رام الله/غزة 18 ديسمبر2012 / لا ينظر الشارع الفلسطيني بكثير من التفاؤل إزاء إمكانية تحقق المصالحة الداخلية قريبا رغم خطوات التقارب الأخيرة بين حركتي التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) والمقاومة الإسلامية (حماس) .
ويبقى إنهاء الانقسام الذي بدأ منتصف العام 2007 إثر سيطرة حماس بالقوة على قطاع غزة بعد جولات من القتال مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية، المطلب الرئيس للفلسطينيين وإن كان تحقيقه عمليا مازال بعيد المنال بعد تكرار خيبة الأمل من التجارب السابقة.
وترى الشابة تسنيم محمد وهي طالبة جامعية من نابلس شمال الضفة الغربية، أن إتمام المصالحة الداخلية هي أولوية لكل الفرقاء الفلسطينيين مهما كان الثمن لتحقيق ذلك.
وتقول تسنيم "لازم تتحقق المصالحة من أجل الشعب الذي تعب من الانقسام (..) لا فرق بين حماس أو فتح فكلنا فلسطينيون هدفنا تحرير القدس وإقامة الدولة الفلسطينية ".
ومبعث هذا التقارب جاء على خلفية شن إسرائيل هجوما عنيفا على قطاع غزة منتصف الشهر الماضي استمر 8 أيام وأسفر عن مقتل 184 فلسطينيا وجرح نحو أربعة آلاف آخرين .
ثم دعمت الحركة الإسلامية مسعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس لترقية مكانة فلسطين إلى دولة مراقب غير عضو والذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 من الشهر الماضي بتأييد دولي واسع، ما أظهر موقفا فلسطينيا موحدا بشكل نادر.
غير أن الحركتين امتنعتا حتى الآن عن عقد لقاءات بينهما على المستوى الأول من قياداتهما بغرض البدء بالبحث الجدي في تحويل التصريحات الإيجابية بشأن تحقيق المصالحة إلى واقع عملي.
ويقول محمد جاد الله وهو سائق تاكسي من غزة، إن "طرفي الانقسام (فتح وحماس) قد يشعران بنشوة وقوة حاليا وهو ما يجعلهما مترددان تجاه الاستجابة لمطلب الشعب: إنهاء الانقسام قبل كل شيء ".
ويضيف بينما كان يتناقش مع اثنين من الركاب بحدة "ننتظر منذ سنوات أن تطل علينا القيادات معلنة تحقيق موعد لإنهاء الانقسام ، لكن ذلك لم يحدث ولا أتوقعه قريبا لرغبة كل طرف بالتمسك بما هو تحت سيطرته".
كما تستبعد سناء القيسي (38 عاما) من بلدة حوارة التي حضرت للتسوق من مدينة نابلس إتمام المصالحة، معتبرة أن ما يتم من خطوات للتقارب "مجرد مظاهر كذابة ولن تتم المصالحة إلا شكليا دون أن تترجم على أرض الواقع".
وترى القيسي "أن المصالحة ليست توقيع ورقة بل يجب أن تكون هناك أمورا تترجم على أرض الواقع".
بدوره يقول الحاج مروان الجلاد وهو من سكان رام الله "لقد بنى كل من الطرفين الفلسطينيين مؤسساته الأمنية والمدنية ومشاريعه بناء على الاختلاف وعدم الوحدة .. وهذا باعتقادي صعب أن يعالج ".
وعلى أثر التقارب الأخير حضر وفد من حركة فتح، مهرجان حاشد نظمته حماس في غزة بمناسبة الذكرى السنوية 25 لانطلاقتها.
وسمحت السلطة الفلسطينية لحماس لأول مرة هذا العام منذ بدء الانقسام الداخلي بتنظيم احتفالات ذكرى انطلاقها في الضفة الغربية.
كما سمحت الحكومة المقالة التي تديرها حماس في قطاع غزة لحركة فتح إقامة مهرجان ذكرى انطلاقها التي تصادف في الاول من يناير القادم في قطاع غزة لكنها رفضت إقامته في ساحة (الكتيبة) وفقا لما طلب قادة فتح في غزة الأمر الذي أثار استياءهم.
غير أن ذلك لا يتعدى خطوات شكلية لإلهاء الناس ، كما يقول أحمد أبو العز وهو تاجر محلي من غزة اعتاد على السفر إلى الضفة الغربية كحالة نادرة بالنسبة لسكان القطاع .
ويضيف أبو العز وهو في نهاية الأربعينيات من عمره "أشعر بوصولي إلى دولة ثانية عندما أدخل الضفة الغربية بتصريح من الجيش الإسرائيلي ، لم أعد أشعر فعلا أننا دولة واحدة كما يرددون فقط في الإعلام ".
ويلقي عامة الفلسطينيين على قياداتهم بالمسئولية بشأن استمرار الانقسام الذي يقولون إنه نتاج سياسيات خارجية.وتعلوا نبرات الحاج الستيني أبو أمجد وهو يتحدث عن الأمر بقوله "نحن لعبة بيد الاحتلال وأمريكا وإيران، هذه الدول إذا لم توافق على المصالحة لن يكون كذلك".
ويذهب الموظف الحكومي في رام الله أبو علي، إلى أن المصالحة سوف تتم آجلا أو عاجلا وقال، "إن الشعب ناضل ضد الاحتلال، فكيف له أن لا يناضل من أجل وحدته الوطنية".
ويشير أبو علي، إلى أن لديه ثلاثة أخوة قتلوا في الصراع مع إسرائيل، وجميعهم من فصائل تنظيمية مختلفة، مؤكدا أن "الدم واحد والراية الفلسطينية سوف تجمع الجميع وتتحدى كل العقبات التي تواجهها".
ويتمنى عزام عبد الحق صاحب محل ملابس في مدينة نابلس، أن تتحقق المصالحة من اجل تحسين الوضع الاقتصادي المتدهور بسبب الانقسام.
ويوضح أنه في حال حدثت المصالحة سيكون هناك مجلس تشريعي واحد يؤدي واجبه على أكمل وجه ، وهذا سيزيل العديد من الاشكالات الحاصلة في المجتمع الفلسطيني ، حسب رأيه.
ويخفي الحديث الشعبي بين ثناياه عن تفاؤل بتحقق مصالحة قريبة أسئلة شائكة تتعلق بملفاتها التي تتضمن خلافات لا تنتهي بشأن ملفات ما تطالب به حماس من شراكة مقابل مطالب فتح بانتخابات عامة جديدة .
ويقول المحلل السياسي من رام الله جورج جقمان، إن ملف المصالحة بعد مضي هذه الأعوام على الانقسام وتغير موازين القوى الداخلية بحاجة لتحديد لمضمونه من جديد لتحديد الأهداف قريبة وبعيدة المدى المرجو تحقيقها.
ويتساءل جقمان ، إن كان المقصود بالمصالحة الفلسطينية تنفيذ التفاهمات التي سبق التوقيع عليها بين فتح وحماس خلال اتفاق الدوحة في فبراير من العام الماضي لتشكيل حكومة ائتلافية تتولى الإشراف على الانتخابات، أم تحقيق شراكة تتضمن معالجة "مازالت شبه مستحيلة" للملف الأمني وللشراكة في إطار منظمة التحرير.
وبهذا الصدد يتوقع جقمان،أن تقدم فتح وحماس في مرحلة قادمة على التقارب أكثر من خلال تشكيل حكومة وحدة لكنه يرى أن مثل هذه الخطوات لن تحل المشكلة القائمة بينهما ولن تفيد القضية الفلسطينية كما يأمل الشعب الفلسطيني.
/مصدر: شينخوا/
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn