في وقت سابق من هذه السنة، تمكن كوروا عبد الله، وهو مزارع ذرة في منطقة موروغورو شرقي تنزانيا، تمكن أخيرا من توديع منزله الطيني المظلم المتداعي ، الذي ورثه عن عائلته، لينتقل إلى مسكن جديد مبني بالطوب وله نوافذ واسعة للنور.
خلال السنوات الثلاث الماضية، ازداد محصول حقله لزراعة الذرة بمقدار 3.5 مرات بفضل جهوده الدؤوبة وخبرات زراعية متقدمة جلبها خبراء زراعة صينيون.
وبفضل ذلك، لم تعد عائلته مصنفة "عائلة فقيرة"، بل أصبحت "فخورة وسعيدة" بهذا التحول الناجح.
يعيش عبد الله ذو الـ34 عاما، في قرية ريفية، مع زوجته وبناته الثلاث. وتعتمد حياتهم على حقل الذرة ذي مساحة 2.5 أكرا.
وعندما جلب الخبراء الزراعيون الصينيون التابعون لجامعة الزراعة الصينية، تقنيتهم المتقدمة إلى هذه القرية عام 2014، واختاروا 12 عائلة لتجربة هذه الطريقة الزراعية ومعرفة أثرها الفعلي على العائلات ، رفض عبد الله هذه الفكرة. لم يكن يرى أن هؤلاء الخبراء الأجانب بإمكانهم إحداث تغيير في التربة العطشى المتحجرة. ولم يكن يرغب أيضا في وضع مصير كل محصول السنة، في أيدي مجموعة من القادمين الجدد لقريته.
وبعد أن أخذ الخبراء الصينيون بالاعتبار المناخ الحار وظروف الري الضعيفة في تنزانيا، اقترحوا تقليل إلى أقصى حد ممكن استخدام الأسمدة، وأوصوا بزيادة المجهود وممارسة إزالة الأعشا ب والمواد الضارة بانتظام، وترقيق البذور، وحرث الأرض بصورة أعمق، حتى يكون المحصول أفضل.
وبعد قليل من هذه المقترحات، أخذ القريون يناقشون هذه الطرق الزراعية الجديدة.
وكانوا يسألون بعضهم بعضا أسئلة وملاحظات مثل "هل رأيت كيف يستخدمون حبلا لضمان قياس المسافة بين بذرة وأخرى؟"، و"لقد سمعت بانتظام تنظيف الحقول عدة مرات خلال عام (من قبل مزارعي العائلات المشمولة بالتجربة)"، و"البذور التي يزرعونها تختلف تماما عما لدينا."
لم يتوقع عبد الله أن تكون هناك عدة طرق للزراعة ، وكان يعرف فقط كيف ينثر البذور خلال موسم المطر، ويتطلع لنمو ما زرعه ثم يجني المحصول.
وعندما حان موسم الحصاد، تمتعت العائلات المشمولة بالتجربة، بحصاد مضاعف مقارنة مع مواسمها السابقة.
وبفضل هذا المحصول الوافر، وعوائده المادية، تمكنت هذه العائلات من شراء ما تحتاجه للها ولأعمالها ، ولاسيما الدراجات النارية الضرورية لتنقلاتهم ونقل محاصيلهم.
لم يستطع عبد الله أن يبقى جامدا، فسارع للاتصال بكبير القرية ليكون من بين العائلات المشتركة بالتجربة الزراعية الجديدة.
وذهب إلى مركز البلدة لشراء بعض بذور الذرة المعدلة جينيا، وبدأ بزراعة حقله وتربية بذوره تحت إرشاد الخبراء الصينيين.
وحرص عبد الله كثيرا على متابعة كافة الخطوات الزراعية من البداية وحتى النهاية، ورعاية حقله جيدا.
ورغم ما تعرضت له المنطقة من جفاف شديد، ولكن حقل عبد الله حقق محصولا وافرا بزيادة الضعف تقريبا.
في عام 2017، كان لدى عبد الله ما يكفي من مدخرات يمكن استغلالها لبناء مسكن جديد بالطوب، بجانب المسكن الطيني الذي ورثه عن عائلته.
إضافة لهذا، يخطط عبد الله لعدة مشاريع ولديه طموحات يتطلع إلى تحقيقها واحدا تلو الآخر.
لقد بدأت جامعة الزراعة الصينية التعاون مع السلطات المحلية في موروغورو، وجامعة سوكويني، في عام 2011.
وخلال السنوات السبع الماضية، حقق التعاون المستمر نتائج إيجابية للمزارعين المحليين. وتمكنت أكثر من 500 عائلة ريفية في مشروع بقريتي امتيغو وا سيمبا وبيابيا، من زيادة محاصيلها بمرتين إلى ثلاث مرات، الأمر الذي جذب اهتماما فوريا من الحكومة التنزانية والمنظمات الدولية المعنية.
لقد وصف السفير الصيني لدى تنزانيا هذا المشروع ، "بأنه مشروع رائد حققه كل من رئيس القرية والناس المحليين، وأصبح نموذجا جيدا للتعاون الصيني - الأفريقي ."
ومن أجل توسيع أثر المراحل السابقة للتعاون، وتشاطر تجربة الصين في مجال تقليل الفقر، تكرس جامعة الزراعة الصينية والحكومة المحلية في موروغورو وجامعة سوكويني للزراعة ، جهودها لمواصلة هذا التعاون، بهدف زيادة محصول نحو 1647 أكرا من حقول الذرة، لـ1000 عائلة، في 10 قرى بمنطقة موروغورو.
هذا المشروع التعاوني يطلق عليه تسمية البرنامج التنزاني - الصيني المشترك لتطوير نظام تكثيف العمالة في زراعة الذرة بمنطقة موروغورو، أو اسم "مشروع مضاعفة المحصول".