تعليق: قمة شرم الشيخ تفتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات العربية ـ الاوروبية

اختتمت القمة العربية الأوروبية الأولى أعمالها التي استمرت يومين في شرم الشيخ المدينة الساحلية للبحر الأحمر في مصر يوم 25 فبراير الجاري، حيث اجتمع ما يقرب من 50 رئيس دولة وحكومة لفتح الباب للتواصل حول التعاون الثنائي والقضايا الإقليمية الساخنة ومواجهة الوضع الدولي المعقد. ووفقاً للتقارير، قرر الطرفان عقد اجتماعات منتظمة، وأن القمة التالية ستعقد في مقر الاتحاد الأوروبي ببروكسل في عام 2022.

تهديدات كثيرة تعزز القلق المشترك

أشار التحليل عمومًا إلى أن الشرق الأوسط وأوروبا يمكنهما فتح منصة اتصالات جديدة وفقا التغييرات في الوضع الدولي والتركيز على المشكلات والاحتياجات الإقليمية التي يواجهها الجانبان.

في الوقت الراهن، الشرق الأوسط بحاجة إلى مساعدة أوروبية. وأشار لي وي جيان، باحث في معهد دراسات السياسة الخارجية في معهد شانغهاي للدراسات الدولية ونائب رئيس الجمعية الصينية لبحوث الشرق الأوسط إلى ان الوضع في الدول العربية يتحسن بشكل عام في ظل الجهود التي تبذلها جميع الأطراف. وأن انكماش الولايات المتحدة أدى الى خلق فراغ في السلطة في المنطقة العربية. كما أن الاضطرابات التي تشهدها المنطقة اضعفت قوة جامعة الدول العربية بشدة ولم تعد قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي.

وقال لي وي جيان أنه من الناحية الاقتصادية، فإن استقرار الوضع الداخلي في سوريا، وبداية عودة اللاجئين السوريين في تركيا جعل الشرق الأوسط بحاجة إلى دعم اقتصادي أوروبي لتعزيز إعادة إعمار الشرق الأوسط. وأن أوروبا تراقب عن كثب الأمن والقضية النووية الإيرانية ومكافحة الإرهاب وغيرها من المواضيع الساخنة، وفي غياب القوة الأمريكية الصلبة، يحتاج الشرق الأوسط إلى المساعدة الاوروبية لتحقيق التوازن بين القوى الإقليمية.

أشارت الفاينانشيال تايمز بصراحة إلى أن تضخم الأزمة في أوروبا يعود الى التغيرات في المشهد الجيوسياسي العالمي. وفي نفس الوقت، نقلا عن دبلوماسيين من الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي قولهم، إن اوروبا لا يمكن أن تقف ساكنة وتتجاهل العالم الخارجي في مواجهة الوضع غير الموات.

وفي الوقت الراهن، لا تزال اوروبا تعاني من أزمة اللاجئين. قالت يان جين المديرة التنفيذية لمركز الدراسات الأوروبية في جامعة الشعب الصينية، حول قضية اللاجئين، أن اوروبا تتطلع الى التعاون لإقامة مركز اللاجئين كحاجز في شمال إفريقيا، وفحص اللاجئين الذين يدخلون أوروبا. وتعتقد دول شمال افريقيا أن انشاء مركز اللاجئين يعني انتهاك السيادة. وفي ظل هذه الظروف، تحتاج اوروبا بشكل عاجل الى تعزيز الحوار مع الشرق الاوسط بهدف البحث عن وضع مربح للجانبين.

كما تأمل أوروبا أيضا أن تصل الى التعاون الاقتصادي مع الشرق الأوسط على أساس ضرورة الحد من الإرهاب. وأشار محللون إلى أن تحسين الوضع الاقتصادي للدول العربية هو السبيل الأساسي للحفاظ على الاستقرار. وتعتقد يان جين أن للدول الاوروبية مصالح طاقوية في الشرق الاوسط، في حين أن الدول العربية يمكنها تعزيز الانتعاش الاقتصادي في البلاد من خلال التعاون الاقتصادي، ولكن أيضا يساعد على الحد من تدفق اللاجئين، والحد من انتشار للإرهاب، وهذا أمر جيد لكلا الجانبين.

التعاون العربي ـ الأوربي على طريق بعيد وثقيل

وقعت الأطراف المشاركة في ختام القمة العربية الأوروبية الأولى على " إعلان قمة شرم الشيخ" وتوصلت إلى توافق حول العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك. ومع ذلك، بالنظر الى النص الكامل، فإن مضمون الإعلان هو في الغالب إعادة تأكيد لقضايا الماضي، ولم يتضمن نتائج جوهرية جديدة. وبالنسبة للدول العربية واوروبا، فإن الأهمية الرمزية للقمة أكبر بكثير من المعنى الحقيقي.

ومع ذلك، فإنه في إطار فرضية تعزيز التواصل، سيلعب الجانبان دوراً أكثر نشاطاً وبارزاً في المستقبل كقوة مهمة في حل الشؤون الدولية. واشارت يان جين الى أن هذه بداية تاريخية، وعلى الرغم من الاختلافات والتناقضات بين الجانبين، فإن توسيع قنوات الحوار من خلال القمة وإنشاء آلية للاجتماعات المنتظمة بين الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي لا تفضي إلى تعزيز التنمية المستقرة للعلاقات الثنائية فقط، ولكن ايضا تعزيز الاستقرار والتضامن الاقليميين.

بالنظر إلى المستقبل، لدى كلا الجانبين مساحة واسعة لتحسين وتعزيز التعاون بالحوار. وتعتقد يان جين أن البعد التدريجي بين الولايات المتحدة واوروبا، وبرودة العلاقات الروسية ـ الاوروبية، دفع الاتحاد الاوروبي إلى فتح بشكل عاجل أسواق جديدة للطاقة. وعلى المدى القصير، يمكن للجانبين بسرعة تعزيز التعميق التدريجي للتعاون في مجال الطاقة.

وبالنظر إلى الشرق الأوسط، ضرورة حل الخلافات بين الدول العربية. قال لي وي جان:" التناقض بين إيران ودول الخليج سبب احتكاكًا داخليًا كبيرًا، كما أن دول الشرق الأوسط لديها خططها الخاصة في النزاع حول حق إعادة بناء سوريا أيضًا. وأن القضاء على التناقضات وتوازن المصالح من خلال التشاور شرط أساسي هام بالنسبة لجامعة الدول العربية لتنفيذ التعاون الدولي.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تدخل القوى الكبرى هو أيضا أحد عناصر مقاومة جامعة الدول العربية لتنفيذ التعاون الدولي. وأشار لي وي جيان إلى أن الولايات المتحدة لا تزال تركز على تشكيل تحالف سياسي مع الدول السنية للتعامل مع إيران بشكل مشترك. وإن استخدام قوة جميع الأطراف لتقليل النفوذ السياسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط هي أيضاً مسألة تحتاج الجامعة العربية إلى التركيز عليها.