دمشق 26 نوفمبر 2012/مع دخول الأزمة السورية شهرها الحادي والعشرين، واستمرار المعارك العنيفة بين الجيشين السوري والحر في عموم المناطق السورية، وتواصل القصف المستمر للمنشآت الحكومية من قبل الجيش الحر، يبدو ان الحكومة السورية تتكبد خسائر مادية وبشرية كبيرة جراء ذلك التصعيد بين الجانبين وعدم الاحتكام إلى طاولة الحوار لحل الأزمة سياسيا، وتجنيب البلاد تلك المخاطر المحدقة.
وترفض أطياف من المعارضة السورية الحوار مع السلطة في ظل استمرار اعمال العنف التي تسببت بسقوط الاف الضحايا، مشترطة انتقال السلطة كأساس لبدء الحوار، في حين تدعو السلطات السورية إلى الحوار دون شروط وعلى أساس الاصلاح.
ورغم الظروف الصعبة التي تمر بها سوريا من جراء العقوبات الاقتصادية الخانقة التي فرضتها الدول الغربية عليها ، إلا انها ما تزال تصر على مكافحة الارهاب والمضي قدما في مسيرة الاصلاح وتأمين مستلزمات المواطنين السوريين بحدودها الدنيا .
وأكد رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي أمس الأحد أن أولوية الحكومة حاليا هي مواجهة الإرهاب أينما كان في الداخل أو الخارج، مشيرا إلى أن الحكومة ماضية في الانفتاح على كل المبادرات السياسية والدخول في عملية سياسية تفضي إلى حوار وطني جامع.
ويرى محللون اقتصاديون في سوريا أن قطاعات الصحة والتعليم والنقل والسياحة والاقتصاد قد تضررت بشكل واضح منذ الاشهر الاولى لبدء الازمة، مؤكدين أن هذه القطاعات تكبدت خسائر كبيرة من جراء العنف، واستهدفها من قبل المسلحين بقصد ارباك الحكومة السورية، واسقاطها ، من خلال تدمير بناها التحتية من طرق وجسور وسكك حديدية ، وخطوط لنقل النفط والغاز، ومدارس ومستشفيات وسيارات اسعاف وغيرها.
وأكد رئيس الحكومة السورية وائل الحلقي في كلمة له امام مجلس الشعب السوري شهر اكتوبر الماضي أن قطاع النقل تضرر بشكل كبير، إذ لا سكة قطار واحدة على امتداد شبكة القطارات السورية إلا وأصابها الضرر جراء الأعمال الإرهابية ما جعل قطاع السكك الحديدية خارج الخدمة".
وأضاف أن "هناك زيادة في الاقبال على النقل الجوي الداخلي التي وصلت إلى 275 % في وقت تشهد فيه حركة الرحلات الخارجية تدنيا واضحا قياسا بما هو مخطط لعام 2012 نتيجة الحصار الذي فرض منذ بداية الأزمة على الشركة العامة للطيران العربي السوري".
وتمارس عدة دول عربية وغربية، في الآونة الأخيرة، ضغوطات على سورية، من خلال فرضها حزم من العقوبات تضمنت اشخاص ومسئولين وشركات، لدفع النظام السوري إلى وقف ما اسمته اعمال العنف بحق المدنيين في البلاد، في حين ترى الحكومة السورية ان هذه العقوبات ظالمة وغير انسانية وتستهدف الشعب السوري فقط.
وكشف الحلقي أن "عدد الأسر المهجرة التي أصابها الضرر جراء إرهاب المجموعات المسلحة حتى الآن هو 671 ألف أسرة أي بما يعادل 2.3 مليون مواطن هجر من مسكنه إلى مسكن آخر بنفس المحافظة أو إلى محافظات أخرى"، مشيرا إلى أن "هناك 572 ألفا من هذه الأسر بقيت ضمن المحافظة الواحدة حيث تم احتواؤها من ذويها وأصدقائها أو أبناء المحافظة".
وفي قطاع الكهرباء، استهدف المسلحون أكثر من 23 برجا للتوتر العالي من أصل 85 برجا يؤمن الطاقة الكهربائية للمحافظات السورية وتركزت في المنطقة الشمالية الشرقية وحلب وريفها إضافة إلى تعطيل كل متطلبات التنمية والخدمات في تلك المناطق.
وأوضح الحلقي أن العجز في الطاقة الكهربائية لم يتجاوز 10 إلى 15 بالمائة وأن ما تم تخزينه من مادة الفيول التي تعمل عليها الأبراج وصل إلى 90 بالمائة وهي نسبة مطمئنة ولاسيما مع اقتراب فصل الشتاء وفي قطاع الصحة ووفقا للاحصائيات الرسمية فقد خرج 19 مستشفى من أصل 90 هي خارج الخدمة حاليا، كما أن 275 مركزا صحيا تعرض للسرقة والحرق والنهب.
وتقدر الاحصائيات الرسمية السورية أن سوريا خسرت اكثر من ستة مليارات ليرة سورية (الدولار الأمريكى الواحد يساوي 69 ليرة) من جراء اعمال الصيانة للبنى التحتية في قطاعات الصحة أو الكهرباء أو النقل أو النفط التي استهدفتها اعمال التخريب والتدمير من قبل المجموعات الارهابية المسلحة في حين بلغت الأضرار التي لحقت بقطاع تصدير النفط خلال العام الحالي 245 مليار ليرة سورية.
ويرى المحلل الاقتصادي السوري باسم حداد ان الاعمال الارهابية المسلحة التي استهدفت القطاعات الحيوية في سوريا تهدف إلى تدمير سوريا ، وتحويلها الى بلد لا يملك مقومات الصناعة والتجارة ، مؤكدا ان الهدف الاول والاخير من تلك الاعمال هو تدمير البنية المؤسساتية للحكومة السورية، بهدف الاسراع في اسقاط النظام ، والانتقال الى حالة الفوضى.
وأكد حداد، في تصريحات خاصة لوكالة أنباء ((شينخوا)) اليوم (الاثنين)، أن على الشعب السوري الاستفادة من تجربة العراق الماثلة امام عينه، وعدم تخريب وتفجير البنى التحتية للدولة لانها ملك للشعب وليس للنظام، مشيرا إلى ان الخاسر الاكبر من كل ذلك هو المواطن، متسائلا ما الهدف من تدمير مدرسة، او مستشفى ، او منشأة حكومية ؟ هل ستفضي الى اسقاط النظام ، أم أنها تعني بشكل ما خروجها من الخدمة واغلاقها امام المواطن السوري الذي هو بحاجة ماسة لها.
في حين تحمل المعارضة السورية النظام والجيش مسئولية ما يجري من خراب ودمار للمنشآت الحكومة وخاصة الطبية منها والتعليمية والنفطية، من خلال لجوئه للحل الامني والعسكري كخيار وحيد لمعالجة الازمة السورية ، بدلا من الحل السياسي.
واعلنت منظمة الصحة العالمية وبرنامج الاغذية العالمي ان سوريا تعاني من نقص حاد في الادوية وسكان الارياف الاكثر تضررا بأعمال العنف التي بدأت في منتصف مارس 2011.
وأعلن برنامج الاغذية العالمي ان القطاع الزراعي السوري تضرر كثيرا جراء المعارك قدرت خسائره ب1,8 مليار دولار بسبب النزاع ما يؤثر على ثلث سكان الارياف، ووجه البرنامج نداء دوليا لمساعدة سوريا بقيمة 103,2 مليون دولار.
وأكد رجاء الناصر امين سر هيئة التنسيق الوطنية المعارضة أن استمرار العمليات العسكرية من قبل النظام السوري في عموم المناطق السورية، يساهم في تفاقم الازمة السورية، ولا يعمل على حلها ، مشيرا الى ان " العنف المتواصل من قبل النظام، حول سوريا الى خربة مهجورة خالية من السكان ، والابنية من جراء قصفه الوحشي لها ".
وقال المعارض السوري ل((شينخوا)) " لا نريد ان تتحول سوريا الى عراق ثاني او افغانستان اخرى ، نطالب الجميع بالحفاظ على البنى التحتية لانها ملك للشعب وليس للاجهزة الامنية او النظام "، محذرا من وقوع كارثة انسانية كبيرة في حلب وبعض المحافظات الاخرى من جراء تدمير المستشفيات والمدارس، وحدوث نقص حاد في الاغذية والادوية جراء تلك الاعمال العنيفة بين طرفي النزاع.
وكانت الحكومة السورية بعثت برسالة الى مجلس الامن الدولي في اغسطس الماضي تبين ان عدد الضحايا وصل إلى 6143 شخصا، 3211 منهم من المدنيين، فيما وصل ضحايا الشرطة إلى 478.
وكشفت الرسالة، أن عدد الضحايا من الاطفال بلغ 56، فيما عدد ضحايا الجيش و قوات الأمن بلغ 2088 ، أما قتلى الاغتيال المباشر فبلغ 106 .
وأفادت الرسالة أن "عدد المخطوفين من مدنيين وجنود وضباط شرطة بلغ 1560 شخصا، من بينهم 931 مفقودا ".
وحملت الحكومة السورية ما أسمته بـ "الجماعات الارهابية المسلحة " المسئولية عن سقوط الضحايا، وطلب المندوب السوري في رسالته من رئيس مجلس الأمن اعتبار الخطاب وثيقة رسمية وتوزيعه على أعضاء مجلس الأمن.
وأكد نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية قدري جميل في تصريحات سابقة على "مقدرة الحكومة على مواجهة كل التحديات الاقتصادية وخاصة في ظل احتياطي استراتيجي كاف من المشتقات النفطية والغذائية والحبوب والطحين".
وانخفض انتاج سوريا من النفط إلى 183 الف برميل يوميا مقابل اكثر من 400 الف قبل الازمة التي بدأت في منتصف مارس 2011، نتيجة التدهور الامني والعقوبات التي فرضتها دول غربية على دمشق لا سيما بالنسبة الى استيراد النفط.
/مصدر: شينخوا/
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn