قد يتسبب بهلاك الأغنام، فضلا عن الاستفادة من الصوف بصناعة السجاد وبعض الافرشة أو بيعه.

ويسبق عملية جز الصفوف غسل الأغنام في النهر أو بركة ماء لتخليص الصوف من الشوائب التي تعلقت به خلال عام كامل، وهذه العملية لتسهيل مهمة الأشخاص الذين يقومون بجز الصوف.

ويوم جز الصوف يقسم الحاضرون لمجموعتين الأولى ما يسمى (الكواصيص) أي الذين يجزون الصوف بمهارة، والثانية (المساعدين) الذين يجلبون الأغنام من القطيع إلى المجموعة الأولى وتوثيق أرجلها الأربع تمهيدا لجز صوفها، وبعدها يجمعون صوف الأغنام على شكل كرة ويضعونه بالمكان المخصص له.

-- الحفاظ على التقاليد

يجلس عود البالغ من العمر 64 سنة بساحة حظيرة الأغنام المسورة بأسلاك حديدية، وتحت ظل شجرة زرعها قبل 40 سنة، ممسكا المقص الخاص بجز الصفوف والذي يسمى محليا ب "الزو" ويضع أمامه إحدى النعاج المقيدة الأيدي والأرجل، ويقوم بجز صفوفها بطريقة تشير إلى براعته واتقانه لهذه المهنة، رغم أنه يعاني من ألم في العظام، وبعد دقائق قليلة ينادي لفك قيدها وارجاعها للقطيع بعد أن جز صوفها.

ويطالب عود أولاده الثلاثة وأبناء قريته، الطاقية بمحافظة صلاح الدين والتي تبعد (115 كم) شمال العاصمة بغداد، بإتقان عملية جز الصوف بالطريقة التقليدية قائلا "هذه عاداتنا وتقاليدنا التي توارثناها من الإباء والأجداد وعليكم الحفاظ عليها حتى لا تندثر كما اندثرت بعض العادات".

وأضاف عود لوكالة أنباء ((شينخوا)) "تعلمت جز الصوف منذ كان عمري 10 سنوات من والدي، ومنذ ذلك الحين وأنا أواصل جز الصوف سنويا بهذه الطريقة من خلال استخدام الزو (المقص الخاص بجز الصوف) وليس أي أداة أخرى بجز الصوف".

وتابع عود الذي لديه خبرة أكثر من 50 سنة بجز الصوف "من العادات التي توارثناها هو تجمع الرعاة وأصحاب الأغنام على شكل فريق ونبدأ بجز صوف أغنام جميع أهالي القرية، واحدا بعد الأخر، وهذا يولد روح التعاون والمودة ويقوي الأواصر بين الجميع".

ويبرر سبب إصراره على هذه الطقوس، بالحفاظ على التقاليد والعادات القديمة التي تكتسب معاني كثيرة وتمثل ثقافة محلية تقود للتكاتف والتوحد بوجه الصعاب.

لكن ستار الوادي (32 سنة) أحد سكان القرية واحد المشاركين بجز الصوف يرى أنه لا باس باستخدام مكائن حديثة مع الحفاظ على العادات والتقاليد والتعاون بين أصحاب الأغنام والعمل بروح الفريق الواحد.

وقال لـ((شينخوا)) وهو يقوم بحد شفرة المقص المخصص لجز الصوف (الزو) "نحتاج إلى وقت لحد شفرة المقص، أما الماكينة الحديثة فهي أسرع وأقل ضررا على الأغنام، لأن استخدام المقص خاصة من قبل المبتدئين إذا تحركت النعجة أو الخروف سيؤدي إلى الاصابة ما يتطلب معالجتها، أما استخدام الماكينة يجنبنا كل ذلك".

واختتم "علينا أن نحافظ على العادات والتقاليد القديمة التى تغرس روح التعاون والمساعدة والألفة والمحبة بين الجميع، مع مواكبة التطور الحاصل في أدوات جز الصوف للاستفادة في عملنا".

-- عيد الرعاة

يطلق الرعاة وأصحاب الأغنام على موسم جز الصوف محليا أسم عيد "الغنامة" أي عيد أصحاب الأغنام ويقيمون احتفالا كبيرا ووليمة لتجسيد التعاون والتضامن والتكاتف بينهم.

وقال أحمد نصيف أحد المشاركين بعملية جز الصوف لـ((شينخوا)) "كأصحاب أغنام، يعتبر موسم الكصاص (جز الصوف) عيدا لنا ونحتفل به، ونجلب عازف على المطبق (آلة خشبية تشبه الناي) ونغني الأغاني الحماسية التي تدعو للتعاون والمحبة وهذا يشجع الجميع على سرعة أداء العمل والتباهي بين الشباب أي واحد انجز جز النعجة أولا".

ويتخلل عملية جز الصوف توزيع الحلوى وتقديم الشاي واللبن للمشاركين بعمليات جز الصوف، وعند الظهيرة تقام وليمة للحاضرين هي عبارة عن ذبح خروف من قبل صاحب الأغنام تقديرا لجهود من حضر لمساعدته في جز أصواف أغنامه، وفقا لنصيف.

ويتذكر عود تلك الأيام الخوالي عندما كان يملك أكثر من ألف نعجة قبل أن يسرقها عناصر تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية (داعش) خلال سيطرتهم على القرية العام 2014، قائلا "كنا نقيم احتفالا كبيرا بمناسبة جز الصوف ونعتبره عيدا لنا".

وأضاف "كنا نقوم ببناء خيمة كبيرة إذا كانت أعداد الأغنام المراد جزها كثيرة ومن ثم نقوم بجز الأغنام واعداد وجبات الطعام للحاضرين وتعتبر هذه المناسبة عيد لأصحاب الأغنام".

واستطرد مبتسما "كنا نحتفل بعيد الرعاة بعدة طقوس منه إعداد الطعام، والعزف على الآلات الموسيقية التقليدية، والرقص الشعبي، وكلها تعزز من روح الوحدة والتعاون بين المشاركين بعملية جز الصوف".

صور ساخنة