قال وزير الخارجية الجديد، مايك بومبيو، يوم 29 ابريل أن الولايات المتحدة ستنقض الاتفاق النووي الموقع مع إيران، ما لميتم إجراءتحسينات رئيسية على الاتفاق. وطالما كان موقف الرئيس الأمريكي ترامب سلبيا تجاه الاتفاق النووي الإيراني، حيث أعلن في يناير هذا العام عن أن الولايات المتحدة ستمدد فترة اعفاء إيران من العقوبات بشأن القضية النووية لآخر مرة، وان 12 مايو الموعد النهائي لمراجعة الاتفاق النووي الايراني. وزار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الولايات المتحدة واحدا تلوا الآخر في الآونة الأخيرة، إلا أنه لا يزال من الصعب تجسير فجوة الاختلاف بين الولايات المتحدة وأوروبا بشأن الاتفاق النووي الإيراني. ما يجعل القلق من إمكانية انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية الإيرانية في تزايد مستمر، كما قد يؤدي ذلك الى تفاقم التناقض بين الغرب وإيران.
الولايات المتحدة ــــــــــــــــ
مواصلة الضغط على الدول الأوروبية الكبرى لإجراء تحسينات رئيسية على الاتفاق النووي الايراني
وفقا للبيان الذي اصدرته الحكومتان الالمانية والبريطانية عقب الاتصال الهاتفي الذي تم بين ماكرون وميكل وتيريزا يومي 28 و29 ابريل، تأمل الاطراف الثلاث من الولايات المتحدة عدم الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، وأنهم مستعدون لمواصلة المفاوضات مع الأطراف حول المزيد من القضايا مثل برنامج الصواريخ البالستية الإيرانية وترتيبات المتابعة بعد انقضاء الاتفاق النووي الايراني. ومع ذلك، لا تزال قادة الدول الاوروبية الكبرى غير قادرة على إقناع ترامب، حيث طلب الاخير من الاتحاد الاوروبي اعادة النظر في لب الاتفاق النووي الايراني قبل 12 مايو، خلافا لذلك، فإن الولايات المتحدة ستنسحب من الاتفاق وتستأنف من جديد فرض العقوبات الاقتصادية على إيران. وفي الوقت الحالي، لم يسمع في البيت الابيض الامريكي صوتا داعما للاتفاق النووي الايراني بشكل اساسي. وطالما دعا جون بولتون، المستشار الجديد للأمن القومي الأمريكي الى سحب الموافقة على الاتفاق النووي الإيراني، معتقدا أن الاتفاقية توفر الدعم الاقتصادي للحكومة الإيرانية، وهذا خطأ. وقال وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس مؤخرا أن الاتفاق النووي الإيراني غير كامل للحد من التسلح، وأن الولايات المتحدة تتفاوض مع حلفائها الأوروبيين لمناقشة والبحث عن طرق تعديل الاتفاقية.
إيران ـــــــــــــــــــ
تعارض بشدة أي إضافة أو حذف في الاتفاق النووي الإيراني
عارضت إيران بشدة الاتفاق النووي الإيراني الجديد الذي اقترحته الولايات المتحدة وفرنسا. ووفقا لتقارير وسائل الاعلام في الشرق الأوسط، أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني في رده على رغبة الولايات المتحدة وفرنسا في تعديل الاتفاق النووي الإيراني على أن إيران لن تسمح بإضافة أو حذف أي كلمة من الاتفاق النووي الموقع بينها وبين القوى العالمية الكبرى. والاتفاق النووي الإيراني هو الاتفاق النووي الإيراني ولا يجب ان يكون هناك ما يسمى "اتفاق جديد". وأن إيران ستعيد تشغيل مشاريعها النووية مثل " تخصيب اليورانيوم" بسرعة كبيرة إذا ما تخلت الدول الغربية عن الاتفاق النووي الإيراني.
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية أن موسكو قد اعربت عن قلقها العميق إزاء البيان الذي ادلى به قادة الولايات المتحدة وفرنسا بشأن الاتفاق النووي الايراني، وأن روسيا لا ترى اي مجال لإدخال أي تعديلات على الاتفاق النووي الإيراني. وذكرت شبكة الأخبار العربية في تعليق لها حول الاتفاق النووي الإيراني، أن لعبة القوى الكبرى في القضية النووي الإيرانية ثرية الألوان. ويبين هذا ايضا أن حل القضية النووية الايراني أمر مستعصي ومعقد للغاية. ويعتقد تحليل نشرته وسائل الاعلام في الشرق الاوسط أن رغبة الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق النووي الايراني لا يقوض مصداقيتها فحسب، وإنما من الممكن دفع إيران نحو طريق مسدود أيضا، ويضيف المزيد من عدم اليقين على وضع الشرق الأوسط المضطرب.
آفاق ـــــــــــــــــ
إنهاء الاتفاق النووي الإيراني سيزيد من الصدع بين الولايات المتحدة وأوروبا وخطر المواجهة في الشرق الأوسط
أدت المواقف المختلفة للاتفاقية النووية الإيرانية إلى زيادة الصدع بين الولايات المتحدة وأوروبا التي قد تتحول الى وضع طبيعي جديد للعلاقات بين الطرفين. ونشرت وسائل الاعلام الامريكية تحليلا ذكرت فيه أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الايراني يعني أن ترامب سيطلب من الكونغرس استئناف العقوبات الاقتصادية ضد إيران، ومن شبه المؤكد أن هذه العقوبات ستقضي على التعامل التجاري للشركات مع إيران. وستحتمل الشركات الالمانية العبء الأكبر. وقد بلغ اجمالي الصادرات الالمانية الى إيران في عام 2017 ما يقدر بـ 4.2 مليار دولار أمريكي، بزيادة أكثر من 1/3 سنة على اساس سنوى. ويعتبر العامل الاقتصادي أحد اهم الاسباب وراء حفاظ دول الاتحاد الاوروبي على الاتفاق النووي الايراني. كما اشتكى ترامب مرارا من أن العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة واوروبا ليست عادلة، ما تسبب بالفعل باستياء دول الاتحاد الاوروبي، ولا بد ان الانسحاب من الاتفاق النووي الايراني يجعل العلاقات بين الولايات المتحدة واوروبا أسوأ.
ومن جهة أخرى، لا يمكن التنبؤ بالتغيرات التي ستشهدها منطقة الشرق الاوسط بسب الغاء الاتفاق النووي الايراني. ووفقا لتقرير معهد بلومبرغالأمريكي، فإن استئناف إيران برنامجها النووي قد يزيد من خطر المواجهة في الشرق الأوسط. وزيادة احتمالات نشوب صراع أوسع في سوريا. بالإضافة الى ذلك، فإن مواصلة بلدان أخرى الالتزام بالاتفاق النووي الإيراني بعد انسحاب الولايات المتحدة قد يثير مشاعر " ازدراء الولايات المتحدة " أيضا، ما قد يؤدي الى عواقب كارثية. ويعتقد الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو غوتيريس، أن الاتفاق النووي الإيراني الشامل مهم للغاية، ويجب الحفاظ عليه وتعزيزه. وقال المتحدث الرسمي بإسم الأمين العامللأمم المتحدة ستيفاند وجاريك، أن الاتفاق النووي الايراني كان إنجازا هاما في توطيد نظام عدم الانتشار النووي وتعزيز الأمن والاستقرار العالميين.