بقلم/ شيأرجي تالامايفو، مدير الدائرة الاقتصادية الخارجية بمعهد الدراسات الاستراتيجية الروسي
يتردد معدل النمو الاقتصادي العالمي في السنوات الاخيرة حول 3 % ، وهو قليل الى حد كبير مقارنة مع السابق. حيث أن النمو الاقتصادي في البلدان المتقدمة في السنوات الاخيرة أقل من 2 % ، وبات من الصعب تحسينه مستقبلا ، كما يشهد النمو في البلدان النامية تباطؤا أيضا. ومن وقت الى آخر، نشهد انخفاض توقعات خبراء من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الدولية الاخرى. وفي ظل الوضع الاقتصادي العالمي غير المؤكد، وفي ظل التحديات والتعقيدات التي تواجهها مجموعة العشرين داخليا ايضا، استضافت الصين بنجاح قمة مجموعة العشرين في مدينة هانغتشو الصينية ، المسؤوليات ثقيلة بالفعل.
يعود سبب تباطئ الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن، من جهة، الى عدم وجود حوافز كافية لضمان النمو المستدام في دول العالم. وثمة جانب أخر يتمثل في انخفاض كفاءة التدابير في خطوات اتخذتها بعض الدول سابقا. وفي الوقت نفسه، تباطء النمو في التجارة الدولية وانخفاض النشاط الاستثماري واستمرار عدم الاستقرار في الأسواق المالية وعوامل أخرى، جعلت وضع الانتعاش الاقتصادي العالمي أكثر شدة، ولا يمكن استبعاد اندلاع أزمة مالية محلية أو عالمية مرة أخرى.
انشأت مجموعة العشرين ردا على الازمة المالية العالمية، وقد لعب دورا هاما. ولكن مع الانتعاش التدريجي للاقتصاد العالمي ، تقلص دورها الى حد كبير بسبب المصالح المتعارضة للاعضاء . وقد ولدت ملفات كثيرة في اطار مجموعة العشرين، ولكن الممارسة في العديد من البلدان ضئلة جدا. مثلا، بذلت المجموعة العشرين الكثير من الإجراءات ضد الحمائية في التجارة العالمية، ومع ذلك، ضاعفت البلدان المتقدمة تدابير الحماية التجارية.
وفي ظل هذه الخلفية المعقدة، عملت الصين على تعزيز حيوية مجموعة العشرين، واقترحت سلسلة من المبادرات لاستعادة وظيفتها في ادارة الاقتصاد العالمي، وضمان النمو المستدام والحد من المخاطر القائمة، باعتباره الهدف الرئيسي. وبالرغم من أن اصلاح المؤسسات المالية الدولية وتعزيز حماس الاستثمار الوطني والدفع بالاصلاحات الهيكلية مصطلحات ليست جديدة في قاموس مجموعة العشرين، لكن الخطة التي طرحتها الصين اصبحت اكثر احتمالا لجعل التعاون بين الاقتصادات الكبرى في العالم فعالا اكثر.
شددت الصين على ضرورة التركيز على مناقشة القضايا الاقتصادية، مع التاكيد على اتخاذ نهج التسوية للقضايا الخلافية. وحثت الصين أعضاء مجموعة العشرين للتطلع الى ايجاد حلول المشاكل القائمة، بدلا من أن تتسبب في انشاء مشاكل متشابكة على نحو أعمى. وفي الوقت نفسه، نجح في اقناع أعضاء مجموعة العشرين بعدم مناقشة تاثير التحفيز النقدي، ولكن التركيز على كيفية الاستفادة الكاملة من الاصلاحات الهيكلية، والسياسة الضريبية، وسياسة الميزانية وغيرها من السياسات لتعزيز النمو الاقتصادي.
وقد أجرت الصين البحوث العميقة والواسعة لرصد حالة تنفيذ القرار وتحسين نظام الإدارة، وفي الوقت نفسه تعزيز صوت البلدان النامية في العالم. وفي ظل الدفع الصيني، طرحت قمة مجموعة العشرين لاول مرة خطة عمل لتنفيذ جدول اعمال التنمية المستدامة للامم المتحدة في عام 2030، ووافقت على دفع دخول " اتفاقية باريس"حيز التنفيذ في وقت مبكر، ودعت الى تنفيذ " مبادرة دعم محموعة العشرين التصنيع في البلدان الافريقية الاقل نموا" و" المبادرات العالمية التوافقية التحالف البنية التحتية "، بما يعود بالفائدة على البلدان النامية.
بعد انزال الستار عن قمة مجموعة العشرين في هانغتشو، سيثبت الوقت مدى فعالية برنامج الصين. ونظرا للتجارب والنتائج التي حصلت عليها الصين في اطار الاطراف المتعددة، نحن واثقون من نجاح تنفيذ نتائج قمة مجموعة العشرين في مدينة هانغتشو الصينية.