تحليل إخباري: "لا تغيير" في تعاطي الإخوان مع الأزمة بمصر بعد اعتقال بديع وتعيين عزت

بقلم/ عماد الأزرق

القاهرة 20 أغسطس 2013 / رأى محللون وخبراء مصريون اليوم (الثلاثاء) أن فكر وتوجهات وتحركات جماعة الاخوان المسلمين في الأزمة الحالية التي تعاني منها البلاد "لن يتغير" بعد القبض على مرشدها العام محمد بديع وتعيين محمود عزت خلفا له بشكل مؤقت.

ويقول الباحث بمركز (النيل) للدراسات السياسية والاقتصادية أحمد بان، لوكالة أنباء (شينخوا) " بديع والمرشد الجديد المؤقت محمود عزت لا يختلفان كلاهما ينتمي إلى التنظيم القطبي "، نسبة إلى المفكر الإسلامي المتشدد سيد قطب الذي أعدم في عام 1966.

وألقت أجهزة الأمن المصرية فجر اليوم القبض على بديع في شقة سكنية بضاحية مدينة نصر شرقي القاهرة بالقرب من ساحة رابعة العدوية، حيث كان يقيم مؤيدو الرئيس المعزول محمد مرسي المنتمي للاخوان المسلمين اعتصاما فضته قوات الأمن الأربعاء الماضي.

وبعد ساعات من توقيف بديع، أعلنت جماعة الاخوان المسلمين عن تولي محمود عزت نائب المرشد العام للجماعة منصب المرشد العام بشكل مؤقت، في خطوة تبدو أنها للحفاظ على الشكل التنظيمي للجماعة وتعكس إصرارا على المضي في فعالياتها الاحتجاجية.

وتسعى جماعة الاخوان المسلمين منذ عزل الجيش للرئيس الاسلامي محمد مرسي، في الثالث من يوليو الماضي بموجب "خارطة طريق للمستقبل" بعد احتجاجات حاشدة ضده، إلى استعادة ما تقول إنه "الشرعية" ممثلة في عودة مرسي ومجلس الشورى المنحل والدستور المعطل.

ونظمت الجماعة في سبيل ذلك الهدف اعتصامين كبيرين في ميداني رابعة العدوية بضاحية مدينة نصر شرقي القاهرة ونهضة مصر بالجيزة فضتهما قوات الأمن بالقوة الأربعاء الماضي ما أسفر مع أعمال عنف اندلعت اثر ذلك بمناطق متفرقة عن سقوط نحو 600 قتيل.

وحاليا تنظم جماعة الاخوان المسلمون تحت لواء "التحالف الوطني لدعم الشرعية" الذي يضم قوى سياسية ذات توجه إسلامي مؤيدة لمرسي تظاهرات يومية في مناطق متفرقة بمصر غالبا ما يتخللها أعمال عنف ومواجهات مع قوات الأمن توقع قتلى وجرحى.

ويستبعد يسري العزباوي الخبير بمركز (الأهرام) للدراسات السياسية والاستراتيجية، " أن يشهد أداء الجماعة تغيرا دراماتيكيا في استراتيجياتها وتوجهاتها ومواقفها" في الأزمة الحالية التي تعاني منها مصر والتي أثارت اهتماما دوليا.

وأوضح أن "بديع لم يكن يدير الجماعة ومن كان يديرها فعليا وبشكل مباشر هما خيرت الشاطر ومحمود عزت"، مضيفا " أن عزت بحكم انتمائه للفكر القطبي المتشدد (..) يميل إلى استخدام القوة وممارسة العنف لتحقيق أهداف الجماعة ".

وتابع " لم يعد هناك أسوأ مما تم يمكن أن تفعله الجماعة، بعد اتباعها خلال الفترة الأخيرة سياسة الأرض المحروقة والتوسع في ممارسة العنف والاستعانة بجماعات العنف المسلح مثل الجماعة الاسلامية والجهاد والسلفية الجهادية ".

وتتهم السلطات المصرية جماعة الاخوان المسلمين بـ"الارهاب والعنف"، وهو ما تنفيه الجماعة وتؤكد دائما على سلمية تظاهراتها.

وقبل أيام قالت الحكومة المصرية الجمعة إنها تواجه مع قوات الجيش والشعب " مخططا إرهابيا غاشما " لجماعة الاخوان المسلمين.

ويوصف محمود عزت بأنه "العقل المدبر والمفكر" لجماعة الاخوان المسلمين.

لكن العزباوي يبدي دهشته من اختيار عزت مرشدا مؤقتا لجماعة الإخوان المسلمين، وتساءل " عما إذا كانت الجماعة ستدار من الخارج خلال الفترة القادمة ؟"، في إشارة إلى معلومات جرى تداولها مؤخرا عن فرار محمود عزت إلى قطاع غزة.

وتحدثت تقارير إعلامية في الآونة الأخيرة عن هروب عزت وستة من قيادات الجماعة إلى قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الاسلامية (حماس) القريبة فكريا من جماعة الاخوان المسلمين عبر الأنفاق الحدودية في رفح.

لكن الاخوان المسلمون وحركة حماس نفوا تواجد عزت في غزة.

وعلى أية حال لم يمكن محمود عزت المتواري حاليا عن الأنظار على اتصالات قوية بوسائل الاعلام ويهوى العمل "من وراء ستار" ، حسب مصادر داخل جماعة المسلمين .

وقالت المصادر لـ (شينخوا) إن " عزت يفضل العمل من وراء الستار، ولا يحب الظهور الاعلامي إلا مضطرا بل أن الكثيرين كانوا ينظرون له باعتباره المرشد الفعلي للجماعة ".

وفي دلالة على دوره القوي في الجماعة، قالت المصادر إن " عزت كان مهندس انتخابات مكتب ارشاد الجماعة التي أجريت في عام 2009، والتي أطاحت بالنائب الأول وقتها محمد حبيب، والذي كان الأكثر حظا لتولي منصب المرشد العام " .

وهي ذات الانتخابات التي تم فيها الاطاحة بالقيادي المنشق عبدالمنعم ابو الفتوح لصالح القطبيين وإحكام كل من عزت والشاطر المحتجز في الوقت الحالي بتهمة قتل متظاهرين، قبضتهما على مكتب الارشاد.

وعزت المولود في 13 أغسطس 1944 بالقاهرة، هو أستاذ في كلية الطب جامعة الزقازيق، ومتزوج وله خمسة أولاد.

واعتقل عزت عدة مرات كان أولها في عام 1965، واخرها في عام 2008.

ويرى عبدالجليل الشرنوبي، وهو أحد المنشقين عن جماعة الاخوان المسلمين أن سرعة الاعلان عن تعيين عزت مرشدا مؤقتا " تستهدف الحفاظ على وجود شكل تنظيمي متماسك للجماعة للحصول على دعم التنظيم الدولي للجماعة، وبعض الدول الأخرى مثل تركيا وقطر والولايات المتحدة الامريكية ".

وقال الشرنوبي رئيس تحرير موقع (إخوان أون لاين) الالكتروني السابق، لـ (شينخوا) إن " هذا الترتيب والاختيار أعد لهما سلفا لضمان استمرار التنظيم واستمرار حشد القواعد لمواجهات الشوارع لاظهار استمرار المعركة والتأكيد على بقاء الجماعة كرقم في أي معادلة ".

وأضاف أن تعيين عزت يستهدف " التأكيد على قدرة الجماعة على الاستمرار، وأنها لا تقف على شخص بعينه".

واستبعد الشرنوبي " أن يصاحب هذا التغيير تغيرا في توجهات واستراتيجيات الجماعة، خاصة أنها استنفدت كل الوسائل والأدوات، بما في ذلك اللجوء إلى جماعات العنف السياسي ".

وفور اعتقال بديع، قال المتحدث باسم جماعة الاخوان المسلمين أحمد عارف في تدوينة بثها موقع الجماعة على الانترنت، إن "محمد بديع هو فرد من أفراد الاخوان، والاخوان هم عضو بالتحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، والتحالف الوطني في القلب من الشعب المصري الصامد في الميادين ليل نهار، ولا يملك أحد كائنا من كان أن يتنازل قيد شعرة عن حقوق المصريين".

وتابع "المصريون يقولون (اللي خلف ما ماتش) أي (من من أنجب لم يمت) وببساطة هيهات أن تموت الثورة" في إشارة أكيدة على استمرار جماعة الاخوان في نهجها.

ملف خاص: تطور الوضع المصري بعد عزل محمد مرسي

/مصدر: شينخوا/