وارسو 21 فبراير 2019 / أصبح تسجيل مقاطع فيديو قصيرة وتحريرها وتحميلها إلى تطبيق "تيكتوك" لمشاركة مقاطع الفيديو القصيرة، المعروف أيضا باسم "دويين" في الصين، روتينا يوميا لفتاة بولندية تدعى أليسيا بوغويزد.
حينما قامت الفتاة ذات الـ19 ربيعا بتنزيل التطبيق، لم تكن تتوقع أنه في يوم ما، ستلقى مقاطع الفيديو الخاصة بها إعجاب ملايين من الناس.
في غضون أشهر قليلة منذ قيامها بتحميل أول مقطع فيديو لها، نشرت بوغويزد قرابة 300 مقطع فيديو قصير على "تيكتوك"، وهو ما جذب حوالي 230 ألف معجب وحظي بـ5.6 مليون إعجاب.
هناك الكثير من المستخدمين بتواتر كثيف لتطبيق "تيكتوك" في جميع أنحاء العالم، من مثيل بوغويزد. ووفقا للتقرير السنوي لعام 2018 الذي صدر في 29 يناير عن شركة (بايتدانس) الصينية، التي تملك "تيكتوك"، فإن أكثر من 500 مليون شخص يستخدمون التطبيق على الأقل مرة في الشهر، ويفتح أكثر من 200 مليون شخص التطبيق كل يوم.
ومع ازدياد شعبية أشرطة الفيديو القصيرة في أرجاء العالم، أصبح "تيكتوك" نافذة للناس للتعرف على الصين. وقال بعض الأشخاص إنهم وجدوا أخيرا وسائل أخرى، بعيدا عن وسائل الإعلام، للتعرف على الأشخاص الصينيين الموهوبين وحياتهم الغنية بالألوان.
-- نجاح فوري في 2018
وتطلق بوغويزد على نفسها لقب "تيكتوكر"، وهو ما يعني الشخص الذي يحمل بانتظام أشرطة الفيديو على "تيكتوك". وقالت إن "تيكتوك" حاليا هو رمز للموضة والصيحات.
وقالت بوغويزد لوكالة أنباء ((شينخوا)) "أعتقد أن تيكتوك هو تطبيق رائع يربط الناس...لقد قابلت الكثير من الناس على تيكتوك ممن يحبون تسجيل المقاطع، مثلي تماما".
وكما ذكرت بوغويزد، فإن المزيد من الناس يقومون بتحميل ومشاهدة مقاطع الفيديو، والتعرف على أصدقاء جدد على "تيكتوك"، مما يجعله واحدا من أكثر التطبيقات شعبية في العالم في عام 2018.
ووفقا لتقرير صادر عن شركة "سينسور تاور"، وهي شركة أبحاث سوق أمريكية، لم يشهد أي تطبيق انتشارا واسعا على الساحة في عام 2018 مثلما جرى مع "تيكتوك".
كما جاء في المرتبة 4 في متجر تطبيقات آبل "آب ستور" ومتجر "غوغل بلاي"، مع أكثر من 650 مليون عملية تثبيت. ومع أقل من 130 مليون عملية تنزيل في عام 2017، فإن هذا يمثل زيادة بنسبة قدرها 416 في المائة.
في "جائزة الأفضل في غوغل بلاي لعام 2018" التي تم الإعلان عنها مؤخرا، فاز "تيكتوك" بجائزة "أفضل تطبيق ترفيهي لعام 2018"، وحصل على لقب "اختيار المستخدم" في كوريا الجنوبية واليابان والمكسيك، وفاز بجائزة "أفضل تطبيق" في أندونيسيا.
وقال "غوغل بلاي" إن السعادة هي القوة الدافعة وراء استخدام المستخدم المتكرر للتطبيق. ولمساعدة المستخدمين في الحصول على ترفيه عالي الجودة وقضاء وقت ممتع، تأتي أفضل تطبيقات الترفيه مع إبداعات رائعة.
وذكر غوغل بلاي أن "هذه التطبيقات ليست لمجرد تمرير الوقت - بل هي لتحقيق أقصى استفادة منه. اضبط الإيقاع، وأوقف التشغيل، واجعل العالم مسرحك عندما تكون في المنزل أو خلال التنقل".
وأفاد فايلانت يان، وهو مهندس برمجيات في تطبيق "تشوفور برايف" الفرنسي للتوصيل، إن "تيكتوك" يسمح لأي شخص بأن يكون خلاقا وتبادل مقاطع الفيديو القصيرة بسهولة.
وصرح مايكل ويتكوفسكي، وهو "تيكتوكر" بولندي آخر، لوكالة أنباء ((شينخوا)) بأنه قضى ساعات كثيرة فقط وهو يشاهد مقاطع فيديو على "تيكتوك". وقال إن "فكرة مقاطع الفيديو القصيرة مع الموسيقى تجعلني مهتما حقا. أعتقد أن هذا هو ما أحبه أكثر - مقاطع فيديو قصيرة تتضمن موسيقانا المفضلة. إنه أمر بسيط جدا ولكنه يقدم العديد من الطرق للتعبير عن أنفسنا".
-- مركز للسعادة
شعبية "تيكتوك" ليست أمرا من قبيل الصدفة على الإطلاق. ليس فقط لأن التطبيق يحتوي على مجموعة واسعة من المحتويات، بما في ذلك الدراما والكوميديا والرقص والغناء، ولكن أيضا لأنه يمكن أن يجلب السعادة ويبعث بموقف إيجابي ومتفائل للمشاهدين.
وقالت بوغويزد "عندما أذهب إلى هذا التطبيق وابدأ مشاهدة مقاطع الفيديو، فإنه من الصعب الابتعاد عنها. أعتقد أن أصدقائي يشعرون بالشيء نفسه. هناك الكثير من الفكاهة في ذلك".
ومتفقا مع شعور بوغويزد، لفت ويتكوفسكي إلى أنه لا يستطيع التوقف عن قضاء الوقت على التطبيق، قائلا إن "تيكتوك يجعلني سعيدا وأنسى في بعض الأحيان الوقت".
وفي حديثه عن الاتجاه الذي يريد التعبير عنه، قال ويتكوفسكي "أريد فقط نشر السعادة والمشاعر الجيدة. أقوم فقط بإعداد مقاطع فيديو كوميدية لجعل الناس يضحكون. أعتقد أن تيكتوك يختلف عن المنصات الأخرى لأننا نريد فقط الاستمتاع على هذا التطبيق ونكون سعداء".
لا يجلب "تيكتوك" البهجة للمستخدمين فحسب، وإنما يظهر أيضا الحياة الجميلة، التي يتابعها أناس عاديون وراء العدسة.
في الآونة الأخيرة، أصبحت سلسلة من مقاطع الفيديو الصينية ذات شعبية في جميع أنحاء العالم. بدأ كل مقطع فيديو بطفل صغير ينادي أحد أبويه. ثم يأتي أحد الأبوين مبتسما، قبل الالتفات والمناداة أيضا على أحد أبويه. ثم يدخل الجيل الأكبر ويقوم بالشيء نفسه.
بعد مشاهدة مقاطع الفيديو هذه، شعر الكثير من الناس بالتأثر عاطفيا. وجاء في أحد التعليقات "هذا هو ما صُنع الانترنت لأجله حقا". وبدأ كثيرون في إتباع نفس النهج والتقاط صور لأفراد أسرهم، أو تحميل صور لأربعة أجيال يعيشون سوية.
وقالت باربرا غيزا، رئيسة كلية الصحافة في جامعة "سوبس" للعلوم الاجتماعية والإنسانية في وارسو ببولندا، إن "تيكتوك" يظهر إبداع الناس العاديين. لقد قام بفعل شيء جديد ومضحك ومثير للاهتمام وعزز التفاهم بين الثقافات المختلفة.
وأضافت أن "تيكتوك يجذب الكثير من المستخدمين لأنه، كما هو الحال تماما في وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، يمكن أن يكون شكلا من أشكال التعبير، وأحيانا بطرق مبتكرة للغاية".
وقال تشان تشينهوي، وهو أستاذ مشارك في كلية الصحافة بجامعة الصين للاتصالات، إن معظم مقاطع "تيكتوك" هي محتوى من إنتاج مستخدم أو محتوى من إنتاج مستخدم محترف، حيث تظهر الحياة اليومية أو الترفيه لأناس عاديين، ويمكن أن تثير رنينا وردودا بين الأقران.
-- التكنولوجيا المتقدمة
ولفتت غيزا إلى أن سهولة استخدامه وأدواته هي جزء من الأسرار التي تجعل من "تيكتوك" جذابا، مضيفة أنه "مع تحكم بإصبع واحد، يمكنني تغيير الفيديو ببساطة وبسرعة شديدة - مع حركة واحدة فقط من إصبعي، ليس مثل بعض منصات الفيديو الأخرى، حيث يتعين علي إيقافه أو البحث في قائمة، والتي تبدأ حاليا في أن تكون مملة وقديمة الطراز".
وأشارت إلى أن "تيكتوك يوفر مجموعة أدوات سهلة. كل شخص يملك هاتفا ذكيا وفكرة يمكن أن يبتكر شيئا غير عادي ويمكن أن ينتشر بسرعة".
وأوضح تشان أنه بفضل التطور السريع في الانترنت عبر الهاتف النقال في الصين، والمنتجات المتقدمة نسبيا، وتجربة المستخدم الجيدة، تمكن "توكتوك" من الهيمنة على السوق في مثل هذه الفترة القصيرة من الزمن.
ووفقا لتقرير صادر عن مركز معلومات شبكة الانترنت في الصين، فإنه اعتبارا من يونيو 2018، وصل عدد مستخدمي الانترنت عبر الهاتف النقال في الصين إلى 788 مليون مستخدم، وهو ما يمثل 98.3 في المائة من إجمالي مستخدمي الانترنت في البلاد.
وذكر التقرير أنه في الربع الثاني من عام 2018، بلغ متوسط سرعة التنزيل لمستخدمي نطاق الهواتف العريض، الذي يتصلون بالانترنت عبر شبكات 4 جي، 20.22 ميغابايت/ثانية، بزيادة 50.2 في المائة على أساس سنوي.
وتوقعت شركة "نيوزو" للأبحاث، والتي يقع مقرها في أمستردام، في تقرير سنوي، أنه بحلول نهاي عام 2019، سيصل عدد مستخدمي الهواتف الذكية إلى 3.3 مليار في جميع أنحاء العالم، مع حلول الصين على رأس القائمة بحوالي 830 مليون مستخدم، أو أكثر من 25 في المائة من الإجمالي العالمي.
وبعيدا عن "تيكتوك"، عزز ازدهار الانترنت عبر الهاتف النقال في الصين ظهور مجموعة من منصات وسائل التواصل الاجتماعية، التي شهدت العديد منها نموا سريعا لمستخدميها على الصعيد العالمي.
-- نافذة على الصين
لقد مكنت شعبية وسائل التواصل الاجتماعية الصينية، وخاصة "تيكتوك"، المزيد من الناس من الحصول على لمحة عن الحياة اليومية للصين والشعب الصيني.
وقالت بوغويزد إنها تحب مشاهدة إبداعات "تيكتوكرز" صينيين، مضيفة "أنهم أناس مبدعون للغاية! لديهم دائما أفكار رائعة".
وأعربت عن اعتقادها بأن وسائل التواصل الاجتماعية هي طريقة جيدة لمعرفة المزيد عن الصين. وأفادت "أعرف بشكل شخصي مدى روعة بعض مقاطع الفيديو التي تحتوي على طعام صيني بالنسبة لي، لأنها مختلفة تماما عن الأطعمة في بولندا. كما تظهر الكثير من الأفلام أناس يرقصون وفي الخلفية هناك منظر لمدينة ما...بعض هذه المناظر تخطف الأنفاس".
وتابعت بوغويزد أن "المستخدمين الصينيين يجلبون الكثير من الأشياء الجديدة إلى حياتنا على تيكتوك. كل شخص لديه عادات مختلفة وبفضل هذا التطبيق يمكننا التعرف عليها".
وقالت غيزا لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن قسم التعليق أيضا "يخلق وضعا فريدا حيث يتحدث أناس عاديون من جميع أنحاء العالم بشكل مباشر - هذا يساعد العالم على معرفة الصين والصينيين الحقيقيين وليس من القنوات الإخبارية والعناوين الرئيسية".
وصرح تشان بأن التبادلات الثقافية بين الصين والدول الأخرى يجب أن تكون متعددة المستويات ومتعددة الأشكال ومتعددة الجوانب، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي بالفعل جسرا لمثل هذه التبادلات.
![]() |