مقال حصري: آفاق العلاقات التونسية الصينية في الذكرى الخمسين لتأسيسها

طابع بريدي أصدره البريد التونسي مؤخرا، بمناسبة خمسينية العلاقات التونسية الصينية، وفي الصورة "قناة مجردة" أكبر مشروع أنجزته الصين في تونس.

وليد عبدالله، باحث تونسي في شؤون الصين وشرق آسيا. - بكين -

تشهد العلاقات التونسية الصينية هذا العام مرور خمسين عاما على تأسيسها، وقد تميزت مسيرة العلاقات بين البلدين منذ قيامها في 10 يناير 1964، بالاحترام المتبادل والتقدم المطّرد، وهي تمضي الآن باتجاه مستقبل أوسع آفاقا. وللمصادفة، يطوي البلدان هذا العام نصف القرن الأول من مسيرة علاقتهما الدبلوماسية، بعد أن كانا مصْدرا لأهم تغيريْن يشهدْهما العالم في بداية القرن 21 القرن الواحد والعشرين، ففي 2010 تجاوزت الصين اليابان لتصبح ثاني أكبر اقتصاد عالمي، وتجاوزت ألمانيا لتصبح أكبر مُصدر عالمي، وقد مثل ذلك أهم حدث تشهده الصين الجديدة منذ تأسيسها في عام 1949، وأهم تغير في موازين القوى بآسيا منذ قرابة قرن ونصف، وأحد أهم التغيرات التي شهدها نظام الاقتصاد الدولي منذ أربعينات القرن الماضي. في ذات الوقت شهدت تونس منذ نهاية عام 2010 ثورة شعبية، انتصرت في 14 يناير 2011، تعتبر أهم حدث في البلاد منذ استقلاله في عام 1956، نجم عنها تغيرات عميقة في كامل منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وأحدثت تأثيرا هاما في السياسة الدولية. وفي الوقت الحالي تشهد الصين عملية "تحول اقتصادي" تهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي أكثر جودة وأطول استقرارا، كما تشهد تونس عملية "انتقال سياسي" تهدف إلى وضع أسس متينة لدولة عصرية وديمقراطية. وهذا التحول الهيكلي الذي يشهده البلدان، -في شقه الاقتصادي بالنسبة للصين والسياسي بالنسبة لتونس- سيمثل قوة جديدة لدفع علاقات التبادل والتعاون بيهما.

سياسيا: تجمع تونس والصين 4 آليات للحوار والتفاهم، وهي: منظمة دول عدم الانحياز، منتدى التعاون العربي الصيني، منتدى التعاون الإفريقي الصيني، والعلاقات الثنائية. هذه الآليات الأربعة سطرت العديد من القيم والمبادئ المشتركة بين البلدين، مثل المطالبة بنظام دولي منصف وعادل ومتعدد الأقطاب، احترام سيادة الدول، معارضة التدخل الأجنبي، عدم الانحياز، التعايش السلمي، إلخ، ووفرت منصة للحوار بشكل دوري لتعزيز فرص التعاون وتبادل الآراء حول القضايا ذات الاهتمام المشترك. ومع تنامي وزن الصين في السياسية والاقتصاد الدولييْن، والأهمية المتزايدة والمتبادلة بين القارة الإفريقية والمنطقة العربية من جهة والصين من جهة أخرى، فإن العلاقات السياسية بين البلدين ستشهد مزيدا من التقارب ، وداخل هذا الإطار سيكتشف الجانبان المزيد من فرص التعاون والتبادل الثنائي، التي يمكنها أن تدفع العلاقات الثنائية قدما.

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/