تشهد العلاقات الصينية الأسترالية تدهورا مستمرا في الأسابيع الأخيرة. وفي وقت سابق، وقعت أستراليا وأمريكا واليابان إعلانا مشتركا أعربت فيه علنا تاييدها للتحكيم في قضية بحر الصين الجنوبي. وأن طموحات أمريكا واليابان وراء تدخلها في بحر الصين الجنوبي واضحة تماما، لكن رفع استراليا راية " العداء " ضد الصين هو أمر محير الى حد ما. حيث أن الصين أكبر شريك تجاري وأكبر سوق للصادرات في أستراليا، كما أن الاخيرة ليست طرفا في بحر الصين الجنوبي. وتدخلها في بحر الصين الجنوبي بشكل بارز جدا، فهل هذا ناجم عن كراهية أم استياء؟
ويعتقد وانغ يي وي رئيس معهد البحوث في الشؤون الدولية بجامعة الشعب الصينية، أن أستراليا نصبت نفسها ضمن القيم الغربية، ولم تعترف بنموذج التنمية الصينية والنظام السياسي في الصين. وبالرغم من انها تعتمد الى حد كبير على الاقتصاد الصيني، لكنها تعتقد أن هذا نتيجة طبيعية لتقسيم العمل في ظل خلفية العولمة، ولا علاقة بالتنمية الصينية الخاصة. كما أن العديد من الدول الغربية غير مقتنعة جدا بصعود الصين، ويعتقدون أن صعود الصين هو نتيجة الانتهازية وليست مستدامة.
يعتمد الاقتصاد الاسترالي بشكل كبير على البحر، في حين أن أمريكا تسعى الى " هيمنة المحيط" في العالم ، هذا أحد أسباب انضمام أستراليا الى تحالف أمريكا. في الوقت نفسه، فإن اليابان وكوريا الجنوبية هما شركان مهمان لاستراليا، وأفضل طرق التبادل التجاري بينهما تخضع لبحر الصين الجنوبي. وبالتالي، خلقت استراليا "ضجة" في بحر الصين الجنوبي بسبب اعتبارات أمنية لطرق تجارتها. في عام 2010، قال وزير الخارجية الاسترالي كيفين رود أنه من الواضح أن قضية بحر الصين الجنوبي متعلقة بمصالح استراليا. وفي عملية تنفيد استراتيجية اعادة التوازن في آسيا والمحيط الهادئ الامريكية، تعتبر استراليا وسيلة لكبح دور الصين، وتعد اليابان واستراليا معا " مرساة أمريكا" في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
وأشار جو شي سين، رئيس مكتب الدبلوماسية بين الدول الكبرى لمركز دراسات السياسات الخارجية بمعهد شنغهاي للدراسات الدولية، الى أن موقف استراليا اتجاه الصين له علاقة الى حد كبير بالاديولوجية العدائية التي تحملها وزيرة الخارجية الاسترالية الحالية جولى بيشوب ضد الصين. وقد اصدمت مرارا وتكرارا مع الصين في المباحثات الاخيرة مع المسؤولين الصينيين حيث لم تتوقف عن الحديث عن بحر الصين الجنوبي. هذا يبين أن استراليا تواجه الصين دبلوماسيا ، تخوفا من امكانية "تحكم الصين" ببحر الصين الجنوبي.
ينبغي على الصين تحويل اعتماد استراليا ودول الاخرى على التجارة مع الصين الى اعتمادها على الاستثمارات الصينية والاسواق الصينية، من أجل تعزيز صوت الصين في الاقتصاد الدولي. وقال وانغ يي وي أن الصين يجب أن تعتمد في التنمية المستقبلية على تعزيز القوة الناعمة في البلاد ، وتعزيز جاذبية النظام السياسي الصيني. وأن يلعب نموذج التنمية الصينية وحكمة الشرق الصينية دورا متزايد الاهمية في التنمية الاقتصادية العالمية والحوكمة العالمية، ولكن لا بد من أن كسف الاعتراف في جميع انحاء العالم سيستغرق وقتا طويلا.
وفي ظل الفترة الحرجة من الارتفاع السريع في الصين، بالنسبة لبعض الاداءات " المهرجة" ، بما في ذلك نشر امريكا لنظام مضاد للصواريخ في كوريا الجنوبية ، لا يزال يتعين علينا التأني والهدوء . والوقت يؤكد أن من هو المهرج، ومن هو البطل.