القاهرة 16 أغسطس 2017 / اعتبر محللون سياسيون، أن قرار إيطاليا إعادة سفيرها إلى مصر بعد أكثر من عام على استدعائه على خلفية التحقيق في مقتل مواطنها جوليو ريجيني، يمثل دفعة للعلاقات الثنائية التي توقعوا أن تشهد زخما إيجابيا.
وأعلن وزير الخارجية الايطالي انجيلينو ألفانو في اتصال هاتفي مع نظيره المصري سامح شكري الاثنين الماضي، قرار الحكومة الايطالية تعيين سفير جديد لدى القاهرة.
وسحبت ايطاليا سفيرها في القاهرة قبل أكثر من عام، احتجاجا على اجراءات التحقيق في مقتل مواطنها جوليو ريجيني.
وكان ريجيني (28 عاما)، وهو طالب دكتوراه في جامعة كمبريدج البريطانية، يجري بحثا عن الحركات العمالية في مصر، واختفى بشكل غامض في 25 يناير 2016، وعثرت الشرطة المصرية على جثة ريجيني في الثالث من فبراير من نفس العام ملقاة على الطريق عند مدينة السادس من أكتوبر بمحافظة الجيزة جنوب القاهرة، وبها آثار تعذيب.
وتسبب هذا الحادث في توتر بين ايطاليا ومصر، حيث قررت الأولى استدعاء سفيرها بالقاهرة للتشاور، وقطع التعاون القضائي بشأن قضية ريجيني قبل استنئافه، إلى جانب قرار مجلس الشيوخ الايطالي وقف تزويد القاهرة بقطع غيار لطائرات حربية.
ورحبت مصر بقرار إيطاليا تعيين سفير جديد لها بالقاهرة، وأكد اعتزامها هى الأخرى التقدم بطلب للحكومة الإيطالية للموافقة على ترشيح السفير المصري الجديد لدى روما هشام بدر.
وعينت القاهرة سفيرا جديدا لها لدى روما، إلا أنه لم يسافر بعد للعاصمة الإيطالية لتسلم مهام عمله، في إطار "المعاملة بالمثل"، حسب خبراء.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن قرار إيطاليا " جيد يأتي في إطار محاولة تحسين العلاقات بين البلدين".
وأضاف في تصريح لوكالة أنباء (شينخوا)، أن هذا القرار يعني " تجاوز عثرة العام الماضي، الذي شهد توترا كبيرا في العلاقات بين البلدين".
وتوقع أن يؤدى هذا القرار إلى "زخم في العلاقات" الثنائية، التي ستشهد "تطورا خلال المرحلة المقبلة بشكل إيجابي".
وتابع أن عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين "مرتبطة برغبة الطرفين في تجاوز ما جرى، وترك الأمور في إطار أزمة ريجيني إلى الأجهزة الأمنية".
وجاء قرار إيطاليا تعيين سفير جديد لها بالقاهرة، بعد أيام من اختفاء مواطن مصري في مدينة ميلانو الإيطالية، ومقتل آخر على أيدي سائح إيطالي في مدينة مرسى علم المصرية على ساحل البحر الأحمر، وهو ما يستدعى تكثيف التعاون بين البلدين.
إلا أن فهمي رأى أن قرار إيطاليا تعيين سفير جديد بالقاهرة لا علاقة له بهذه الوقائع، وأنه مرتبط برغبة الطرفين في تجاوز ما جرى.
وقال إن " قرار عودة السفراء بين روما والقاهرة ارتبط بشئ مهم، هو الإعلان عن استمرار الاتصالات واللقاءات بين النائب العام المصري ونظيره الإيطالي، وتأكيد البلدين على أهمية العلاقات".
وأشار إلى أن زيارة بابا الفاتيكان إلى القاهرة ساهمت في تقارب وجهات النظر بين القاهرة وروما، خصوصا أنها كانت زيارة مهمة في هذا التوقيت.
من جانبها، رأت الدكتورة نهى بكر أستاذة العلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية، أن هناك عدة أسباب وراء قرار إيطاليا إعادة سفيرها للقاهرة، من بينها العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
وقالت لـ"شينخوا"، إن 60 % من تجارة ايطاليا تمر عبر قناة السويس، كما تحتل ايطاليا المرتبة الخامسة في قائمة الدولة المستثمرة في مصر بحجم استثمارات 2.6 مليار يورو موزعة على قطاعات مختلفة، وهى استثمارات مهمة للجانبين.
وأضافت إن ايطاليا تحل في المرتبة السادسة في قائمة الدول التي تصدر سائحين إلى مصر.
وتابعت أنه " على الرغم من توتر العلاقات بين البلدين، إلا أن هناك ثباتا في الاستثمارات الايطالية في مصر، كما أن ايطاليا لم تحذر رعاياها من السفر لمصر".
وأشارت إلى ان ايطاليا تعاني من الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر والجريمة المنظمة عن طريق البحر المتوسط، ومصر يمكن أن تلعب دورا ايجابيا في هذا الأمر.
وأردفت أن ايطاليا انتابها غضبا شديدا من جراء التعامل المصري في ملف ريجيني، إلا أن هناك انفراجة حدثت في العلاقات.
وعزت هذه الانفراجة إلى لاعبين أساسيين، في مقدمتهم النيابة العامة المصرية التي كثفت التعاون القضائي مع الجانب الايطالي في ملف ريجيني، والوفود الإيطالية التي زارت مصر أخيرا، سواء كانت برلمانية أو شعبية.