القاهرة 11 أغسطس 2016 / أثار الإعلان عن وجود اتجاه لإلغاء شركات الصرافة في مصر جدلا واسعا، وأكد عدد من المتعاملين في سوق الصرف أن هذه الخطوة من شأنها زيادة تفاقم أزمة الدولار.
وأغلق البنك المركزي المصري خلال هذا العام 48 شركة صرافة منها 26 شركة تقرر إغلاقها نهائيا، و22 شركة أغلقت بشكل مؤقت لفترات تراوحت بين ثلاثة أشهر وعام، بحسب وسائل إعلام محلية.
وتعالت الأصوات داخل البرلمان المصري الثلاثاء الماضي بإلغاء شركات الصرافة، وقصر التعامل في العملات الأجنبية على البنوك فقط.
ووصف رئيس مجلس النواب المصري الدكتور على عبدالعال شركات الصرافة بـ "السرطان"، وقال وهو يطالب بتغليظ العقوبة، إن بعض الدول تطبق عقوبة الاعدام ضد المتاجرين بالسوق السوداء.
وأكد دكتور عبدالستار العشرة المستشار الاقتصادي لاتحاد الغرف التجارية المصرية، رفض الدعوات المطالبة بالغاء شركات الصرافة، كما رفض العودة لأسلوب الاجراءات البوليسية في ادارة سوق الصرف.
وأوضح العشرة لوكالة أنباء (شينخوا) أنه في حال الغاء شركات الصرافة فإن مطاردة تجار السوق السوداء سيكون اصعب بكثير من مراقبة ومتابعة شركات الصرافة التي تعمل في العلن.
ودعا إلى إلى اتخاذ اجراءات عقابية أكثر حزما على الشركات المخالفة بعيدا عن سياسة الإلغاء والحظر، مؤكدا أن الاقتصاد المصري سيكون أول المتضررين من هذه الخطوة.
واقترح العشرة ادخال تعديلات دستورية على قانون البنك المركزي بما يسمح باتخاذ عقوبات أكثر صرامة بعيدا عن الالغاء مثل الشطب نهائيا في حال تكرار المخالفة أو فرض عقوبات جنائية.
كما طالب بادخال تعديلات جديدة تتواكب مع التطورات الاقتصادية الحالية، وبما يسمح بزيادة رأسمال شركات الصرافة إلى 10 ملايين دولار، وفصل الادارة عن الملكية وتفعيل دور البنك المركزي في المراقبة عليها.
وأوضح أن سوق الصرف يضم نحو 111 شركة، يتبعها نحو 600 فرع، متسائلا عن قدرة الجهاز المصرفي على استيعاب الطلب على هذه الشركات.
ويأتي التحرك في اطار محاولات كبح جماح سعر الدولار التي وصلت إلى 13.5 جنيه، قبل أن يتراجع إلى 12.5 في السوق السوداء، بينما السعر الرسمي للبنك المركزي 8.87 جنيه.
من جانبه، أبدى محمود صاحب شركة صرافة بوسط القاهرة دهشته من الحديث في أزمة الدولار واقحام شركات الصرافة فيها بهذا الشكل دون العودة للمختصين واستطلاع رأيهم في مثل هذا القرار.
وأكد محمود لوكالة أنباء (شينخوا) أن قرار إلغاء شركات الصرافة في حال تنفيذه سيكون له مردود خطير، حسب قوله.
وقال "لو تم اتخاذ قرار بإغلاق هذه الشركات، فانه ذلك سيتسبب في ايقاف قطاع اقتصادي كبير، ويزيد من حجم بطالة بالالاف، وسيكون له تأثير سلبي على السياحة بتحويل مصر لدولة مغلقة.
وتساءل، ماذا لو أحب السياح تحويل نقود بعد مواعيد عمل البنوك، خصوصا ان السياسة النقدية في مصر تعتمد على استخدام العملة النقدية وليس بطاقات الائتمان.
وأوضح أن المشكلة لا تكمن في شركات الصرافة وانما في تجار العملة ولابد من التمييز بين الجانبين، وتابع " نحن ملتزمون بسعر البنك ليس فقط للدولار وانما لكل العملات، وكما ترى العملاء عندما يجدوننا نبيع بسعر البنك يذهبون بحثا عن تجار السوق السوداء الذين يشترون باسعار مرتفعة".
وأضاف "نحن في مصر بحاجة لنظام نقدي صارم وضابط لأن هذا النظام سيخدم الحكومة أكثر مما يخدم المواطنين والشركات، فلو استطاع النظام النقدي السيطرة على حركة النقود فالحكومة ستستفيد بشكل كبير من عملية الضرائب التى تصل إلى 20 في المائة.
واقترح صاحب شركة الصرافة أن يتم بيع وشراء العملات الأجنبية بايصالات رسمية مختومة من الشركات، فاذا تم العثور على اي عملات أجنبية مع أي شخص يتم مصادرتها، وبذلك تضمن الحكومة ان البيع يتم بسعر البنك المركزي وأن يتم تحصيل الضرائب المستحقة بدون تهرب".
وتابع "الحكومة مشكلتها أنها تتعامل معنا بوصفنا تجار سوق سوداء، وليس باعتبارنا اصحاب شركات شأننا شأن شركات السياحة ووكلاء السفر، وهذا كان واضحا في حديث رئيس البرلمان الذي وصفنا بالسرطان الذي يجب استئصاله، وهو ما جعل الشعب ينظر لنا نفس النظرة.
وحذر من أنه لو تم فعلا اغلاق شركات الصرافة، فإن ذلك من شأنه أن يعطي المبرر لأصحاب هذه الشركات والعاملين فيها بالعمل في السوق السوداء.
وشدد على أن الحل الوحيد هو التعاون مع الشركات لمحاربة السوق السوداء وتجار السوق السوداء، والتعاون معها في تحسين الاقتصاد الوطني.
وتعاني مصر من أوضاع اقتصادية غير مستقرة منذ ثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس الاسبق حسني مبارك، نتيجة عدم الاستقرار الأمني والسياسي خاصة قبل تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي المسئولية.
شعبان مواطن وعامل بناء من محافظة المنيا جنوب القاهرة ويقيم بالجيزة، رفض تغيير ورقة فئة 100 دولار، عندما أخبره محمود صاحب شركة الصرافة بسعر الصرف الذي اقره البنك المركزي.
قال شعبان لوكالة أنباء (شينخوا)، "الـ 100 دولار هذه أخي أرسلها من الخارج كمصروف اسرته، وبالتالي فهو يبحث عن افضل سعر صرف لها".
وأضاف إن شقيقه كان في البداية يرسل 150 دولار شهريا، ولكنه الأن صار يرسل 100 دولار فقط بعد زيادة أسعار صرف الدولار في مصر.
وتابع "سأقوم بجولة في السوق أو أبحث عن مصدر أخر للبيع، لأني غير مستعد أغيرها بأقل من 1200 جنيه، لانه مصروف الاولاد الشهري وهم أولى بكل قرش زيادة".
ويعتمد الاقتصاد المصري في توفير العملات الأجنبية على قطاعات السياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين بالخارج والاستثمارات الأجنبية، وهي قطاعات تأثرت جميعها بشدة منذ مطلع عام 2011.
بدوره، أكد الدكتور فخري الفقي مساعد المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي السابق أن توصل الحكومة المصرية لاتفاق اليوم مع صندوق النقد الدولي لتمويل برنامجها الاقتصادي من شأنه أن يؤثر ايجابيا على سعر الدولار.
ولكن الفقي استطرد قائلا لوكالة أنباء (شينخوا) إن هذا التأثر الايجابي سيكون "آنيا"، أي على المدى القصير، نظرا لما يقدمه من دعم معنوي للاقتصاد المصري.
وأوضح أن القرض الذي ستحصل عليه مصر سيعالج اختلالات هيكلية ومالية، وهو ما يعني أن تأثيره على سعر الصرف سيكون محدودا.
وأعلن بالقاهرة اليوم التوصل مع صندوق النقد الدولي لاتفاق يقدم الصندوق بمقتضاه قرضا بقيمة 12 مليار دولار لتمويل البرنامج الاقتصادي للحكومة المصرية.
كما يتيح الاتفاق لمصر الحصول على قروض بقيمة 9 مليارات دولار من البنك الدولي وبنك التنمية الافريقي، وجهات تمويلية أخرى.