دمشق 30 ابريل 2016 /أكد خبراء ومحللون سياسيون في سوريا أن إرسال الولايات المتحدة 150 جنديا إلى المناطق الشمالية في سوريا التي تخضع حاليا تحت سيطرة "وحدات الحماية الكردية" يهدف إلى تثبيت أن الفدرالية قد أصبحت أمرا واقعا، معتبرين أن هذا التصرف يشكل انتهاكا صارخا للسيادة السورية، وأشاروا إلى أن الولايات المتحدة لا تريد محاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الإرهابي مؤكدين في الوقت ذاته أنها لو أرادت ذلك لكانت قامت بالتنسيق مع الدولة السورية الشرعية.
نقلت وكالة ((سانا)) الرسمية يوم الخميس الماضي عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية قوله "تلقينا بقلق بالغ الأنباء التي أشارت إلى دخول 150 جنديا أمريكيا الأراضي السورية في منطقة رميلان" في محافظة الحسكة شمال شرق سوريا التي وقعت تحت سيطرة "وحدات الحماية الكردية".
وتابع المصدر أن "سوريا تدين بشدة هذا العدوان السافر الذي يشكل تدخلا خطيرا وانتهاكا صارخا للسيادة السورية".
وأضاف "إن هذا التدخل مرفوض وغير شرعي وجرى دون موافقة الحكومة السورية، وهو بمثابة اعتداء صريح ينتهك أراضي الجمهورية العربية السورية، وهو بذلك يتناقض مع الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية".
وقال المصدر إن سوريا "تؤكد رفضها المطلق لهذا العدوان، وتدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بوقفه".
وتأتي هذه التقارير بعد أيام من إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أنه سيرسل 250 عسكريا إضافيا إلى سوريا لدعم النجاحات ضد تنظيم الدولة الإسلامية .
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد قال في 19 يناير الماضي إن الولايات المتحدة جهزت مطار رميلان القريب من بلدة رميلان في مثلث الحدود السورية العراقية التركية لاستخدامه نقطة انطلاق لطائراتها التي تقصف مواقع تنظيم الدولة الإسلامية.
وذكر المرصد حينها أن المطار سيكون أيضا مقرا لمستشارين أمريكيين متواجدين في سوريا.
وتدعم الطائرات الأمريكية المقاتلين الأكراد المنضوين تحت لواء "وحدات حماية الشعب الكردية" في معاركها بسوريا، خاصة ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
ومن جانبه قال المحلل والكاتب السوري شريف شحادة في تصريحات لوكالة أنباء ((شينخوا)) يوم السبت إنه "من الواضح أن الولايات المتحدة بدأت تدخلا سافرا في سوريا دون استئذان الحكومة الشرعية فيها"، مؤكدا أن أمريكا تريد إرسال رسالة عبر إرسالها هؤلاء الجنود إلى مناطق خاضعة لسيطرة الأكراد مفادها "تثبيت الفدرالية التي أعلنها الأكراد في الشمال أواخر الشهر الماضي.
وأضاف شحادة وهو عضو سابق في البرلمان السوري "أعتقد أن أمريكا لن تتخلى عن فكرة إسقاط النظام في سوريا أو الدولة السورية الشرعية" .
وأكد أن الولايات المتحدة لو كانت "عازمة على قتال تنظيمي داعش وجبهة النصرة لكانت أرسلت عددا أكثر ورتبت أمورها مع الحكومة السورية".
وبدوره قال محمود مرعي رئيس هيئة العمل الديمقراطي المعارضة داخل سوريا إن الولايات المتحدة تتظاهر أنها ضد الفدرالية، ولكنها في حقيقة الأمر تؤيدها وتسعى إلى تطبيقها على الأرض الواقع" وتتعامل معها على أنها "أمر واقع" من خلال إرسال جنود إلى المناطق، و"ما قامت به الولايات المتحدة يشكل انتهاكا واضحا للسيادة السورية".
واعتبر أن الذرائع التي تسوقها الولايات المتحدة حول تدريب المقاتلين الأكراد ومساعدتهم للقضاء على تنظيم داعش ما هي إلا "مسرحية هزلية"، مضيفا أن أمريكا لا تحارب تنظيم داعش على الأرض لذلك أرسلت خبراء ومدربين إلى مناطق تحت سيطرة "وحدات الحماية الكردية" .
ومن جانبه اعتبر ماهر مرهج أمين عام حزب الشاب الوطني السوري أن "الولايات المتحدة تريد عبر إرسالها جنود إلى داخل الأراضي السورية في شمال سوريا لإيصال رسالة إلى روسيا، وردا على الوجود الروسي داخل سوريا ومساعدة روسيا للجيش السوري على محاربة داعش.
وأشار مرهج أن أمريكا لا تريد أن ترى سوريا مستقرة موحدة، وتعمل على تكريس الفدرالية التي يرفضها الشعب السوري .
والجدير ذكره أن أكثر من 200 مندوب يمثلون الأكراد والعرب والتركمان والآشوريين والسريان والأرمن وسكان مناطق القامشلي وكوباني وعفرين والمجتمعين في بلدة الرميلان بريف الحسكة، أعلنوا في مارس الماضي إقامة الفدرالية.
والمناطق المعنية بالإعلان هي المقاطعات الكردية الثلاثة، كوباني (ريف حلب الشمالي) وعفرين (ريف حلب الغربي) والجزيرة (الحسكة)، بالإضافة إلى تلك التي سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية (تحالف من فصائل كردية وعربية مقاتلة على رأسها "وحدات حماية الشعب الكردية") مؤخرا خصوصا في محافظتي الحسكة وحلب (شمال).
وحذرت الحكومة السورية "أي طرف تسول له نفسه النيل من وحدة أرض" سوريا، مؤكدة أن "طرح موضوع الاتحاد أو الفدرالية سيشكل مساسا بوحدة الأراضي السورية (...) ولا قيمة قانونية له".
ويشكل الأكراد أكثر من عشرة بالمائة من سكان سوريا، وقد عانوا من التهميش على مدى عقود قبل اندلاع النزاع، إذ أن فئة كبيرة منهم محرومة من الجنسية السورية، كما كان يمنع عليهم تعلم لغتهم أو الكتابة بها أو حتى إحياء تقاليدهم مثل احتفالات عيد النوروز.