قالت فالنتينا ماتفيينكو رئيسة الغرفة العليا للبرلمان الروسي خلال زيارتها الى المملكة العربية السعودية يوم 16 ابريل الجاري، ان الهدف الروسي في مواجهة الصراع في سوريا ليس الحفاظ على نظام الاسد بأي ثمن، ولكن ضد إسقاط النظام السوري في سوريا بالقوة. لكن، تعتقد ماتفيينكو أن القاء اللوم على الاسد هي ممارسة خطرة جدا. مضيفة، " ما حدث في يوغوسلافيا وليبيا والعراق أظهر أن استخدام القوة وسيلة خطيرة للغاية، أدت الى نتائج عكسية وانتهت في الكثير من الاحيان بعواقب وخيمة."
لقد اصبحت معرفة الحقيقة وتحديد المسؤول عن الهجوم بالأسلحة الكيماوية الذي تعرضت له بلدة خان شيخون، في محافظة إدلب، شمال غربي سوري يوم 4 ابريل الجاري صعبا في ظل الوضع السياسي والعسكري المعقد الذي يتأثر بالقوى الخارجية. واتهمت الدول الغربية التي تحمل موقفا عدائيا للحكومة السورية بشار الاسد بأنه وراء الهجوم الكيمياوي دون تحقيق، وشنت القوات البحرية الأمريكية هجمات على قاعدة جوية سورية بصواريخ توماهوك. وتعتقد الدول الغربية، أن تنحي الاسد عنصر اساسي في حل القضية السورية. وفي هذا الصدد، قالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، أن الاسد لا يمكن أن يكون جزءا من حلّ سياسي للأزمة السورية.
لماذا الدول الغربية لا يحبون الاسد؟ أن رفض الاسد التعاون مع الغرب سبب ظهوره بصورة القاتل عند الرأي العام الغربي، لكن في الواقع الناس يفهمون أن سبب تشويه الغرب لصورة الاسد هو قربه الشديد لروسيا. وبعبارة أخرى، فإن دعم روسيا لسوريا السبب الحقيقي وراء معارضة الغرب للأسد. وبعد حادثة الاسلحة الكيمياوية، حثت الدول الغربية روسيا بالتخلي عن الاسد فورا، وعدم دعم " الشرير صانع الازمة السورية".
ومع ذلك، هل تتخلى روسيا عن دعمها للاسد؟ ماعدا الطفرات غير متوقعة في الوضع في سوريا، أو تعديلات جذرية في السياسة الغربية تجاه روسيا، فإن التخلي عن دعم الاسد بالنسبة للسياسة والراي العام الروسي لن يكون خيار الكرملين، لانه لا يتوافق مع استراتيجية دبلوماسية لبوتين، وبعيدة عن السياسة الخارجية للحكومة الروسية في السنوات الاخيرة. وطالب وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون خلال لقائه ببوتين مؤخرا التخلي عن الاسد، ولكن الرد الروسي كان سلبيا.
يؤكد الموقف الرسمي الروسي دائما أنه يدعم الحكومة الشرعية في سوريا، وليس شخصا سياسيا. وقال السكرتير الصحفي للرئيس الروسي، دميتري بيسكوف مؤخرا، أن الدعم الروسي للأسد لا يخلو من التحفظ. ويعتقد خبراء روس أن تصريح بيسكوف لا يعني أن الحكومة الروسية خففت من سياستها تجاه سوريا، لان روسيا تعتقد دائما أن الشعب السوري هو من يقرر مصير الاسد وليست الحكومات الاجنبية. و بالتاكيد ستؤيد موسكو خيار الشعب السوري أذا ما انتفض ضد قادتهم المنتخبين. وأن الاسد لم يكن يوما دمية في يد موسكو، وفي كثير من الاحيان ما كانت أقواله وأفعاله تختلف مع الموقف الرسمي الروسي، وأن موسكو لا تنفذ كلما تطلبه دمشق. وروسيا لا تدعم الاسد نفسه، وأنما تدعم موقف الحكومة السورية في محاربة الارهاب و التغلب على قوى الارهاب . وفي ظل الوضع الحالي، لا يمكن لروسيا التخلي عن دعم حكومة الاسد، لان التخلي على الاخير يعني تخلي روسيا عن كل شيء في سوريا، وهو ما يعني تخلي روسيا عن مصالحها في الشرق الأوسط.
إذن، كيف يمكن أن تكون سوريا دون الاسد؟ يعتقد الخبراء الروس أنه خطر حقيقي يواجه الدول الغربية. وقد يكون تكرار المأساة العراقية في سوريا. وتواجه سوريا مأساة لم يسبق لها مثيل، ويتذوق الشعب آلام أكبر. لذلك، يجب على الغرب أن ينظر بجدية في البيئة السياسية والامنية في سوريا بعد تنحي الاسد. وتنطلق كل محاولة من المصالح الجيوسياسية الخاصة فقط، للتاثير على الوضع في سوريا وشيطنة وتشويه صورة الزعيم القانوني للبلد، ستؤدي الى كارثة ومعاناة أكبر للبلاد. وهذا السبب الحقيقي وراء دعم روسيا لحكومة الاسد في سوريا. مثل ما قالت فالنتينا ماتفيينكو رئيسة الغرفة العليا للبرلمان الروسي، أن الغرب غزى العراق بحجة امتلاكها الاسلحة الكيميائية، ويرد الآن تكرارا قصة مشابهة مع سوريا. ويشكل الهجوم الصاروخي الامريكي على سوريا عملا عدوانيا يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي، وروسيا لا تريد تكرار حرب العراق على الاراضي السورية.