مقال خاص: ظاهرة الصعود الصيني.. دور المعرفة في تحقيق التنمية

محمد الأمين النحاس

ما هي المعرفة:

الاكتشافات التي توصل إليها الانسان شكلت الرصيد المعرفي الذي نتمتع نحن اليوم بثماره في كافة أوجه الحياة. وكمدخل لموضوعنا نشير وعلى سبيل المثال إلى أن اكتشاف معدن الحديد يجسد مرحلة مبكرة في تطور معرفة الناس، وكان استخدامه يتطور باستمرار كلما زادت مستويات معرفتهم وصاروا بالتالي أكثر قدرة على تطوير الطرق المتبعة في تطويعه واستخدامه ليلبي ما يحتاجون إليه. انتاج الحديد وتصديره كمادة خام في حد ذاته يعود بفائدة اقتصادية على البلاد المصدرة له، لكن إذا كانت هذه البلاد قد بلغت درجة من المعرفة تمكنها من تصديره في شكل منتج قابل للاستخدام مثلاً في تصنيع هياكل السيارات، حتماً ستزداد قيمته الاقتصادية، وستزداد القيمة أكثر بكثير إذا تطورت القدرة لإنتاج الهيكل أو السيارة نفسها.

إن المعرفة باتت عاملاً رئيسياً في التنمية، وتتجلى في امتلاك الوعي والقدرات والمهارات التي تُمكن المجتمع من تحقيق الظروف المناسبة لتلبية مطالبه الأساسية والكمالية بشقيهما المادي والمعنوي من أجل العيش الكريم. والثروة الحقيقية في عصرنا هذا تكمن في العقول أي رأس المال البشري، الذي لابد أن يستمر في تطوير خبراته في ظل التنافسية الشرسة التي يتسم بها الاقتصاد الدولي المعاصر.

إن التحولات التي شهدتها الصين خلال تاريخها لا يخرج عن سياق تطورات الحياة البشرية في البدان الأخرى، هناك إجماع بين الاقتصاديين على تقسيم هذه التطورات إلى ثلاث مراحل (التحولات الثلاثة)، وهي: التحول إلى المجتمع الزراعي، التحول إلى المجتمع الصناعي، ثم التحول إلى المجتمع المعرفي.

بدأ المجتمع الصيني في الانطلاق نحو التحول التدريجي إلى المجتمع المعرفي منذ بداية القرن الحادي والعشرين، وتتجلى ملامح هذا التحول في ثورة العلوم والتكنولوجيا المتقدمة وثورة المعلوماتية والاتصالات، ويطلق العديد من الكتاب على هذه الملامح "ظاهرة الصعود الصيني".

تجدر الاشارة إلى أن النجاحات التي حققتها الصين وتجربتها في تطوير اقتصادها تقوم على العديد من العناصر المتداخلة، في هذا المقال سنحاول استجلاء دور المعرفة كعنصر له أهمية ملحوظة في حفز الاقتصاد الصيني.