وقع انفجار آخر مجددا، ومن المرجح بدرجة كبيرة أن يكون على صلة بالإرهاب مرة أخرى، وحدث أيضا في دولة أوروبية.
ويتطلب سقوط العشرات من الضحايا في قاعة مانشستر أرينا، معظمهم من الشباب، أكثر من مجرد إبداء غضب أو ذرف دموع أو حتى التعبير عن إدانة. إنهم يستحقون تفكيرا عالميا جادا حول سبب فشل نظام مكافحة الإرهاب، الذي يهيمن عليه الغرب، حتى الآن في وقف إراقة الدماء على حد سواء، ناهيك عن القضاء على الإرهاب بشكل نهائي.
وباسم العدالة وصنع السلام ، شاهدت واشنطن وحلفاؤها خلال العقود الأخيرة إستراتيجيات مكافحة الإرهاب الخاصة بها، التي تتبعها في منطقة الشرق الأوسط وخارجها، تسقط واحدة تلو الأخرى.
بل أن بعضها جاء بنتائج عكسية. ووقعت الكثير من الهجمات الوحشية ضد المدنيين الأبرياء في المنطقة، فيما انتشرت الأزمة الإنسانية للاجئين، وقد يجد الزعماء السياسيون الجدد في الغرب المشاكل الصعبة التي ورثوها، مثل العدائية ضد بلدانهم، قد تزايدت إن لم يكن أكثر من ذلك.
في خطابه البارز الذي ألقاه في المملكة العربية السعودية، وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مكافحة الإرهاب وكأنها معركة بين "الخير والشر"، داعيا القادة العرب إلى القيام بنصيبهم العادل من أجل "طرد" الإرهاب من بلدانهم.
وهذه تذكرة بسيطة للخطاب، الذي ألقاه سلف ترامب، باراك أوباما، في يونيو عام 2009، حينما تعهد هو أيضا بإعادة تعزيز العلاقات الأمريكية مع العالم العربي. ولكن كما لاحظ الجميع فقد فشل في تحقيق ذلك.
إذ أن الأولوية العليا بالنسبة للغرب هي أكثر من مجرد تفكيك سياستها البالية، القائمة على التمييز، في مكافحة الإرهاب؛ بالتالي ينبغي أن ينظر الغرب في تحديث معاييره المتعلقة بالإرهاب وتوسيع قائمة شركاءه لتشمل حتى تلك الدول التي شعرت بأنها مترددة في الاقتراب.
إذ أن هناك إجماع عالمي حول وحشية الإرهاب المخيفة. ولا أحد يرفض الخطاب العنيف ضدها. غير أن الانقسام الواسع في وجهات نظر الدول حول الأسباب الجذرية للإرهاب وسبل صده قد تسبب بشلّ الكثير من الجهود الدولية في هذا الشأن.
ولا يوجد أية مغالاة أبدا في إبراز أهمية وجود نظام سياسي واقتصادي عالمي أكثر عدلا. فقد تسببت التنمية غير المتوازنة في أجزاء مختلفة من العالم بسبب الترتيب الجائر الحالي بعد الحرب الباردة باسترعاء مشاعر اليأس والكراهية، والتي لا تولد شيئا سوى الأصولية وجنون الارتياب.
من جانبها، تقف الصين دائما على الجانب الصالح مع ضحايا الإرهاب، وهي مستعدة للعمل مع الغرب وما وراءه لتعزيز التنمية المشتركة في مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية جمعاء في المجالين الاقتصادي والسياسي.
وعلى غرار جميع أسلافهم الذين كانوا يعتزمون إعادة تشكيل المشهد الأمني العالمي، فإن ترامب وغيره من القادة الجدد في الغرب حاليا يملكون على ما يبدو طموحات بنفس القدر. مع ذلك، فإن الطموحات دون توخي الحذر قد تعني المزيد من العنف وإراقة الدماء، وهو درس يحتاجون إلى استخلاصه من عقيدة مكافحة الإرهاب من أجل صنع علاماتهم الخاصة بهم، والتي لا تزال في طور التكوين.