بدأ الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند في الـ 25 من الشهر الحالي زيارته إلى الصين، مصطحبا معه أكثر من 260 شخصية من بينها 53 رئيس شركة كبرى. وفي ذات اليوم قامت المجموعة الصينية لمعدات الطيران بإمضاء عقد مع شركة إيرباص لشراء60 طائرة ركاب. وتعليقا على إغتنام فرنسا برود العلاقات الصينية البريطانية للتقرب من الصين، قالت وسائل الإعلام البريطانية أن لقاء كاميرون بالدالاي لاما قد فوت الفرصة على بريطانيا. ولذا يبدو أن مفهوم الصداقة مع الصين بالنسبة للأوروبيين، يضع المصالح الإقتصادية في المرتبة الأولى.
لا شك أن سلوك الأوروبيين تجاه العلاقات مع الصين "براغماتي جدا"، لكننا نأمل ألا يكون ذلك من قبيل "المتاجرة". حيث قام قادة كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا خلال السنوات الأخيرة بإلتقاء الدالاي لاما، وظل "الصدام الصيني الأوروبي" يترنح صعودا وهبوطا مع هذه الدول ، في حين استغلت بعض الدول الأخرى فرصة إصلاح العلاقات مع الصين. ولا نعلم بالضبط ما إذا كان الأوروبيين سيواصلون ممارسة هذه اللعبة.
ورغم بلوغ حجم المبادلات التجارية الصينية الأوروبية مستوى غير مسبوق، إلا أن نظرة كل طرف للقيم السياسية للطرف الآخر أصبحت أكثر ضبابية، وبالنسبة للصينيين فإن أوروبا أصبحت أكثر بعدا وأشبه بمتحف كبير أومنطقة للسياحة، وأصبح المجال السياسي مصدرا للعقبات. تعد لقاءات القادة الأوروبيين مع الدالاي لاما الأكثر عددا وانتظاما، أما اذا أرادت الهيئات الصينية إقامة معارض كتاب أو معارض ثقافية في أوروبا، فإنها تواجه عوائق غريبة لا يمكن تفسيرها.
ان العلاقات الصينية الأوروبية في الوقت الحالي متشظية، ولا يمكنها تشكيل إجماع إستراتيجي. هناك العديد من أسماء القادة الأوروبيين تعد مجهولة بالنسبة للصينيين، وفي الوقت الذي تؤمن فيه الصين بالأهمية "الإستراتيجية"، لا نرى "إستراتيجيين" كبار في أوروبا. حيث يبدو أن القادة الأوروبيين قد غرقوا جماعيا بسبب اللهث وراء المصالح السياسية الضيقة.
في الماضي قاد شارل ديغول فرنسا لتكون اول دولة غربية تعترف بالصين الجديدة، فماذا كان هدفه من ذلك؟ من المؤكد أن الهدف لم يكن تجاريا. لكن الإرث السياسي الذي تركه لا يزال يعد عاملا مؤثرا في رؤية الصين لفرنسا.
السيدة تاتشر تركت إنطباعا عميقا لدى الصينيين أيضا، وجميع الصينيين الذين يحبونها والذين لايحبونها يعترفون بأنها "إستراتيجية". وإلى غاية السنوات العشر الماضية، كان الجميع يمكنهم الإستماع إلى الصوت الأوروبي المستقل سواء في قضية يوغسلافيا أو حرب العراق، لكن الآن أصبح الساسة الأوروبيون مجرد صدى للسياسات الأمريكية.
لاشك أن أفول أوروبا يعد العامل الرئيسي في هذا الوضع، لكن الصينيون يرغبون أحيانا في فهم العلاقة الرابطة بين قصر نظر الساسة الأوروبيين وأفول أوروبا؟ أوروبا التي تتمتع بظروف طبيعية وبشرية جيدة، وبأسس تقنية قوية، لماذا تنحدر شيئا فشيئا لتصبح مجرد "متحف"؟
وقد سبق لوزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد أن وصف فرنسا وألمانيا وغيرها من دول أوروبا بـ "أوروبا العجوز". كما أن الصينيين الذين يذهبون دائما إلى أوروبا وأمريكا الشمالية يلاحظون بأن أوروبا لا تمتك حيوية أمريكا. طبعا وصف رامسفيلد لأوروبا بالقارة العجوز يهدف إلى مدح "أوروبا الجديدة" التي تساير خطى الولايات المتحدة ، بما في ذلك دول أوروبا الشرقية التي انفصلت عن الإتحاد السوفياتي.
من جهة أخرى، فإن التغير الذي يشهده العالم، ونهوض آسيا، وبروز الصين كمحرك جديد للإقتصاد العالمي، لا شك بأنه سيؤثر على بنية السياسة الدولية. أما الإنطباع الذي تعطيه أوروبا في هذا الجاني، هو البطء في رد الفعل ومعرفة هذه التغيرات، كما تبدو سلبية المزاج أو حتى رافضة لهذه التغيرات. وبالنسبة لقادة أوروبا، فمعظمهم يقومون بما يفرض عليهم فقط، وليس لهم أي تجاوب إستراتيجي فعال مع النوايا الحسنة للنهوض الصيني والتنمية الصينية تجاه أوروبا.
ان الرأي العام الأوروبي سرعان ما يغرق في نشوة إمضاء اتفاقية أو اتفاقيتين كبيرتين مع الصين، ويرون في ذلك انجازا كبيرا (في حين نراه صغيرا)، ثم يحسبون بأن ذلك سرعان ما سيمحو التوتر الذي صاحب لقائهم بالدالاي لاما. وعند النظر إلى العلاقات الصينية الأوروبية، نلاحظ سوء الفهم والتأرج وعدم الإخلاص لدى الساسة الأوروبيين تجاه الصين. وهو ما يجعلنا غير واثقين من قدرة هؤلاء الساسة على إخراج أوروبا من مأزقها.
نحن نأمل أن يكون الرئيس أولاند مختلفا عن الأوروبيين، كما نأمل أن يتجاوز التقاليد التي حكمت إدارة القادة الأوروبيين، ويرسم من جديد الخيط الإستراتيجي الرئيسي لتعامل فرنسا وأوروبا مع العالم. من المؤكد أن مستقبل أوروبا لن تحدده الصين، لكن تموقع الصين "الجديدة" لا شك أنه سيمثل احد العوامل الرئيسية لكسب أوروبا رهان القرن الـ 21. لذلك، فإن العلاقات الصينية الفرنسية، والعلاقات الصينية الأوروبية يجب أن تكون يقضة وقوية وصادقة، ولايجب أن تحكمها الإزدواجية والأهواء.
1. حافظوا على القوانين، والانظمة المعنية التى وضعتها جمهورية الصين الشعبية، وحافظوا على الاخلاق على الانترنت، وتحملوا كافة المسؤوليات القانونية الناتجة عن تصرفاتكم بصورة مباشرة وغير مباشرة.
2. لصحيفة الشعب اليومية اونلاين كافة الحقوق فى ادارة الاسماء المستعارة والرسائل المتروكة.
3. لصحيفة الشعب اليومية اونلاين الحق فى نقل واقتباس الكلمات التى تدلون بها على لوحة الرسائل المتروكة لصحيفة الشعب اليومية اونلاين داخل موقعها الالكترونى.
4. تفضلوا بابلاغ arabic@peopledaily.com.cn آراءكم فى اعمالنا الادارية اذا لزم الامر.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn