تعليق: ثلاثة إيجابيات للإتفاق بشأن النووي الإيراني

أحرزت المفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني تقدما خارقا في 24 نوفمبر الجاري، حيث وقعت الدول الستة مع إيران على إتفاقية المرحلة الأولى. وبذلك خطى الملف النووي الإيراني خطوة هامة بإتجاه الحل السياسي.

هذه الخطوة جلبت الأمل لمعالجة الملف النووي الإيراني. ورغم أن إتفاق المرحلة الأولى ليس إلا خطوة أولى في طريق المفاوضات لكن إتجاه التسوية السياسية للملف أصبح أكثر وضوحا، وبذلك فإن مستوى مخاطر الصراع والحروب التي كان النووي الإيراني سيجرها للمنطقة قد تراجع كثيرا. وفي المستقبل ستفتح مختلف الأطراف ذات الصلة لعبة جديدة حول تنفيذ الإتفاقية والمتابعة، لكن تبقى مفاوضات النووي الإيراني التي إستمرت على مدى 10 أعوام قد دخلت منعرجا تاريخيا جديدا، جدير بالتثمين من من المجتمع الدولي.

يمكن القول أن هذه الخطوة ستمثل جرعة مسكنة لمنطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا التي تعاني الإضطراب. فعلى الثلاث سنوات الماضية ظلت الصراعات الجيوسياسية والطائفية والعرقية تتركز بإستمرار حول تداخل القضية الإيرانية والسورية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث أصبح منحنى أوضاع النقاط الساخنة الثلاثة تقرر إلى حد بعيد مستقبل الحرب والسلام في المنطقة. فقد عززت معالجة قضية السلاح الكميائي السوري وإحراز تقدما في مفاوضات النووي الإيراني ثقة المجتمع الدولي في معالجة القضية السورية سياسيا، ومهدت بيئة سياسية جيدة لإجتماع جينيف 2. في ذات الوقت تجري في الوقت الحالي المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وبذلك تتقدم النقاط الدبلوماسية الثلاثة الساخنة في المنطقة في وقت متزامن، وهذا سيساعد المنطقة على إستعادة السلام والإستقرار.

هذه الخطوة ستكون أيضا عاملا إيجابيا لتعافي الإقتصاد العالمي، فإيران تعد أحد أهم الدول المنتجة للطاقة، ومضيق هرمز يعد أحد اهم المعابر الإستراتيجية لنقل الطاقة، ومحاولة إلغاء إيران من خارطة الطاقة العالمية إلى جانب كونه مسعى غير واقعي فإنه أيضا يضر بإستقرار توازن العرض والطلب في أسواق الطاقة العالمية. وفي الحقيقة، ان العقوبات الأحادية التي ظلت تتزايد على إيران، إلى جانب أنها أضرت بالإقتصاد الإيراني فقد تسببت أيضا في تأثيرات سلبية على عمل الإقتصاد الآسيوي والأوروبي، وعمقت غموض آفاق تعافي الإقتصاد العالمي. وقد ضمنت المرحلة الأولى من الإتفاقية صادرات إيران من النفط الخام، وهذا في صالح حماية إستقرار سوق الطاقة الدولية، وفي الحقيقة ان هذا يمثل "طاقة إيجابية" لتعافي الإقتصاد العالمي.

رغم أن التقدم في مفاوضات الملف النووي الإيراني رغم أن التقدم في مفاوضات الملف النووي الإيراني أمر ملهم لكن يجن أن ننظر بإنتباه إلى أن هذه الخطوة الأولى التي قطعتها مفاوضات النووي الإيراني لاتزال هشة، ولاتزال مسيرة تحقيق معالجة شاملة وحقيقية طويلة ومتعرجة، وأي خطأ قد يعيدنا مرة أخرى إلى الحلقة المفرغة من مجابهة العقوبات. لكن على كل تبقى الحلول أكثر من المصاعب والمخارج أكثر من العقبات. واذا واصل المجتمع الدولي في التمسك بخيار المعالجة السياسية واغتنام الفرصة والحرص على الحوار وإيجاد أكبر قدر من التوافق، فلا شك سيكون بإمكانه دفع مفاوضات الملف النووي الإيراني في إتجاه يخدم السلام والإستقرار والتنمية في المنطقة والمجتمع الدولي .

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/