السويداء ــ سوريا 21 أغسطس 2018 /لأول مرة منذ أكثر من سبع سنوات من عمر الأزمة السورية، تغيب مظاهر الفرحة وأجواء العيد عن محافظة السويداء (جنوب) بعد تعرضها في 25 من يوليو الماضي لهجوم مباغت من قبل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وسقوط مالا يقل عن 260 شخصا وجرح 200 آخرين وخطف 36 من النساء والأطفال.
وعيد الأضحى في محافظة السويداء قبل يوم 25 يوليو الماضي كان له خصوصية لدى الأهالي المحافظة، ويحظى باهتمام الصغار قبل الكبار، وتستنفر العائلات قبل شهر من قدوم العيد بالتحضير له من حلويات من تراث المنطقة، وشراء الألبسة للأطفال والشبان، وتكون الشوارع مكتظة بالمواطنين لدرجة انك لا ترى إلا رؤوس تتحرك في الشوارع.
كما خلت الساحات العامة من الأطفال، والشبان الذين كانوا يتوافدون منذ ساعات الصباح الباكر إلى تلك الأماكن للتسلية وقضاء أوقات تعبر عن بهجة العيد، وإضافة لخلو الناس من الشوارع الذين كان يزورون بعضهم البعض لتبادل عبارات التهنئة بقدوم عيد الأضحى المبارك.
وأصدرت مشيخة العقل في السويداء، وهي أعلى سلطة دينية في المحافظة، قبل عدة أيام بيانا يحث الناس على اقتصار طقوس العيد على الشعائر الدينية، والدعاء للمخطوفات كي يعودوا سالمين إلى أهاليهم، مع تحريم كل مظاهر البهرجة في العيد.
وقال الصحفي سمير أبو سعد (مغترب في دولة الكويت) جاء لكي يرى أهله في السويداء لوكالة أنباء (شينخوا) بدمشق اليوم (الثلاثاء) إن "الساحات العامة خلت من الألعاب التي كانت تنصب من أجل الأطفال، وما يميز الحالة الاجتماعية في السويداء إن العيد هو للعائلة الصغيرة بدءا من الاسرة الواحدة وتمتد إلى الاسرة الكبيرة الاعمام والاخوال والجد والجدة".
وتابع "ولا ننسى ان هذا الامتداد المقطوع حاليا بسبب حالة الاستنفار من الأهالي لحماية انفسهم بمساعدة الجيش السوري جعل النسخة الحالية لعيد الأضحى المبارك الذي يعتبر العيد الرسمي لقاطني الغالبية العظمى في السويداء حزينا نوعا ما ومتوترا حتى ان بعض العائلات لم تنجح بالسفر إلى قرى داخل السويداء لتقديم التهنئة وعيادة من يحبون من أفراد الأسرة الكبيرة".
وتابع يقول إن عبارة "عساكم من العايدين والفايزين"، هي عبارة يطلقها كل من يعيش في السويداء، وباتت شبه منسية الا ما ندر بين الاحباب المقربين، الا انهم التزموا بما صدر عن مشيخة العقل لطائفة الموحدين الدروز وجاء فيه "تقتصر طقوس العيد على الشعائر الدينية"، أي غياب لمظاهر الافراح في الشوارع والزينة والمفرقعات والزيارات الكثيرة بل ان الامر طال الضيافة وأصبحت فقيرة كما الأيام التي تعيشها السويداء حاليا بسبب ما تعرضت له القرى الشرقية فيها".
من جانبه، قال سلمان وهو مستثمر لإحدى الساحات العامة في مدينة السويداء "لقد نصبت العديد من الألعاب الهوائية والكهربائية املا في ان يأتي الأطفال لكي يعلبوا، لكن للأسف مضت ساعات ولم يأت أحد"، مشيرا إلى أن الأطفال متضامنين مع الكبار وملتزمين بعدم الذهاب إلى المنتزهات والأماكن العامة.
وأشار سلمان إلى أنه هذه هي أول مرة اشاهد فيها مدينة السويداء بهذا المشهد خالية من مظاهر وطقوس العيد، مبينا ان عيد الأضحى له نكهة خاصة لدى أهالي مدينة السويداء، والكل ينتظر من عام لآخر.
بالإضافة لغياب طقوس العيد في المدينة وريفها، انتشرت دوريات الأمن والفصائل الرديفة على الحواجز في معظم الشوارع منذ ساعات الصباح الباكر، تحسبا لوقوع أي طارئ، والعمل على إيقاف السيارات وتفتيشها والتدقيق في الهويات.
وروى وائل العواد (48 عاما) كيف كان العيد في السنوات السابقة قبل نشوب الازمة، مستذكرا تلك الطقوس الجميلة التي ترافق قدوم العيد من لمات الاهل، وإقامة الحفلات، وزيارة الأصدقاء وتبادل عبارات التهنئة والقول "كل عام وانتم وبخير"، و"عساكم من عواده"، وغيرها من العبارات الجميلة والتي لم تعد متداولة اليوم.
وقال العواد وهو تاجر في مدينة السويداء إن "حركة البيع والشراء كانت ضعيفة هذه السنة"، مشيرا إلى أن الناس وبسبب ما حدث في الريف الشرقي، أعلنت تضامنها مع الأهل في تلك القرى التي تعرضت لهجوم شرس من قبل تنظيم (داعش)، مبينا أن الحالة الاجتماعية في السويداء تفرض علينا الالتزام، بحكم القرابة، بما يصدر عن الهيئة الروحية الدينية.
عشرات الأشخاص أعلنوا على صفحات التواصل الاجتماعي (فيسبوك) عدم استعدادهم لاستقبال التهاني بعيد الأضحى المبارك، وبعضهم قال "ليس عيدا طالما الحرائر لم تعد إلى اهاليها"، "وآخرون قالوا" كل عام وانتم بخير اعتذر عن استقبال التهاني".
وأشار الشيخ أبو سلمان وهو رجل دين (67 عاما) إلى ان طقوس العيد غابت عن معظم القرى ايضا، مؤكدا أن الجرح النازف في قرى ريف السويداء الشرقي ما يزال نازفا.
وأضاف الشيخ أبو سلمان لوكالة (شينخوا) بدمشق وهولزي الشعبي الاسود ان "الأهالي وبشكل قاطع التزموا بما صدر عن الهيئة الروحية لطائفة الموحدين الدروز من تحريم لمظاهر العيد" ، مؤكدا أنه في قريته لم يتجمع الناس في الساحة العامة كما هي العادة في كل عام لتبادل التهنئة بقدوم العيد.
يشار إلى ان ريف السويداء الشرقي تعرض يوم 25 من يوليو الماضي لهجوم مباغت من قبل مقاتلي تنظيم (داعش) بالتزامن مع تفجيرات انتحارية في المدينة اسفرت عن مقتل لا يقل 260 شخصا وجرح اكثر من 200 وخطف 36 معظمهم أطفال ونساء.
ويعد الهجوم الذي شنه تنظيم (داعش) على السويداء وريفها من اكبر الهجمات المحافظة طيلة السنوات الماضية من عمر الازمة السورية.
ومحافظة السويداء يقطنها غالبية من الموحدين الدروز، وهي محافظة موالية للحكومة السورية، ولم تشهد مظاهر احتجاجية ضد الدولة والجيش السوري، وبالرغم من كل ذلك فقد استشهد منها عدد كبير من العسكريين أثناء مشاركتهم القتال في الجيش السوري ضد المجموعات المسلحة في كثير من المحافظات السورية.