تقرير اخباري: حقيقة تصريحات جون كيري حول التفاوض مع بشار الأسد بشأن انتقال سياسي في سوريا

في الذكرى الـ 4 لاندلاع النزاع في سوريا ، قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في مقابلة مع قناة " سي.بي.اس" نيوز الامريكية يوم 15 مارس الجاري، أن بلاده ستضطر في نهاية المطاف للتفاوض مع سوريا بشأن انتقال السياسي في سوريا. وتقوم أمريكا حاليا البحث مع حلفائها سبل الضغط على بشار الاسد لقبول هذه المحادثات. وهو ما فسر من قبل العديد من وسائل الاعلام الغربية بأن امريكا تتجه نحو تليين موقفها بشأن سوريا لمواجهة تنظيم " الدولة الاسلامية"عدو مشترك لأمريكا وسوريا. في حين ، قال الرئيس السوري بشار الاسد في مقابلة مع وسائل الاعلام الايرانية يوم 16 مارس الجاري: "مازلنا نستمع لتصريحات وعلينا أن ننتظر الافعال وعندها نقرر".

وتعقيبا على ما صرح به وزير الخارجية الأمريكي، قال ماري هارف المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعى "تويتر" :" امريكا لن تتفاوض على الاطلاق مباشرة مع الرئيس السوري بشار الاسد." وأعلن مسؤولون اتراك وفرنسيون عن معارضتهم للمفاوضات مع بشار الاسد. وجددت بريطانيا التأكيد على أن بشار الأسد "ليس له مكان" في مستقبل سوريا.

ومن جانبها، اعتبرت وسائل الاعلام السورية خطاب جون كيري دليل فشل السياسة الامريكية في سوريا، وبمثابة تراجع و اعتراف بان الجيش لا يمكن الاطاحة ببشار الاسد، واعتراف جديد بشرعية بشار الاسد وبدوره المهم فضلا عن شعبيته.

وترى صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن تصريحات "كيري" غير متناقضة مع التفسير الذي قدمه ماري هارف. حيث ان امريكا لا تزال تصر على موقفها بضرورة تنحي بشار الاسد من السلطة، إلا أن التعبير عن ذلك خفف نوعا ما، ولم يتم سرد الجدول الزمني للتنحي. وذكرت الصحيفة ان جون كير لم يتحدث عن تنحي بشار الاسد لشهور عديدة. وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن امريكا غير مستعدة للتعاون مع بشار الاسد في القتال ضد تنظيم " الدولة الاسلامية"، كما انها غير مستعدة لقبول بقاء بشار الاسد في السلطة. وأن كلمات كيري تعكس محاولة كيري انهاء الحرب الدموية في سوريا، وليس تغيير الاستراتيجية الامريكية في الشرق الاوسط.

وعلقت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"،بان كلمات كيري الدليل الاكثر وضوحا حتى الآن، حيث تبين الواقع المحرج الذي تواجهه سياسة واشنطن في سوريا. وقد ادعت امريكا في الكثير من الاحيان بان بشار الاسد جزء من المشكلة، ويجب أن يتنحى، وهذا بحد ذاته ليس مشكلة، ولكن المشكلة هي انه لا دليل يوحي بأنه سيتم الاطاحة ببشار الاسد حتى الآن. ووجود بشار الاسد خارج الباب بعد ارتفاع تنظيم " الدولة الاسلامية " في سوريا سوف يوقع الاخيرة في اكبر مستنقع للفوضى والقتل. وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن الرئيس الامريكي باراك اوباما اقترح لأول مرة تنحي بشار الاسد كان في شهر اغسطس عام 2011، ولكن مع استمرار الازمة السورية، يرى الكثير من المسؤولين في البيت الابيض والكثير من الدول الغربية مؤخرا، أن احتمالات استخدام الوسائل العسكرية لإسقاط بشار الاسد باتت ضئيلة. وبالاضافة الى ذلك، تحولت المنظمات المتطرفة وتنظيم " الدولة الاسلامية " احد اعداء بشار الاسد في ساحة الحرب الى عدو عام في العديد من البلدان. وإن تحول تنحي بشار الاسد الى حقيقة واقعة يخيف الدول الغربية ، حيث تخشى من أن تستولي الجماعات المتطرفة على السلطة. واعترف جون برينان مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) متخصص بشؤون السياسة الخارجية يوم 13 مارس الجاري، بان امريكا لا تريد ان ترى انهيار الحكومة السورية، وإعطاء فرصة للمتطرفين الصعود للسلطة، وإن القلق الامريكي في نوع الشخصية التي تخلف بشار الاسد.

واعتبرت صحيفة "الوطن" السورية يوم 16 مارس الجاري ما تحدث عنه وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى حول إجراء مفاوضات مع الرئيس السورى بشار الاسد بأنه اعتراف جديد بشرعية بشار الاسد. لكن الصحيفة ترى ان تصريحات جون كيري لا تزال تفتقر الى الاخلاص الحقيقي، وغير مقنعة،" في البداية ينبغي على امريكا ان تحث السعودية و تركيا وحلفائها اخرين في المنطقة وقف دعم المتطرفين في سوريا.

وقال نائب مدير مركز دمشق للدراسات الإستراتيجية الدكتور طالب ابراهيم في لقاء صحفي مع "غلوبال تايمز" يوم 16 مارس الجاري، ان كلمات جون كيري تعكس التغييرات الجديدة التي طرأت على الموقف الامريكي بشان القضية السورية، فمنذ عام 2014 ، تشهد القوى المتطرفة في سوريا توسعا كبيرا في الشرق الاوسط، مما اثر تدريجيا على جزء مكافحة الارهاب في السياسة الامريكية في الشرق الاوسط. وبالاضافة الى ذلك، تأثير علامات تخفيف حده توتر العلاقات بين امريكا وايران على العلاقات الامريكية السورية ايضا. ويرى طالب ابراهيم ان امكانية اقامة اتصال مباشر بين امريكا وسوريا على المدى القصير ليست كبيرة، ولكن من المرجح أن يصبح مكافحة الارهاب تطلعاتهما المتبادلة.