لين إيفو، رائد "المدرسة الموضوعية" في الإقتصاد الصيني (3)

نائب مدير البنك الدولي

رغم الجدل الواسع الذي أثارته نظرية لين إيفو داخل الأوساط الإقتصادية الصينية والأجنبية، إلا أنه تمكن من تحقيق قصب السبق في العديد من الجوانب مقارنة بالإقتصاديين الصينيين. حيث قدم في عام 2007 مداخلة بـ "محاضرات مارشال" بجامعة كامبريدج التي تستضيف سنوسا ألمع الإقتصاديين في العالم ليكون المحاضر الرئيسي، وقد كان لين إيفو أول إقتصادي صيني يدخل هذا المنتدى الإقتصادي العالمي رفيع المستوى. وفي آخر مداخلته قال: "أنا متفائل، وأعتقد أن الفقر في الدول النامية، ليس قدرا."

وفي سنة 2008 شغل لين إيفو منصب كبير إقتصاديي البنك الدولي ونائب رئيس إقتصاد التنمية، وأصبح أول شخصية من الدول النامية تتقلد هذا المنصب. وهنا لاحظ لين إيفو بأن هناك 1.4 مليار جائع في العالم، و1\6 من البشرية تحت خط الفقر. وبذلك أصبحت عملية تقليص الفجوة بين الدول النامية والمتقدمة أكثر المسائل التي ملكت عليه عقله.

ولأن لين إيفو رجل إقتصاد ينحدر من الدول النامية، لم يتعاطى معه الكثير من الناس بجدية، لأنه بالنسبة للذين يؤمنون بنظرية السوق الحر، تبدو أطروحات لين إيفو شبيهة بأفكار خمسينات وستينات القرن الماضي. لكن، لين إيفو أصر على أفكاره، "أنا أبحث على الإجابة داخل التجربة الصينية، وبصفتي احد كبار الإقتصاديين، أرى أنني مواطن عالمي. ولدي مسؤولية تجاه مختلف الدول." ومن خلال تتبعه لمرحلة الإنتقال السريع التي حققتها الصين من مرحلة الإقتصاد الزراعي إلى مرحلة الدولة الصناعية القوية، دعى لين إيفو مختلف الحكومات إلى القيام بمراقبة عميقة للتنمية الإقتصادية التي تقودها الدولة. ويرى لين إيفو أنه في مختلف مراحل التنمية الإقتصادية، يعد السوق الآلية الأساسية لتحقيق توظيف فعال للموارد، لكن التنمية الإقتصادية في حاجة إلى أن تمر بتعديل هيكلي، وإلى جانب آليات السوق الفعالة، يجب على الحكومة أن تقوم بدور إيجابي أثناء مرحلة التحول الهيكلي. وقد وجدت أفكاره وطرقه إعترافا تدريجيا، وأصبحت تتمتع بسمعة دولية.

بعد أن غادر البنك الدولي في عام 2012، عاد لين إيفو مجددا إلى جامعة بكين التي يعرفها جيدا. ولاتزال لديه تطلعات كبيرة تجاه مستقبل الإقتصاد الصيني. وفي ظل الخلفية الضبابية التي عقبت الأزمة المالية العالمية، والتحديات الكبيرة التي يواجهها الإقتصاد الصيني، يعد لين إيفو احد العناصر القوية التي تثبت الثقة في الإقتصاد الصيني، وقد أثبت الزمن في كل مرة بأن اختياراته ذكية وذات بعد نظر.

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/