تحليل اخباري: اختتام الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين وسط جمود سياسي أمريكي يهدد الاقتصاد العالمي

واشنطن 12 أكتوبر 2013 /اختتمت الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين يوم السبت وسط جمود في الكونغرس الأمريكي يهدد بإغراق أجزاء كبيرة من العالم في بحر الركود.

ويعد يوم الخميس المقبل يوما حاسما فهو اليوم الأخير الذي سيتحدد فيه مدى قدرة الحكومة الفدرالية على دفع فواتيرها ، ومن شأن الفشل في الدفع أن يحمل آثارا مدمرة لجميع أنحاء العالم.

وفي حديثه حول الموضوع الرئيسي للاجتماعات السنوية، قال رئيس اللجنة الدولية للشئون النقدية والمالية ثارمان شاموغارتنام للصحفيين يوم السبت إن قضية سقف الدين والميزانية الأمريكية "هي قضية حاسمة لنا جميعا".

وقال أن الجمود السياسي الحالي في الولايات المتحدة والمأزق المستمر بشأن الميزانية يؤثران على الثقة والفشل في عدم غرس الثقة يمكن أن يؤثر على الاستثمارات الخاصة المطلوبة في المرحلة التالية من الانتعاش .

وأضاف أن " الاستثمارات الخاصة تتوقف على الثقة.. وإذا لم نحصل على قرار واضح...فسيكون من الصعب أن نرى كيف ستعود هذه الثقة".

وقال ديسموند لاشمان ، الباحث بمعهد إنتربرايز الأمريكي ، لوكالة ((شينخوا)) ، إن التعثر في سداد الدين الأمريكي سيشكل صدمة اقتصادية هائلة في الولايات المتحدة وجميع أنحاء العالم على حد سواء.

وتابع قوله" سوف يؤدي الى اضطرابات كبيرة في الأسواق وسيستلزم إجراء استقطاعات كبيرة في الإنفاق العام الأمريكي، الأمر الذي سيقود الاقتصاد الأمريكي بالتأكيد إلى ركود كبير".

وأشار الزميل البارز بمعهد بروكينغز باري بوسورث لوكالة ((شينخوا)) إلى انه لا يعتقد بأنه سيكون هناك تعثر في سداد الديون لكن سيكون هناك تأخيرات في مدفوعات أخرى.

مع ذلك، شهدت الأيام الأخيرة إشارات إيجابية، مع تواصل الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع نواب كبار من الحزب الجمهوري يومي الخميس والجمعة الماضيين. لكن ما زالت هناك عدد من العقبات في الطريق قبل أن يتم التوصل الى اتفاق.

وقال دوغلاس ريديكر، الزميل الزائر بمعهد بيترسون، الذي مثل الولايات المتحدة مؤخرا في المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، لوكالة ((شينخوا))، إن النظام السياسي الأمريكي بني ليكون نزيها وتمثيليا، لكنه يتسم بالفوضوية عندما يتعلق الأمر بالتوصل الى اتفاق. وبعد 250 عاما تقريبا من وجودها، ظلت أطول ديمقراطية في العالم مستقرة في العموم، رغم ما وصفه بـ"السقطات" السياسية العرضية.

ويعتقد الكثير من المحللين بأن لعبة الهاوية السياسية هذه سوف تنتهي باتفاق في اللحظة الأخيرة، كما حدث في مناسبات سابقة في السنوات القليلة الماضية.

وقال بوسورث إن الجمود الكونغرسي نابع من الانقسام بين عامة الناس. ففي الواقع، تقف الولايات المتحدة أمام شوكة إيدلوجية في الطريق، مع مشاعر متأججة حول الاتجاه الذي ينبغي أن تسلكه الدولة. ويدعو الكثير من الأمريكيين الى حكومة على النمط الأوربي بشبكات أمان وضرائب أعلى، في حين يفضل كثيرون آخرون حكومة أصغر حجما وخفض الضرائب .

-- اقتصاد متعدد الأقطاب ومخاطر جديدة

في الوقت نفسه، ما زال صندوق النقد الدولي يتعامل مع التعافي من أسوأ ركود منذ الركود العظيم.

وأبرزت المؤسسة العالمية في هذا الأسبوع العديد من الاتجاهات الاقتصادية في جميع أنحاء العالم، مثل ما سمته مديرة الصندوق كريستين لاغارد " اقتصاد عالمي متعدد الأقطاب" اثناء كلمتها الرئيسية في الجلسة الكاملة يوم الجمعة.

ومن المتوقع أن تعززالدول النامية حصتها من الناتج المحلي الإجمالي العالمي من حوالي النصف الى الثلثين تقريبا في العقد المقبل، ما يمهد الطريق لقوة اقتصادية أكثر انفاقا على نطاق واسع.

في الوقت نفسه، يصبح الاقتصاد العالمي أكثر ترابطا، الأمر الذي سيعزز النمو لكن المخاطر ستزيد، ودعت مديرة الصندوق الى تعزيز قدرته للتعامل مع هذه التغيرات.

وخفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي إلى 2.9 في المائة في 2013، بانخفاض قدره 0.3 نقطة مئوية عن توقعه فى شهر يوليو، كما عدل توقعه بالانخفاض للنمو الاقتصادي العالمي في 2014 الى 3.6 في المائة بانخفاض 0.2 نقطة مئوية عن توقعه في يوليو.

ويتوقع أن يرتفع النمو الأمريكي من 1.5 بالمئة هذا العام الى 2.5 بالمئة في عام 2014، مدفوعا بانتعاش سوق الإسكان وإرتفاع ثروات الأسر. ويتوقع لمنطقة اليورو أن تخرج ببطء من الركود وتشهد نموا بنسبة 1بالمئة في عام 2014، وفقا للصندوق.

وقال إن الأسواق الناشئة ستشهد نموا بنسبة 4.5 بالمئة الى 5 بالمئة في 2013 و2014 على الترتيب، مدفوعة بقوة الطلب المحلي، وانتعاش الصادرات، والشروط المالية والنقدية الداعمة.

وأدى تحول قادم في السياسة النقدية الأمريكية أيضا الى مخاطر عديدة، حيث زادت أسعار الفائدة طويلة الأجل في الولايات المتحدة بشكل أكثر من المتوقع. في حين قرر الاحتياطي الفدرالي الأمريكي مؤخرا غلق حنفية الأموال، المعروفة باسم التيسير الكمي، وفقا للصندوق.

وأوصى صندوق النقد الدولي يوم السبت الولايات المتحدة برفع سقف ديونها والاتفاق على خارطة طريق مالية متوسطة الأحل وتعزيز الرقابة على ما يسمى بـ"بنوك الظل"-- المؤسسات المالية مثل صناديق التحوط التي تفلت من التنظيم الحكومي. ودعا الصندوق منطقة اليورو الى اتخاذ اجراءات بما في ذلك اصلاحات هيكلية لتحفيز النمو، وأوصى اليابان باتخاذ خطوات مثل تنشيط النمو وأثنى على زيادة ضريبة الاستهلاك مؤخرا مع تدابير احتواء الانفاق فيما يتعلق ببرامج الاستحقاق.

-- آسيا تقود النمو عالميا

ويتوقع أن تظل آسيا قائدة النمو الاقتصادي العالمي بنمو إجمالي 5.3 بالمئة في عام 2013، حسبما قال الصندوق يوم الجمعة.

وقال أنوب سينغ مدير الصندوق لآسيا والباسيفيك للصحفيين " من وجهة نطرنا ستظل آسيا زعيمة النمو العالمي"، مضيفا " نحن متفائلون أساسا"، رغم ما وصفه ببيئة اقتصادية عالمية معقدة.

ومن المتوقع أن تنمو آسيا بنحو 6.3 بالمئة و 6.5 بالمئة في عامي 2013 و2014 على الترتيب، وفقا لتقرير الأفاق الاقتصادية لآسيا والباسيفيك لشهر أكتوبر 2013 الصادر عن الصندوق يوم الجمعة.

وقال التقرير إن النمو في الصين يتوقع أن يتباطأ الى 7.6 بالمئة في 2013 و7.3 بالمئة في 2014، إذ تدفع القوى الهيكلية الصين بإطراد الى طائرة نمو أقل، مشيرا الى أن التضخم سيظل موضع تدقيق، بسبب القدرة المفرطة في عدد من الصناعات واستقرار أسعار المواد الغذائية.

وقال أن النمو في اليابان يعتبر نقطة مشرقة في المنطقة بسبب ما سماه التقرير برنامج " ابينوميكس"-- حزمة تحفيز تهدف الى تسريع المحركات الاقتصادية للدولة-- الذي نشط الاقتصاد مرة أخرى وبدأ في إخراج البلاد من الانكماش المزمن. وأضاف أن الأوضاع المالية هدأت بشكل ملحوظ نتيجة انخفاض سعر الصرف وارتفاع أسعار الاصول الناجمة عن تخفيف القيود النقدية الكمية والنوعية .

/مصدر: شينخوا/