القاهرة 4 ديسمبر 2012 / رأى محللون سياسيون أن الحوار الوطني الشامل والجاد هو الحل للأزمة السياسية التي تعصف بمصر منذ إصدار الرئيس محمد مرسي الإعلان الدستوري الذي حصل بموجبه على صلاحيات واسعة, في حين اعتبر آخرون أن الحل يكمن في إتباع المعارضة للديمقراطية وممارستها عبر قنواتها الصحيحة والمشاركة في الاستفتاء على مسودة الدستور المقرر في منتصف الشهر الجاري.
وحاصر عشرات الآلاف من معارضي الرئيس محمد مرسي يوم الثلاثاء قصر الرئاسة واشتبكوا مع قوات الأمن فيما غادر الرئيس القصر مبكرا بناء على طلب الحرس الجمهوري والأجهزة الأمنية تفاديا لأي أخطار قد تقع.
وأدت الاشتباكات إلى إصابة 39 شخصا بينهم 31 من المتظاهرين وثمانية من الشرطة هم مدير الإدارة العامة للأمن المركزي بمنطقة القاهرة, ونائب مدير مباحث القاهرة, وضابط, وأمين شرطة, وأربعة مجندين.
وتعهدت جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة بعدم التوقف عن التظاهر لحين إلغاء الإعلان الدستوري, وإلغاء الاستفتاء على مشروع الدستور الذي وصفته بالباطل, وتشكيل لجنة تمثل كل فئات الشعب لصياغة مشروع دستور في إطار حوار وطني يكون الشعب طرفا أصيلا فيه.
واعتبرت الجبهة أن يوم الجمعة القادم هو "يوم الحشد العظيم" حول قصر الاتحادية وميدان التحرير وهو الحد الزمني الأقصى للاستجابة لهذه المطالب، محملة الرئيس مرسي التداعيات الخطيرة في حال عدم تنفيذ هذه المطالب.
فيما قال حسام الوكيل أحد القيادات الشابة بجماعة الأخوان المسلمين بالإسكندرية إن الجماعة أعلنت " النفير العام" بين أعضائها وأصدرت تعليمات فورية للجميع بالنزول لحماية الشرعية الممثلة في الرئيس مرسي.
ورأى الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية خالد علي أن الحوار الوطني الشامل والجاد هو الحل للأزمة الحالية، مشيرا إلى أن التظاهر أمام القصر الرئاسي وحصاره يؤكد ضرورة هذا الحوار.
وأضاف علي لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن استمرار الرئيس مرسي في عدم الاستجابة لمطالب المعارضة سوف يضع مصر في مأزق شديد، خاصة أن المظاهرات انتقلت إلى قصر الرئاسة كما أن هناك رفضا كبيرا بين فئات الشعب للإعلان الدستوري.
وتابع علي قائلا "لا مناص من الحوار والوفاق الوطني قبل الاستفتاء للاتفاق على دستور توافقي إذا أردنا إنهاء الأزمة السياسية".
وأشار علي إلى أن الأزمة الآن بين أكثر من طرف، حيث أصبحت بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية, وبين مؤسسة الرئاسة والمعارضة ما يزيد الأزمة تعقيدا.
واستطرد علي قائلا إن الأصل في الدستور أن يكون بالإجماع أو التوافق وإن الهدف الأساسي منه هو أن يحقق كافة مطالب فئات المجتمع لا أن يعبر عن فئة أو جماعة واحدة دون الاستجابة للآخرين.
وأردف علي قائلا إن مصر ليست "أخوان مسلمين" أو سلفيين بل تضم كافة الأطياف والفئات، وبالتالي لا يصح أن يأتي الدستور ملبيا لجماعة معينة في حين ترفضه القوى الليبرالية والأقباط والقضاة وغيرهم من فئات المجتمع.
وكان ممثلو الأحزاب الليبرالية واليسارية والكنائس انسحبوا من الجمعية التأسيسية للدستور اعتراضا على مسودة الدستور التي قالوا إنها تكبل الحريات ولا تعبر عن هوية المجتمع.
في المقابل، قال الدكتور صلاح سالم أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن إتباع المعارضة للديمقراطية وآلياتها والرضا بنتائجها وممارستها من خلال قنواتها الصحيحة هو الحل للأزمة السياسية.
وأوضح سالم لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن الرئيس مرسي تولى السلطة بعد انتخابات ديمقراطية وعلى المعارضة التي ارتضت الديمقراطية أن ترضى بنتائجها.
وأضاف أن الرئيس مرسي محق في إصدار الإعلان الدستوري خاصة أن القضاء تدخل في العمل السياسي وأنه ليس مقدسا وليس فوق الدولة المصرية.
وأشار سالم إلى أنه في حال موافقة المصوتين على مسودة الدستور في الاستفتاء فإن الإعلان الدستوري الذي تطالب المعارضة بإلغائه سوف يسقط تلقائيا.
ولفت سالم إلى أنه في حال حشدت المعارضة لرفض الدستور خلال الاستفتاء فإنه من المتوقع أن يلغي الرئيس مرسي الإعلان الدستوري في ظل الرفض الشعبي له.
وأضاف سالم أنه يتعين على المعارضة ممارسة الديمقراطية من خلال قنواتها الصحيحة وليس عبر التظاهر والمطالبة بخطوات تهدم مؤسسات الدولة.
وتابع سالم قائلا "إن الإعلان الدستوري به قدر من الاستبداد لكني أقبله في سبيل تحقيق الاستقرار في مصر وعدم تعريض الوطن لأزمة .. إن مشهد التظاهر أمام القصر الرئاسي أمر طبيعي, وأحد ثمار ثورة 25 يناير التي دفعت المواطنين إلى عدم الصمت حيال الاستبداد".
وأردف سالم قائلا "هذا المشهد إيجابي ولا ينبغي الانزعاج من التظاهر ضد الرئيس وقراراته"، مشيرا إلى أن وجود معارضة قوية أمر مبشر لأنها تعمل على خلق نوع من التوازن مع السلطة.
واستطرد سالم قائلا "لا نعيب على مرسي أن هناك معارضين له طالما ارتضينا الديمقراطية، فهناك معارضة لكنه من المؤسف أن الرئيس يغادر القصر الرئاسي تحت ضغط المتظاهرين".
واعتبر سالم أن قوات الأمن والمتظاهرين كانوا حريصين على عدم الاشتباك وأن الاحتكاكات التي وقعت بين الجانبين كانت بسيطة تحدث في أي تجمع به شيء من التوتر وعدم التنظيم.
وقال سالم إن تصوير المشهد على أن مصر قد تشهد حربا أهلية أو أعمال عنف أمر غير صحيح لاسيما أنه لا توجد مؤشرات على ذلك.
وختم سالم بالقول إنه لا يوجد دستور سيرضي كل المواطنين لكن هناك مبادئ دستورية عامة يجب إتباعها عند تأسيس أي دستور مثل النص على الديمقراطية وحقوق الاقليات وغيرها.
/مصدر: شينخوا/
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn