بكين 14 نوفمبر 2018 (شينخوانت) حقق بناء البنية التحتية الحضرية في الصين نتائج ملحوظة تماشيا مع تنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح وسير عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وبعد استضافة بكين دورة الألعاب الأولمبية عام 2008، ازداد عدد الركاب في مطار بكين الدولي بشكل سريع، فقد تجاوز عددهم حتى عام 2014، 83 مليونا ليتبوأ المرتبة الثانية في العالم. وقررت الحكومة الصينية بناء مطار جديد في حي داشينغ جنوب بكين لتلبية الاحتياجات المتزايدة. وتبلغ مساحة مطار داشينغ الدولي الذي سيكتمل بناؤه في نهاية يونيو العام المقبل 1.4 مليون متر مربع، وسيصبح أكبر مطار في العالم. ولا يعتمد بناء هذا المطار الجديد على الجهود الدؤوبة من المصممين والعمال المحليين المتفوقين فحسب، بل يجسد أيضا إسهامات الخبراء الأجانب، بمن فيهم مهندس سوري يدعى محمد مختار.
وفي الساعة الثامنة من صباح يوم 5 أكتوبر الجاري، ورغم أن معظم المواطنين الصينيين كانوا يعيشون في جو مفعم بالفرح والابتهاج من الاحتفالات بالعيد الوطني الصيني الذي استمرت عطلته سبعة أيام، فقد بدأ العمال أعمالهم اليومية في موقع بناء مطار داشينغ الدولي. ومن بين هؤلاء العمال والمهندسين، يوجد شاب أجنبي يرتدي الخوذة الصفراء، وهو المهندس السوري محمد مختار.
وفي عام 2015، حصل محمد على منحة دراسية وتوجه إلى الصين لنيل درجة الدكتوراه في علوم المواد من جامعة بكين للصناعة. وبعد وصوله إلى بكين، سمع أن في هذه المدينة يجري بناء أكبر مطار في العالم، الأمر الذي أثار اهتمامه، وكان تشده الرغبة الشديدة في المشاركة في تنفيذ هذا المشروع الضخم ويقدم إسهامه فيه، ثم أصبح مهندسا متدربا بمشروع بناء مطار داشينغ الدولي. وفي عام 2017، أكمل دراسته في الصين وحصل على درجة الدكتوراه، وكان بإمكانه العودة إلى بلده لجمع شمل عائلته، لكنه قرر البقاء في بكين حتى إنجاز المشروع. وقال إن المطار يعد بمثابة بطاقة للمدينة ويعكس أيضا مستوى تطور البلاد. وخلال مدة بقائه في بكين، شهد تغيرات هائلة طرأت على المدينة، ويشعر بشرف كبير أن يسهم في تنفيذ مشروع بناء المطار الجديد، وبالنسبة له، فإن المطار الجديد مثل مولوده يجب عليه الانتظار حتى موعد ولادته.
وبصفته متخصصا في علوم المواد، يرى محمد أن هذا المشروع يهدف إلى بناء مطار صديق للبيئة، ويعكس فكرة تصميم متقدمة ومستوى بناء عالميا.
وجدير بالذكر، أن بناء المطار الجديد يجري وفقا لمفهوم حماية البيئة وتوفير الطاقة، حيث خُفض ارتفاع المبنى الرسمي من 80 مترا إلى 50 مترا لزيادة المساحات الوظيفية المستخدمة للإضاءة الطبيعية والتهوية الطبيعية من أجل تقليل استخدام مكيفات الهواء وتوفير الطاقة الكهربائية، وزيادة استخدام الطاقة الحرارية الأرضية وغيرها من الطاقات الخضراء ومواد حماية البيئة أثناء تطبيق مشروع البناء. وبجانب ذلك، فمن المتوقع أن تكون جميع المركبات المستخدمة لنقل الركاب بين مختلف المباني التابعة للمطار مركبات عاملة بالطاقة النظيفة.
وقال محمد إن الأيام التي قضاها في موقع بناء المطار الجديد ببكين لن ينساها طيلة حياته، حيث ترك ذكاء المهندسين الصينيين وروحهم المتمثلة في احترام عملهم انطباعا عميقا لديه، وقد تعلم منهم معارف كثيرة لا تُدرَس في الجامعة.
وبعد سنة، سيفتتح المطار الجديد في بكين، وسيصبح رمزا جديدا ومركزا مهما للمواصلات في الصين. وبعد سنة، سيعود محمد إلى سوريا، ويأمل في أن تستطيع بلاده التعلم من خبرات الصين في مجال التنمية، لكي يعيش أبناؤه حياة سعيدة.