بغداد 9 ديسمبر / أكد مصطفى الهيتي رئيس صندوق إعمار المناطق المتضررة من الإرهاب في العراق، أن الخلاقات السياسية مازالت تعيق عمليات الإعمار وتعطي رسائل سلبية للمجتمع الدولي، مبينا أن الدول المانحة والمستثمرين لن يقدموا الأموال للاعمار في ظل عدم اكتمال التشكيلة الحكومية واستمرار الخلافات السياسية.
وأوضح الهيتي في مقابلة خاصة مع وكالة انباء ((شينخوا)) أن الدول المناحة والمستثمرين يبحثون عن بيئة آمنة ووضع سياسي مستقر كونهم يريدون أن توظف أموالهم في المشاريع والغايات التي اعطيت من اجلها.
وأشار الهيتي إلى أن وقت عقد مؤتمر المناحين في الكويت بشأن إعمار العراق غير مناسب قائلا "إن الانتخابات البرلمانية العراقية تزامنت مع مؤتمر الكويت، وهذا يعني تغيير النظام السياسي، والدول تتأنى لكي تعرف الوضع السياسي في العراق ومن سيقود دفة البلد، وهل سيتقدم أم يتراجع للخلف".
وأضاف "انتهت الانتخابات وبدأت مرحلة تشكيل الحكومة وإلى اليوم لا توجد حكومة مكتملة، لذلك بدون أن تكون هناك حكومة كاملة لا يمكن للمجتمع الدولي أن يقدم الأموال" داعيا إلى الاسراع في إكمال تشكيلة الحكومة، لأن ذلك يبدد مخاوف المجتمع الدولي ويعطي رسالة اطمئنان للمانحين والمستثمرين.
وحول مؤتمر الإعمار الذي عقد في بغداد مؤخرا تحت عنوان (قفزة للامام) قال الهيتي إن"هذا المؤتمر الدولي شاركت فيه بحدود 50 شركة عالمية وعربية وعراقية، وهو مؤتمر عملي مهني، تناول أربعة محاور الأول، ماذا حقق الصندوق خلال السنتين الماضيتين، وهي فترة نشاط الصندوق، والمحور الثاني يتعلق بالاستثمار لأن الإعمار والاستثمار جناحين يمكن أن يتقدم بهما العراق".
وأشار إلى أن المحور الثالث يشمل دور المصارف في عملية الإعمار، والمحور الرابع دور الوزارات العراقية في إعادة الاعمار، واصفا المؤتمر بأنه مواجهة حقيقية بحضور شخصيات مهنية بالاضافة إلى وجود صانعي قرار في هذا المؤتمر.
وبشأن الخسائر العراقية جراء الحرب على الارهاب قال الهيتي"حسب وثيقة الاضرار والخسائر الدولية، التي صادق عليها البنك الدولي كتعويض لما جرى في 2014 بلغت الخسائر 88 مليار دولار".
وأضاف "لا يمكن للعراق أن يوفرهذا المبلغ، كما لا يمكن للدول المانحة أن تعطي هذا المبلغ، والقروض تثقل كاهل الموازنة العامة، والحل الامثل لهذه المشكلة هو تقسيم المشاريع إلى قسمين وفق استراتيجية الصندوق، وباعتبار تحول العراق إلى السوق الحر بعد 2003 فكل القطاع الانتاجي تم تحويلة للاستثمار حتى يخفف من كاهل الموازنة وبالتالي فان نحو 50 بالمائة من هذا الثقل على الموازنة سيخرج، بالاضافة إلى ذلك تنشيط العملية الاقتصادية وتشغيل الايادي العاملة في البلد، أما ما يخص المشاريع الخدمية مثل الطرق والجسور وبناء المدارس والمراكز الصحية والخدمات الاخرى فهذا ما يتم العمل عليه حاليا".
وتابع "أن الاموال المرصودة للصندوق لا تتناسب إطلاقا مع حاجة الاعمار والمبلغ الكبير الذي يحتاجه، واليوم وبعد مرور نحو ثلاث سنوات على تأسيس الصندوق لم نحصل إلا على أقل من 2 بالمائة من الحاجة الفعلية لنا، وبالتالي فان مساحة 40 بالمائة من العراق التي تحتاج لاعادة اعمار لايمكن إعمارها بهذه المبالغ الزهيدة"، مبينا أن الوحدات السكنية المتضررة وصلت إلى 147 الف وحدة سكنية أصيب نحو 50 بالمائة منها بضرر كلي.
وكشف الهيتي أن المشاريع التي يعمل عليها صندوق الإعمار هي 743 مشروعا منها 499 مشروعا بتمويل من الموازنة الفدرالية وبقية المشاريع بالاعتماد على القروض والمنح الدولية، مبينا أن 441 من هذه المشاريع قد انجزت وبواقع 150 مشروعا في عام 2016 و 163 مشروعا في 2017 و 183 مشروعا في 2018 من بينها مجموعة من الجسور تم انجازها في محافظات الموصل وصلاح الدين وكركوك وديالى، وعمليات تبليط لعدد من الطرق الرئيسية التي تربط بين المحافظات وتربط العراق بدول الجوار وانجاز مشاريع في مجال الكهرباء والماء الصالح للشرب والمدارس والمراكز الصحية.
ووصف الهيتي هذه المشاريع التي نفذها الصندوق بأنها مهمة جدا واسهمت في عودة النازحين وتقليص عددهم من ستة ملايين الى مليون و900 الف نازح.
وأكد أن الصندوق يركز على نقطة مهمة أخرى وهي إعادة بناء الانسان في المناطق المحررة، قائلا "لدينا برنامج نطلق عليه برنامج الدعم الانساني ، حيث تم ايجاد مراكز تخصيصيه في هذه المناطق لدعم الناس، وعلى سبيل المثال فان أحد المراكز في مدينة الموصل، سجل التحاق 35 الف شخص طوعيا من مختلف الاعمار للمعالجة من الاثار النفسية للحروب والكوارث التي سببتها فلسفة تنظيم (داعش) الاجرامية في تفخيخ الاطفال والاعمال الاجرامية الاخرى التي قام بها.
وبشأن العقبات التي تواجه عمل الصندوق، قال الهيتي " الاجراءات البيروقراطية الحكومية وعدم وجود قانون ينظم عمل الصندوق وعدم وجود موظفين على الملاك الدائم للصندوق وانما تنسيب موظفين من دوائر أخرى لمدة سنتين وهذا يعني فقدان الخبرات التي نقوم ببنائها، وكذلك اعتماد مبدأ تصفير الميزانية أي أن المبالغ في الموازنة لا تدور وهذا يمثل عائق بالنسبة لنا لأن مشاريعنا مستمرة، وتأخر المحافظات في تقديم المشاريع أيضا يعيق عمل الصندوق، فضلا عن أن عمل المنظمات غير الحكومية يجب أن يرتبط بجهة منظمة حتى لا تكون هناك تقاطعات في العمل بيننا وبينهم وهذا يحدث كثيرا في الوقت الحالي.
وبالنسبة لتعويض المتضررين من العمليات الإرهابية، أجاب الهيتي، هل أن التعويضات بالمستوى المطلوب؟ وهل أن الامكانيات الادارية والمالية تسهل عملية التعويض؟، مجيبا على تساؤله" طبعا لا وهذه إحدى المشاكل التي يعاني منها المواطن العراقي، ولدينا مشروع في الصندوق لانتداب شركات استشارية عالمية قد تكون اكثر مهنية في هذا المجال".
وخلص إلى القول أن "موضوع الإعمار لا يوجد فيه سقف زمني، ولكن يمكن أن نحدده بمراحل وهي الأهم، والمهم، والمشاريع التي تحتاج لوقت طويل، فالاشياء الضرورية لحياة الناس يتم التعامل معها وفق المدى القصير وهو أقل من سنتين ونصف وتشمل الماء والكهرباء والصحة والطرق والجسور، لكن موضوع مثل إعادة إعمار المعامل الانتاجية غير موجود في إعادة الاعمار حاليا ويمكن أن يحال إلى المشاريع طويلة الأمد التي تنجز بالاستثمار".
وتأسس صندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة من العمليات الارهابية عام 2015، وذلك ليكون جهازا ينسق بين المنظمات الدولية والوزارات العراقية في عمليات إعادة الاعمار السريعة وينفذ عمليات إعادة الإعمار متوسطة وطويلة الأجل بالمناطق التي يتم تحريرها من سيطرة تنظيم داعش، وبدأ الصندوق عمله بعد أن تمت تسمية عبد الباسط تركي سعيد، رئيس ديوان الرقابة المالية السابق، رئيسا له، وخلفه الهيتي في عام 2016 وخصصت حكومة العراق مبلغا اوليا للصندوق قدره (500) مليار دينار عراقي في موازنة عام 2015.
يذكر أن التنظيم الارهابي سيطر على نحو 40 بالمائة من الاراضي العراقية شمال وغرب بغداد، وذلك بعد اجتياحه مدينة الموصل في العاشر من يونيو 2014، حتى طردته القوات العراقية منها في العاشر من يوليو 2017 .
واعلن رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي في التاسع من ديسمبر العام الماضي تحرير جميع الأراضي العراقية من سيطرة التنظيم الارهابي ، مؤكد أن القوات العراقية فرضت سيطرتها على جميع المنافذ الحدودية.