بكين 28 إبريل 2016 / لابد للولايات المتحدة من التفكير مليا في أفعالها الخاطئة بوصفها متدخلا في شؤون الشرق الأوسط في ضوء ما تقوم به من تدخل عسكري، لأنها لم تعمل فقط على زعزعة الاستقرار بالمنطقة وإنما تسببت أيضا في آلام هائلة وفرضت عبئا كبيرا على الدول الأوروبية.
لقد مرت خمسة أعوام منذ إندلاع الأزمة السورية دون أن يظهر في الأفق سلام وأمن، والأسوأ من ذلك أن التوترات بين الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة وروسيا فاقمت من هذه القضية.
ومن الواضح أن الولايات المتحدة أطاحت بأكثر من"دومينو" في الصراع الداخلي الدائر في بلدان أخرى دون أن تحول دون وقوع اشتباكات وأزمات تالية ذلك، ما أدى إلى الوضع الفوضوى الحالي الذي يصعب على البلدان الأوروبية التعامل معه.
والأسوأ من ذلك، أن الوضع المضطرب في الشرق الأوسط أدى إلى التمدد المتواصل لقوى متطرفة مثل تنظيم الدولة (داعش) ، وهي لعنة لا تهدد المناطق التي مزقتها الصراعات فحسب، وإنما أيضا المناطق البعيدة عن ألسنة نيران الحرب.
ومن أفغانستان حتى ليبيا ومن سوريا حتى غزة، فإن الويلات التي جلبتها السياسة التدخلية الأمريكية في المنطقة، التي صورت في الأدب بأنها أرض واعدة تفيض لبنا وعسلا ، لا تعد ولا تحصى.
وفي الوقت الذي تضرب فيه القوى المتطرفة بجذورها في ليبيا، ذلك البلد المجاور للقارة الأوروبية، صار الوضع الأمني في أوروبا محفوفا بتهديدات خطيرة.
بيد أن الولايات المتحدة، التي خلقت هذه الفوضى، لم تخرج بحل للعمل على استقرار المنطقة ووضع نهاية للأزمة. بل وظلت في مأمن نسبيا من الأنشطة الإرهابية أو من معضلة اللاجئين بفضل بعدها من الناحية الجغرافية.
ومن ثم، ينبغي على الولايات المتحدة تحمل مسؤولية هذه الفوضى التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط وموجة اللاجئين المتدفقة على القارة الأوروبية.
بيد أن العالم يشعر بخيبة أمل ودهشة وهو يجد الموقف الأمريكي تجاه قبول اللاجئين بهذا السوء فيما تسعى البلدان الأوروبية إلى إفساح المجال لعدد كبير من المهاجرين.
فقد أقرت هيلارى كلينتون، المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة الأمريكية وعضو مجلس الشيوخ سابقا،أقرت يوم الخميس الماضي بأن أكبر أسف سياسي لها هو "الخطأ" الذي ارتكبته عندما "صوتت لصالح منح الرئيس بوش سلطة شن حرب العراق" وذلك على نقيض يدعو للسخرية من موقفها في حملة عام 2008 عندما دافعت عن تصويتها "بنعم" لحرب العراق التي سعت إليها بشدة إدارة جورج دبليو. بوش.
وقال فيليب مورو ديفارج الزميل البارز بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية إن اعتذار كلينتون هو استعراض ليس إلا من أجل انتخابات الرئاسة المرتقبة هذا العام.
وأضاف ديفارج أن كلينتون اعتذرت لأن "الساسة في وقتنا الحاضر بالغرب عليهم أن يعتذروا".
وربما حان الوقت لكي تفكر الولايات المتحدة بصدق في سياساتها التدخلية في الشرق الأوسط وتخرج بحلول لإصلاح هذه الفوضى.