الأخبار الأخيرة

مقالة : صراع الحياة والموت في المدينة القديمة بالموصل

/مصدر: شينخوا/  16:04, May 09, 2017

    اطبع
مقالة : صراع الحياة والموت في المدينة القديمة بالموصل

الموصل، العراق 8 مايو 2017 / الموت والحياة نقيضان لا يجتمعان في مكان واحد، فوجود أحدهما يعدم وجود الأخر، لكنهما يجتمعان ويسكنان سويا في المدينة القديمة بالجانب الغربي لمدينة الموصل التي تشهد اشتباكات عنيفة بين التنظيم الإرهابي والقوات العراقية، بل يتسابقان والأيام كفيلة بأن تثبت أيهما أقوى.

في شارع الجمهورية بالمدينة القديمة تسكن عائلة موصلية فقيرة مكونة من سبعة أشخاص أجبرتها الظروف الصعبة على البقاء في مسكنها الذي يبعد نحو 15 مترا عن خط المواجهة بين الشرطة الاتحادية العراقية وعناصر تنظيم داعش المتطرف، أعداء الحياة والإنسانية وقتلة النساء والأطفال.

وفقدت هذه العائلة التي تضم رجلا عجوزا تجاوز السبعين من عمره مبتور الساق ويعاني من مرض السكري الحاد، وطفلة تبلغ من العمر سبع سنوات، وشابا مصابا بإعاقة ذهنية فضلا عن امرأتين وطفل آخر وأخ أكبر يعمل نجارا، فقدت كل شيء بسبب التنظيم كون أحد أفرادها كان منتسبا للشرطة، حيث اعتقله داعش وصادر كل ممتلكات العائلة، التي لا تزال تجهل مصيره لكنها لم تفقد الأمل في بقائه على قيد الحياة.

وعن سبب بقائهم في المنزل القريب جدا من خط المواجهة حيث تبادل إطلاق النار الكثيف الذي يستمر لساعات في الكثير من الأحيان، قال أبو عبدالله (الابن الأكبر ) لوكالة أنباء ((شينخوا)) أثناء تواجده في غرفة صغيرة مملوءة بصناديق عتاد فارغة مصنوعة من الخشب: "والدي رجل كبير ومريض ولدي شقيق معاق عقليا ونعاني من ظروف معيشية صعبة جدا".

وأضاف "كنا نموت كل يوم عندما نسمع أقدام عناصر التنظيم الإرهابي يسيرون في زقاقنا الضيق، لأنهم يعتبروننا عائلة مرتدة كون شقيقي الذي اعتقلوه كان يعمل شرطيا، لذلك هم يعتقدون بأننا نتعاون مع القوات الأمنية العراقية وكنا نتوقع الموت في أي لحظة، أما الآن فهذا الهاجس ذهب عنا".

وأوضح بأنه قرر البقاء في المنزل بعد وصول قوات الشرطة الاتحادية وتحريرها للمنطقة، "أصبحنا نشعر بالأمن والأمان رغم تبادل إطلاق النار الكثيف والمستمر، وأصبحنا نتناول ثلاث وجبات طعام باليوم مع الماء النقي الذي توفره لنا قوات الشرطة الاتحادية". واستطرد "كل ما تحتاج إليه العائلة من مستلزمات تقدمها قوات الشرطة الاتحادية".

وتابع "هناك سبب آخر لبقائنا في المنزل، وهو أن نبقى قريبين من المنطقة التي اعتقل فيها شقيقي، لأننا نحلم ونتمنى أن يعود إلينا بعد تحرير جميع مناطق الموصل، ونصلي دائما وندعوا الله أن يرجعه إلينا سالما فلا يزال لدينا أمل بأنه حي رغم أننا لا نعرف أي شيء عنه".

وأتم "قد تستغربون إذا قلت لكم بأنني أعتبر الآن الحياة هنا طبيعية، أمارس مهنتي المفضلة النجارة وأقوم بصنع بعض الأثاث والكراسي والمكتبات من صناديق العتاد التي يستخدمها أبطال الشرطة الاتحادية، فضلا عن أن أفراد الشرطة أصبحوا إخوانا لي ولعائلتي، وهم يحبون ابنتي استبرق ذات السبع سنوات ويجلبون لها الحلوى والألعاب عندما يأتون من الإجازة".

وكانت استبرق تتجول كالفراشة في الزقاق الضيق الذي لا يتجاوز عرضه المتر ونصف وتنادي على مقاتلي الشرطة الاتحادية بالأسماء وهم يتلاطفون معها وبعضهم يلتقط معها الصور التذكارية كونها تذكرهم بأطفالهم.

وضحكتها البريئة وسط هذه الأجواء تشع بالحياة وبغد أفضل وأجمل، رغم صور الموت والدمار الموجودة بالقرب منها، لكن صغر سنها قد يجعلها لا تفكر بالموت رغم أنه يحيط بها من جميع الجهات وفي كل الأوقات.

قال خالد السراي أحد مقاتلي الشرطة الاتحادية "أزور دائما هذه العائلة وأقدم لها كل ما تحتاج من أغذية ومستلزمات، وقبل ذلك وفرنا لها الأمن والأمان," مضيفا " أنا من مدينة الكوت في جنوب العراق لكني مستعد للتضحية بروحي من أجل أهلي في الموصل".

وأشار إلى أنه يشعر بالارتياح عندما يشاهد استبرق وهي تلعب أمام الدار وتنادي عليه في بعض الأحيان، مبينا أنه يطلب منها دخول المنزل عندما يبدأ التنظيم الإرهابي بقصف المنطقة بقذائف الهاون خوفا على حياتها.

وأكد السراي بأن القوات العراقية تقاتل التنظيم الإرهابي من جهة وتقدم المساعدة والمعونة للعوائل الموصلية التي يحتجزها الإرهابيون، مضيفا "سوف نحرر الموصل قريبا لنبعد عنهم شبح الموت الذي يهددهم، وينطلقوا في ركب الحياة ويعيدوا ما تم تدميره لكي تستمر عجلة الحياة بالدوران".

وتخوض القوات العراقية حرب شوارع ومن منزل إلى منزل في المدينة القديمة التي لايزال فيها عشرات الآلاف من المدنيين محاصرين ومأسورين من قبل التنظيم، حيث يستخدمهم دروعا بشرية لحماية عناصره من ضربات القوات العراقية، الأمر الذي جعل العمليات العسكرية في تلك المنطقة تسير ببطء وصعوبة كون القوات تريد المحافظة على حياة المدنيين.

وكان وزير الهجرة والمهجرين العراقي جاسم محمد جعفر أعلن الأسبوع الماضي أن أكثر من 600 ألف شخص نزحوا من الموصل منذ انطلاق عملية استعادة الموصل في 17 أكتوبر الماضي ، أغلبهم نزحوا من الجانب الغربي للمدينة والذي بدأت القوات العراقية في 19 فبراير الماضي عملية لاستعادته، لكن مصادر تقول إن عددهم تجاوز الـ 700 ألف شخص مع بدء القوات العراقية عملياتها العسكرية في الجزء الشمالي من الجانب الغربي قبل عدة أيام.

يشار إلى أن شبكة منظمات المجتمع المدني بالجانب الشرقي للموصل أقامت الأحد أول مهرجان للطفل بهدف إعادة تأهيل الأطفال من الآثار السلبية التي خلفتها حقبة تنظيم داعش الإرهابي، وتعليمهم الممارسات الإيجابية ليكونوا نافعين في بناء المجتمع ورسم مستقبل أفضل.

صور ساخنة

أخبار ساخنة

روابط ذات العلاقة

arabic.people.cn@facebook arabic.people.cn@twitter
×