تعليق: ثقة عالية لدى الصين في تحقيق التحول

صحيفة الشعب اليومية – الطبعة الخارجية – الصادرة يوم 2 أغسطس عام 2013 – الصفحة رقم 01

أكد إجتماع المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الذي انعقد قبل فترة وجيزة على التحول الإقتصادي وتخفيض سرعة النمو. وتراجع معدل نمو الإقتصاد الصيني خلال الفصل الثاني من العام إلى 7.5%، وهذه أول نتيجة فصلية متكاملة منذ أن تشكل مجلس الدولة الجديد. وفي ظل الشكوك الخارجية والداخلية، أكد إجتماع المكتب السياسي على الأعمال الإقتصادية للنصف الأول من العام، معتبرا "الوضع جيدا إجمالا"، ومعبرا عن ثقته في الإقتصاد الصيني.

الصين التي تمر بمرحلة تحول إقتصادي، واثقة من نفسها لكنها لاتتجاهل المخاطر والمشاكل. حيث تقدر جيدا المخاطر، وتمسك جيدا بالحد الأدنى الإقتصادي، والحد الأدنى الإجتماعي، لتجنب عقبات وتقطعات تحويل نمط النمو الإقتصادي. كما تدرك جيدا وتعرف الحذر مطلوب لإتمام الأعمال الإقتصادية للنصف الثاني من العام والفترة المقبلة.

وهذا الحذر يجب أن يراعي تعقد الوضع الإقتصادي الدولي. حيث يجب أن ننظر إلى الصدمات التي سيجلبها إستمرار تجزؤ إقتصاد الدول المتقدمة، وتراجع نمو الإقتصاد الصيني، وتعديلات أمريكا على سياسة التيسير الكمي على الإقتصاد العالمي. وبخلاصة، يجب الإنتباه إلتغيرات الدولية، والإستعداد جيدا لأي طارئ.

من جهة أخرى يجب تقدير المخاطر جيدا، ووضع مخطط مسبق، لكن يجب عدم الإفراط في التخوف، والإصغاء للغط الدائر حول هذا الموضوع.

الحذر كذلك ضروري لأن البيئة الإقتصادية كلما كانت معقدة، كلما كان تحديد وتنفيذ السياسات أكثر دقة. وقد أثبت إجتماع المكتب السياسي موافقة اللجنة المركزية على دخول نمو الإقتصاد الصيني مرحلة جديدة. فبعد 30 سنة من النمو السريع، شهدت القوى الكامنة لسرعة نمو الإقتصاد الصيني تراجعا. واذا استمر الإقتصاد في النمو السريع دون إجراء التعديلات اللازمة، فإن المشاكل والتناقضات ستظل تتراكم بإستمرار، وستكون أكثر صعوبة. لذلك فإن تخفيض سرعة النمو من أجل رفع جودة ونجاعة النمو الإقتصادي، دفع الألم الظرفي ثمنا للتنمية المستدامة، يمكن أن يؤسس لإقتصاد صيني عال النجاعة.

وعلى مستوى إشارات السياسات، يبدو أن عهد الإعلاء من شأن الناتج الداخلي الخام قد إنتهى. وخلال هذا الإجتماع، دعى المكتب السياسي مجددا إلى تحقيق هدف النمو المستقر. قبل ذلك، ظن البعض خطأ أن اللجنة المركزية تخشى مخاطر تراجع الإقتصاد، وأن الأعمال الإقتصادية خلال النصف الثاني من العام ستركز على هدف النمو المرتفع، أو حتى إتخاذ سياسات تحفيز إقتصادي. لكن الحقيقة، أن خلاصة الأعمال الإقتصادية للنصف الأول من العام، وخطة العمل للنصف الثاني وإجتماع المكتب السياسي جميعها اكدت على التمسك بالنمو داخل المجال المعقول، والتمسك بالحد الأدنى لتجنب مخاطر الهبوط الصعب للإقتصاد. لاحقا أكد الإجتماع التنفيذي لمجلس الدولة على ضرورة تعزيز البنية التحتية في المدن، والتركيز على تحسين الحلقات الضعيفة. وهذه كلها إشارات ترسلها الجهات الرسمية بأن لم تعد تعلي من شأن الناتج الداخلي الخام، ومطالبة الحكومات الفرعية التخلي عن اللهث وراء الناتج الداخلي الخام من خلال تنفيذ المشاريع الكبرى.

وعلى مستوى الإتجاهات العريضة، ستواصل الصين التقدم في ظل وضع مستقر. حيث فسح إرخاء سرعة نمو الإقتصاد المجال إلى القيام بتعديل هيكلي وإصلاح نظامي. والتعديل والإصلاح الهيكلي للإقتصاد سيصبح الخيط الرئيسي للعمل الإقتصادي.

من جهة أخرى، يهدف التعديل والإصلاح الإقتصادي أساسا إلى وضع آليات سوق متكاملة. حيث ستتخلى الحكومة عن السلطة للسوق، وسيمكن التعديل والتحكم الحكومي من تحقيق بيئة مستقرة للإقتصاد الكلي، ودفع السوق إلى تحفيز نشاط الإقتصاد الجزئي. كما أن منح السلطة المركزية صلاحيات أكبر للسلطة الفرعية، سيعزز المبادرة لدى مختلف المستويات الحكومية والأقسام الإدارية، لوضع السياسات المناسبة للمناطق الفرعية. ولاشك أن بعض التناقضات ستشهد تحفيزا أكبر بسبب الإصلاح خلال اللحظات الحرجة للتحول الإقتصادي، وعمل السوق سيشهد تأقلم جزئي وقصير المدى، لكن إذا كانت الإتجاهات العريضة صحيحة، فيجب أن نرفع من قدرة التحمل ومستوى التساهل.

لا تزال البيئة الدولية معقدة في الوقت الحالي، حيث ما زالات قوى إنعاش الإقتصاد العالمي غير كافية وربما ستتراجع. لذلك، علينا ألا نتأثر بما سيقوله الآخرون. ويجب على الصين أن تتمسك بخطواتها، وتتقدم في ظل الإستقرار.

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/