تسبب تراجع إحتياطي النقد الأجنبي والديون الحكومية والعجز المالي وتراجع سعر صرف الجنيه في معضلة إقتصادية كبيرة باتت تواجهها مصر، وهو ما أثر على الحياة اليومية للمواطنين. وللخروج من هذه الأزمة الإقتصادية الخانقة وإعادة التعافي للإقتصاد المصري، إتخذت الحكومة المصرية جملة من الإجراءات لدفع الإصلاح، في محاولة لمعاجلة مشاكل النمو الإقتصادي والحصول على الدعم الشعبي.
التعافي الإقتصادي، المهمة الرئيسية للدولة
بدأت الحكومة المصرية إتخاذ سلسة من الإجراءات لدفع التعافي الإقتصادي، بما في ذلك وضع نظام لصرف الجنيه وتعزيز الإصلاح في الدعم الطاقي.
في هذا السياق، أعلن البنك المركزي المصري في 3 نوفمبر الجاري عن سمحاه بتحرير سعر صرف الجنيه، حيث سيصبح بإمكان البنوك المصرية تحديد سعر الجنيه وفقا لوضع السوق، وهو ماتسبب في هبوط قيمة الجنيه بـ 48%. وقال نائب رئيس البورصة المصرية، محمد فريد، إن أسعار الصرف المتوازنة ستدفع بعض الصناعات التي إقتربت من الإنهيار إلى تحقيق التعافي، وأشار إلى أن إخضاع سعر الصرف إلى العرض والطلب سيعزز ثقة المستثمرين، ويساعد الإقتصاد الكلي.
تعد مصر دولة مستوردة للطاقة، وقد كانت الحكومة المصرية على مدى وقت طويل تقدم دعما لأسعار المحروقات. لكن منذ 4 نوفمبر الجاري، إنطلقت الحكومة في تخفيض الدعم عن الطاقة، وقد عبر صندوق النقد الدولي ووسائل الإعلام المصرية عن مساندتهم لهذا الإجراء ورأوا بأنه سيعزز ثقة الاوساط الخارجية في الإقتصاد المصري، وسيدفع التنمية المستديمة ويخلق المزيد من فرص العمل.
وأعلن صندوق النقد الدولي في 11 نوفمبر الجاري عن موافقته لمنح مصر قرض بـ 12 مليار دولار، وهو ما إنعكس بشكل إيجابي في سوق الأسهم، حيث بلغت قيمة صفقات سوق الأسهم أعلى مستوى لها منذ أبريل 2010. وقالت الكاتبة بصحيفة "إقتصاد مصر"، هدى رأفت، في حوار مع مراسل صحيفة الشعب اليومية أنه "بعد إتجاه الوضع إلى الإستقرار تدريجيا في مصر، بات التعافي الإقتصادي يمثل مهمة ملحة بالنسبة للحكومة المصرية" .
تعميق الإصلاح يعكس الإرادة في مواجهة الأزمة الإقتصادية
أدت إجراءات الإصلاح الإقتصادي وتراجع سعر صرف الجنيه إلى إرتفاع أسعار السلع، من مواد غذائية ونقل وأجرة، إضافة إلى تزايد النقص في الموارد المالية، وهو ما زاد من وطأة الأعباء التي يتحملها المواطن المصري، لكن غالبية المواطنين يبدون ثقة في تعافي الوضع الإقتصادي. "صحيح أن أسعار السلع قد تضاعفت عدة مرات، وخاصة المواد الغذائية والمواصلات وغيرها من النفقات اليومية، لكن الحكومة بصدد إتخاذ الإجراءات، وعلينا أن نتحد في مواجهة الأزمة بشكل عقلاني." تقول سامية التي تعمل أستاذة في التعليم الثانوي.
إمكانيات كامنة كبيرة، وإجراءات لتحسين بيئة الإستثمار
"مرت مصر خلال السنوات الـ 5 الماضية بفترة عصيبة في تاريخها الحديث، ساهمت فيها عوامل دولية وإقليمية ومحلية." يقول الباحث بالمركز المصري للدراسات الإستراتيجية، إبراهيم الغيطاني.
تأثر الإقتصاد المصري بتراجع نمو الإقتصاد العالمي وعدم الإستقرار الإقليمي، لكن نظرا للأسس الصناعية والزراعية الجيدة ووفرة اليد العاملة، والموقع الإستراتيجي المتميز، لاتزال مصر تتمتع بإمكانات كامنة كبيرة.
يرى الغيطاني أن مصر قد نجحت في حفر قناة السويس الثانية، وأن المشاريع الكبرى الأخرى يجري إنشاؤها على قدم وساق، كما أن مشروع شبكة الطرقات السريعة بات على أهبة الحضور لخدمة التنمية الإقتصادية، وهو مايعكس قدرة الحكومة على دفع التنمية الإقتصادية. ثانيا، يتعامل الشارع المصري بتفهم مع سياسات تحرير الجنيه وإلغاء الدعم، وهذا مهم للمضي قدما في الإصلاح والتنمية. ثالثا، أظهر تقرير بنك الدولي الأخير صعود ترتيب مصر على مستوى بيئة الأعمال، وهذا يعكس إعتراف المجتمع الدولي بالتنمية المصرية، ويثق في قدرة الإقتصاد المصري على التعافي.
ترى تحاليل مصرية بأنه على الحكومة المصرية إتخاذ مزيدا من الإجراءات لتحسين بيئة الإستثمار، مثل تنقيح اللوائح ذات الصلة في قانون الإستثمار، وتوفير مزيدا من الحوافز للمستثمرين الأجانب. وفي هذا الصدد، نظمت مصر مؤخرا مؤتمرا دوليا لإصدار إشارات إيجابية إلى العالم الخارجي. "الإقتصاد المصري مازال يعاني مشاكل التعافي، وتبقى مواصلة الإصلاح وخلق بيئة أفضل للإستثمار طريق مصر لتحقيق التعافي الإقتصادي." يقول الغيطاني.