القاهرة 26 ديسمبر 2012/ عزا محللون سياسيون عزوف حوالي ثلثي الناخبين المصريين عن التصويت فى الاستفتاء على مسودة الدستور رغم تسببه فى انقسام حاد فى المجتمع الى" حالة التشبع" جراء كثرة الانتخابات والاستفتاءات منذ ثورة 25 يناير 2011 و"حالة الاحباط" بسبب تدهور الوضع الاقتصادي والامني وعبثية المشهد السياسي.
واختلف المحللون حول نتائج الاستفتاء حيث رأى فريق انها تؤكد حالة عدم التوافق بين المواطنين حول الدستور فى حين قال اخر ان الشعب ليس فى حالة خلاف لان البنود المختلف عليها فى الدستور نوعية لا تهم الشارع، كما تباينوا حول شكل المرحلة القادمة حيث توقع بعضهم استمرار الصراع السياسي خلالها فى حين رجح اخرون هدنة سياسية.
واعلنت اللجنة العليا للانتخابات امس ان 17 مليونا و58 الفا و317 ناخبا صوتوا في الاستفتاء بنسبة 32.9 في المائة من اجمالي 51 مليونا و919 الفا و67 ناخبا لهم حق التصويت ما يعنى ان ما يزيد عن ثلثي الناخبين قاطعوا الاستفتاء.
وأوضحت ان حوالي عشرة ملايين و693 الفا و911 ناخبا صوتوا بـ"نعم" بنسبة 63.8 فى المائة من اجمالي الذين صوتوا مقابل ستة ملايين و61 الفا و101 ناخب صوتوا بـ"لا " بنسبة 36.2 فى المائة.
وغداة الاعلان عن النتائج احتفى الرئيس محمد مرسي فى خطاب متلفز وجهه للشعب بالدستور الجديد الذى وصفه بأنه جاء معبرا عن روح الثورة ووقع على مرسوم لبدء سريانه.
وقال مرسي " نقف اليوم لنحتفى ونحتفل بدستورنا الجديد، انه يوم تاريخي مشهود، اصبح لمصر دستور حر ليس منحة من ملك ولا فرضا من رئيس ولا املاء من مستعمر انه دستور اختاره الشعب بارادته الحرة الواعية".
وأوضح ان الشعب اقر الدستور باغلبية قاربت الثلثين " لكنى اقر بان قطاعا محترما من الشعب اختار ان يقول لا وهذا حقه ومصر الثورة برئيسها المنتخب لا يمكن ان تضيق بالمعارضة الوطنية الفاعلة".
واعتبر الاختلاف بين القوى السياسية حول الدستور امرا طبيعيا وظاهرة صحية مشيرا الى ان مصر باقرار الدستور تنتقل الى مرحلة جديدة اكثر امنا واستقرارا.
وتابع ان الفترة السابقة " شهدت اخطاء وعثرات اتحمل معكم المسئولية فى هذه الفترة" لكنى " لا اتخذ قرارا إلا لمصلحة الوطن" ، مجددا دعوته للقوى السياسية للمشاركة فى الحوار الوطني لاستكمال خريطة طريق المرحلة الراهنة.
وفى رد سريع على خطاب مرسي ، دعت جبهة الانقاذ الوطني ابرز قوى المعارضة الشعب الى التظاهر الحاشد ضد الدستور فى الذكرى الثانية للثورة.
وشهدت مصر قبل الاستفتاء حالة انقسام غير معهودة فى الشارع بين التيار الاسلامي وجبهة الانقاذ بدأت عقب اصدار مرسي اعلانا دستوريا فى اواخر نوفمبر الماضى حصل بموجبه على صلاحيات مطلقة ، وبعد طرحه مسودة الدستور للاستفتاء فى خطوتين رفضتهما بشدة المعارضة التى دعت انصارها الى الاعتصام والتظاهر الذى شهد اعمال عنف سقط خلالها قتلى ومصابون بعد اشتباكات مع انصار التيار الاسلامي فى مشهد اثار مخاوف من اندلاع حرب اهلية.
واعتبر الدكتور ايمن عبدالوهاب الباحث بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ان نتيجة الاستفتاء تعكس "حالة صمت واضحة من قبل قطاع كبير من الناخبين امتنعوا عن التصويت".
وقال عبدالوهاب لوكالة انباء ((شينخوا)) ان نسبة المؤيدين للدستور " لا تعبر عن درجة التوافق المفروض وجودها فى الدستور، وتعكس حالة الانقسام فى المجتمع" مشيرا الى ان " المسألة لا ترتبط بالصندوق الانتخابي فقط" لان الدستور عقد اجتماعي يتطلب توافقا حوله.
وتابع " ان هناك نسبة رفض من قبل الناخبين وتحفظ من قبل الذين لم يشاركوا فى التصويت ما يعنى ان هناك مشكلة حقيقية تتعلق بالدستور".
واردف " كنا نتمنى الا تقل نسبة التصويت على الدستور عن 50 فى المائة ممن لهم حق الاقتراع وان تكون نسبة التأييد فوق الـ70 فى المائة من المصوتين" لكن "النتيجة الاجمالية المعلنة تؤكد ان الدستور ليس محل توافق وطني".
وعن اسباب عزوف الناخبين عن التصويت قال ان بعضهم يرفض الدستور فقرر مقاطعة الاستفتاء والبعض الاخر يهتم بالجانب الاقتصادي و "لقمة العيش" ويرى ان الاستفتاء لن يؤثر على ذلك.
واضاف ان المقاطعين للاستفتاء يرون ان المشهد السياسي برمته عبثي وان الاستفتاء سوف ينتهى بالموافقة على الدستور فقرروا النأي بأنفسهم عنه.
واكد ان " المطلوب هو حوار وطني حقيقي بحضور كل القوى الحقيقية لمناقشة البنود المتحفظ عليها فى الدستور لطرحها للتعديل امام البرلمان، والتوافق حول القوانين التى سيصدرها مجلس الشورى" خلال الفترة المقبلة.
واردف ان الحوار هو الحل الوحيد " حتى نمر بهذه المرحلة بقدر اقل من الصراع السياسي خاصة اذا اخذنا فى الاعتبار ان اول قانون سيناقشه مجلس الشورى هو الخاص بالانتخابات التشريعية وبدون توافق حوله سنكون امام نقطة صدام قريب".
وتوقع استمرار الصراع السياسي فى مصر بشكل ليس بالقليل رغم اقرار الدستور الذى بدأ سريانه بالفعل.
من جهته قال المحلل السياسي عاطف شهاب عضو مجلس نقابة المحامين ان نسبة كبيرة من الناخبين لم تصوت فى الاستفتاء لانهم ليسوا مهمومين بالدستور بقدر اهتمامهم بمشاكلهم الحياتية مشيرا الى ان الذين شاركوا فى الاستفتاء هم المهتمون بالشأن العام والذين يستعجلون انهاء المرحلة الانتقالية.
واضاف لـ((شينخوا)) ان استنفار الشعب للخروج للتصويت لم يكن حاضرا فى الاستفتاء لان المساحة الزمنية بين اعلان الرئيس مرسي عن طرح مسودة الدستور للاستفتاء وبين موعد الاستفتاء كانت اسبوعين فقط الى جانب ان الشعب وصل الى " نوع من التشبع " بسبب كثرة الانتخابات والاستفتاءات بعد الثورة.
وتابع شهاب ان جزءا من المقاطعين للاستفتاء الاخير شاركوا فى انتخابات واستفتاءات خلال الفترة الانتقالية دون ان ينعكس ذلك على حياتهم ما اصابهم بحالة احباط لاسيما فى ظل تدهور الوضع الاقتصادي والامنى وارتباك المشهد السياسي.
ومنذ ثورة 25 يناير 2011 وحتى الآن، توجه المصريون الى صناديق الاقتراع خمس مرات للاستفتاء على تعديلات دستورية وانتخاب مجلس الشعب ومن ثم الشورى فرئاسة الجمهورية وأخيرا للاستفتاء على دستور البلاد الجديد.
وردا على سؤال حول ما اذا كانت نسبة التصويت تعكس حالة عدم توافق شعبي حول الدستور قال شهاب " اكاد اقطع ان الشعب ليس فى حالة خلاف لان المواد المختلف عليها الى حد كبير نقاط نوعية لا تهم الشارع، والشعب ليس مشغولا بها، ولديه قناعة انها لن تحدث تغييرا جوهريا فى حياته".
وحول ما اذا كان يتوقع استمرار الصراع السياسي فى ظل رفض المعارضة للدستور قال " لا اتوقع دوامة اخرى، ومهما كان الخلاف بين التيارات السياسية سيحدث نوع من الهدنة، لان كلا الطرفين سواء التيار الاسلامي او الليبراليين يتسم بالوطنية، والدستور سوف يجعل المؤسسات تعمل باستقرار".
واضاف ان الشعب لن يقبل ان يحدث اقتتال مهما حدث.
/مصدر: شينخوا/
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn