مرجعيون، القطاع الشرقي بجنوب لبنان 12 سبتمبر 2018 /بالتصفيق والأهازيج وببسمات عريضة يحاصر عشرات الأطفال النازحين مدرستهم الجوالة التي تصل إلى مخيمهم بشكل دوري على مدى يومين اسبوعيا.
هذه المدرسة الجوالة هي عبارة عن حافلة متوسطة الحجم مزخرفة برسوم متعددة الالوان والاشكال تتنقل بين عشرات من تجمعات النازحين في مناطق الجنوب والبقاع.
الحافلة/المدرسة التي الفها النازحون الصغار والتي اطلقتها "مؤسسة عامل الدولية" الانسانية تهدف لايصال التعليم والدعم النفسي والاجتماعي والترفيهي للأطفال النازحين الذين لا يتابعون الدراسة في مخيماتهم.
رئيس "مؤسسة عامل الدولية" ومديرها الدكتور كامل مهنا أوضح لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن فكرة المدرسة الجوالة للطلاب النازحين لجأت اليها المؤسسة من أجل دعم الطفل النازح معنويا وتربويا وثقافيا وكسر حالة الروتين والحصار التي يعيشها.
وقال مهنا "مدرستنا المتنقلة تخضع لبرنامج مكثف يتوزع بين التدريس بالعربية والانجليزية والفرنسية ونشاطات رياضية وترفيهية وصحية وفنية، إضافة إلى اشغال يدوية يقدمها اختصاصيون متمرسون تعاقدت معهم المؤسسة".
وأشارت المسئولة الإعلامية في مؤسسة "عامل" زكية قرنفل إلى أن عدد الطلاب النازحين المستفيدين من هذا البرنامج يتراوح اسبوعيا بين 600 و 700 طالب في أكثر من 16 مخيما في العديد من المناطق اللبنانية.
وأضافت أنه "نتيجة للنجاح الذي لاقته هذه المبادرة اطلقنا المزيد من الحافلات وخلال الفترة القادمة سنسعى لتوسيع نشاطنا بحافلات أخرى بحسب امكانياتنا المادية آملين ان تلاقي خطوتنا دعما من الدول المانحة والتي تهتم بالنازحين".
ورأت قرنفل أن "الاهتمام بالتعليم يحدد مستقبل الشعوب وأنه في ظل وجود ملايين الأطفال العرب خارج التعليم الأساسي إضافة إلى ملايين المشردين أو المهددين بالتسرب المدرسي، فان شريحة من المجتمع ستكون حتما مشروعا للتطرف والعنف مستقبلا وعرضة لأنواع الانحرافات في حال لم يتم إلحاقهم ببرامج تعليم وتأهيل نفسي/اجتماعي ممنهج".
النازحون بدورهم أعربوا عن ارتياحهم لمبادرة المدرسة الجوالة وقال النازح من ريف ادلب احمد شحادة أن اطفاله الأربعة يتابعون الدراسة عبر الحافلة النقالة.
واعتبر أن "هذه الخطوة من شأنها انقاذ جيل كامل فخدماتها تلاقي كل تجاوب من اطفالنا المهمشين وسط المخيمات والذين يواجهوا صعوبة في الالتحاق بالمدارس بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يعانون منها".
بدوره، قال الطفل النازح سامر المحمد "الحافلة تشكل فسحة أمل بحياة طبيعية وننتظر بشوق وصولها إلى وسط مخيمنا في سهل بلدة ابل السقي لنعمل على تفريغها من محتوياتها التربوية مع المدرسين ونرتب صفا في الهواء الطلق لنبدأ للدراسة في جو مريح وهادئ".
من جهتها، أشارت صفاء إحدى مدرسات المدرسة الجوالة إلى أن "الحافلة مجهزة بالمواد التعليمية والترفيهية (كتب، ألعاب تعليمية، أقراص رقمية، قرطاسية، عدة أشغال يدوية، ألواح، كراسي، طاولات ، خيم ، معدات عرض سينمائية)، كما أن الحافلة معدة أيضا لتكون جاهزة لتقديم الاستشارات النفسية والجلسات العلاجية للأطفال".
وشرحت ميسم المشرفة على المدرسة الجوالة برنامج التعليم المعتمد وقالت "يتلقى الأطفال التعليم بطريقة غير اعتيادية حيث يقسمون إلى مجموعات وفق الفئات العمرية ومستوى التعليم لينتظموا في الصفوف مع أساتذة المواد المختلفة ومنشط اجتماعي".
من جانبها، قالت المدرسة سميحة إن "الأطفال بدافع حبهم للمعرفة والتعلم ينتظرون مجيء الحافلة بكل حماس، مما يشجعنا على انجاز برنامجنا".
وأضافت "يحب الأطفال حصة اللغة العربية ويتأففون من حصة اللغة الأجنبية، أما حصة اللعب فهي المفضلة لديهم لتنفيس طاقتهم".
أما الاختصاصية النفسية والاجتماعية منى مرمل فأشارت إلى أن الصعوبة الكبرى التي يواجهها الأساتذة في التعاطي مع الأطفال هي عدم تأقلمهم مع فكرة النظام والانضباط وتنكرهم للوقت إذ أغلب هؤلاء الأطفال لم يدخلوا المدارس يوما ولم يتلقون أي نوع من أنواع التربية السلوكية والنظامية".
وأكدت أنه "رغم المشاكل المتعددة فإن نسبة الاستفادة والتطور التعليمي لدى الأطفال يتحسنان بشكل تدريجي نظرا لاعجابهم بالحافلة وأملهم بتحسين واقعهم".
يذكر أنه يوجد في لبنان حوالي 500 ألف طفل سوري نازح في سن الدراسة بحسب مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين، وتتراوح أعمار هؤلاء بين 3 و 18 سنة.
وتشير احصاءات وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان إلى أن عدد الأطفال النازحين المسجلين في المدارس اللبنانية يتجاوز 158 ألف طالب موزعين على 238 مدرسة رسمية ويتلقون دروسهم مجانا وذلك عبر دوام مسائي ممول من الدول المانحة.