دمشق 28 فبراير 2016 / دخل اتفاق "وقف الأعمال العدائية" في سوريا يومه الثاني وسط اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق بمناطق متفرقة من البلاد التي يمزقها الصراع منذ خمس سنوات.
ودخل الاتفاق حيز التنفيذ عند منتصف ليل الجمعة - السبت بالتوقيت المحلي بمقتضى اتفاق روسي أمريكي صادق عليه مجلس الأمن الدولي بالاجماع.
وعاشت العاصمة دمشق يوما آخر لم يسمع فيه سكانها اصوات انفجارات فيما غاب تحليق الطيران الحربي في سمائها بحسب مراسل وكالة انباء ((شينخوا)).
ومنذ ساعات الصباح الباكر شهدت شوارع وأسواق دمشق اكتظاظا غير مسبوق مقارنة مع الايام التي سبقت الهدنة.
ولوحظ كذلك ازدحام على حواجز الجيش السوري عند مداخل دمشق للتدقيق في هويات المارة وتفتيش السيارات.
كما شهدت بعض الشوارع القريبة من المناطق الساخنة بريف دمشق حركة نشطة ، خاصة في باب توما والقصاع اللتين كانتا تتعرضان لسقوط قذائف هاون بشكل متكرر.
وعاش مدينتا دوما بريف دمشق الشرقي ، وداريا في الريف الغربي يوما هادئا ولم يسجل أي خرق ، بحسب ما قالت مصادر محلية في تلك المناطق لوكالة أنباء ((شينخوا)).
وينتشر في ريف دمشق الشرقي القريب من العاصمة مقاتلون ينتمون لما يعرف بـ (جيش الإسلام) ، وهناك جيوب تسيطر عليها (جبهة النصرة) المرتبطة بتنظيم القاعدة والتي استبعدت من خطة وقف اطلاق النار.
فيما تعد داريا من اقدم جبهات القتال المتصلة في سوريا، واعلن مصدر عسكري سوري رفيع المستوى قبل أيام انها "غير مشمولة" باتفاق وقف اطلاق النار.
ومع دخول الاتفاق يومه الثاني ، تحدثت كل من سوريا وروسيا والسعودية وكذلك معارضون سوريون عن وقوع خروقات.
وقالت وكالة الانباء السورية (سانا) ان "تنظيمات ارهابية" منتشرة في المناطق الحدودية مع تركيا استهدفت بالقذائف مناطق في ريف اللاذقية الشمالي.
ونقلت الوكالة الرسمية عن مصدر ميداني قوله إن "عشرات القذائف الصاروخية والهاون سقطت ظهر اليوم على مناطق متفرقة من ريف اللاذقية الشمالي ما أدى إلى ارتقاء عدد من الشهداء وجرح آخرين".
ولفت المصدر إلى أن "مصدر القذائف هو التلال المتاخمة للحدود التركية" بحسب وكالة (سانا) التي قالت ان "إرهابيين" أغلبهم من (جبهة النصرة) الموالية لتنظيم القاعدة ومجموعات متشددة ينتشرون في تلك المنطقة.
فيما أعلن رئيس المركز الروسي للمصالحة بين أطراف النزاع في سوريا الفريق سيرغي كورالينكو ، أنه تم رصد تسع حالات لخرق الاتفاق خلال الـ 24 ساعة الماضية .
وقال كورالينكو في بيان نشرته موقع (روسيا اليوم) الاخباري اليوم إن "من بين هذه الحالات قصف بلدة الكبانة في ريف اللاذقية ، وكذلك اختراق الحدود السورية من قبل مجموعة من المسلحين قوامها نحو 100 فرد من ناحية تركيا".
وذكر رئيس المركز أن هذه المجموعة استولت، وبتنسيق مع عصابات مسلحة أخرى، على الأحياء الشمالية من بلدة تل أبيض شمال محافظة الرقة معقل تنظيم الدولة (داعش) شمال سوريا ، وذلك بدعم من المدفعية التركية.
وأضاف "تحققنا في وقت لاحق من صحة هذه الأنباء التي تأكدت عبر قنوات متعددة بما فيها قوات سوريا الديمقراطية ".
وذكر بيان المركز الروسي أنه تلقى حتى ظهر اليوم موافقة 17 مجموعة مسلحة من فصائل المعارضة السورية المعتدلة على شروط وقف أعمال القتال.
كما قام المركز بالتوسط في عقد اتفاقات مصالحة مع أعيان 35 بلدة، مما أسفر عن انسحاب مسلحين متشددين من هذه البلدات وتشكيل فصائل للدفاع الذاتي من الآخرين.
وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الانسان ومقره لندن إن عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية تسللوا إلى منطقة تل أبيض مرتدين زي مقاتلي "واجب الدفاع الذاتي" التابعين للإدارة الذاتية.
واضاف ان ما لا يقل عن 70 عنصرا من التنظيم قتلوا في الهجوم الذي رافقته ضربات للتحالف على مواقع تحصن داخلها العناصر، مؤكدا أن مناطق سيطرة تنظيم داعش شهدت عمليات عسكرية.
من جانبه قال المتحدث باسم المعارضة السورية سالم المسلط اليوم إن وقف الأعمال العدائية في سوريا انتهك 15 مرة من قبل القوات السورية وحلفائها في اليوم الأول من دخول الهدنة حيز التنفيذ من بينها اثنان من مسلحي (حزب الله) اللبناني في الزبداني غرب دمشق.
واضاف المسلط ان الهيئة سترفع شكوى إلى الأمم المتحدة والدول التي تدعم عملية السلام، مشيرا الى أن المعارضة تنتظر إجابات بشأن طريقة مراقبة الهدنة التي بدأت بعد منتصف ليل الجمعة الماضية.
وفي الرياض ، اتهم وزير الخارجية السعودي عادل الجبير اليوم روسيا والنظام السوري بخرق اتفاق "وقف الأعمال العدائية" في سوريا.
وقال الجبير ، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الدنماركي كرستيان ينسين ، ان "هناك اختراقات للهدنة من قبل النظام السوري ونتشاور في هذا الموضوع مع دول دعم سوريا".
واضاف "لا مكان (للرئيس السوري) لبشار الأسد في سوريا الجديدة ، وإذا لم تكن هناك جدية من النظام السوري وحلفائه فهناك خطة بديلة لسوريا بدون بشار الأسد، وإذا قرر التحالف الدولي إرسال قوات برية إلى سوريا فالسعودية مستعدة للمساهمة فيها".
وتابع الجبير "ان روسيا تقول إن عملياتها ستستمر ضد تنظيم داعش الإرهابي والنصرة وهذا وافقت عليه مجموعة دعم سوريا، وإذا كانت روسيا صادقة فيجب أن تساعد الأسد في احترام الهدنة .. حيث أن هناك خروقات للهدنة من جانب روسيا ونظام الأسد ولابد من الالتزام بالهدنة لحل سياسي في سوريا".
وتساند السعودية ما تصفها بالمعارضة المعتدلة المناوئة للنظام السوري وتتمسك برحيل الرئيس بشار الأسد عن السلطة.
وأعلنت السعودية مؤخرا استعدادها للمشاركة في "أي عمليات برية" ضمن التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا التي ردت محذرة الرياض من مغبة التدخل البري في اراضيها دون موافقتها.
ويستثني اتفاق "وقف الاعمال العدائية" تنظيم (داعش) و(جبهة النصرة) بعدما تم تحديدهما من قبل الأمم المتحدة كتنظيمات إرهابية يجب محاربتها.
وقال العميد علي مقصود وهو ضابط سوري متقاعد ان خروقات الاتفاق "محدودة" ، معتبرا انها لا تؤثر على الاتفاق "لان القرار يمثل رغبة المجتمع الدولي بوقف اطلاق النار".
واكد مقصود ، لوكالة ((شينخوا)) ، انه لا يوجد اخترقات للهدنة في العاصمة دمشق اليوم .
وفي حال نجحت الهدنة فستكون الخطوة الأولى نحو حل سياسي للصراع المستمر منذ خمس سنوات تقريبا في البلاد.
وقتل أكثر من 250 الف شخص في سوريا منذ مارس 2011، وفقا لاحصاءات حقوقية ، وشرد ما لايقل عن 7.6 مليون شخص داخل وخارج سوريا.